روبوت يحاكي الكائنات الحيَّة - يطير ويزحف كالحشرات، تعرفوا على SCAMP
الهندسة والآليات >>>> الروبوتات
يقولُ Morgan عن الروبوت الذي قام بتصميمِه: "يُحاكي هذا الروبوت عدداً من الحشراتِ والطيورِ في آن معاً، فأرجلهُ الطويلة تشبه أرجلَ حشرتي الحصّاد وفرس النبي، وهو يستطيعُ الطيرانَ كطائرِ الطّنان والتسلُّقَ كطائرِ نقار الخشب. يقومُ Morgan بعملياتِ البحثِ ضمنَ مخبر"Biomimetics and Dexterous Manipulation" الموجودِ في جامعةِ ستانفورد، والمعنيِّ بالبحثِ في الروبوتاتِ التي تُحاكي الكائنات في الطّبيعة الأم.[1]
اشتقّ اسمُ "SCAMP" من الأحرفِ الأولى للجملةِ "Stanford Climbing and Aerial Maneuvering Platform“ أي روبوت ستانفورد القادر على التّسلقِ والمناورةِ الجويّة. يمتلكُ هذا الروبوت أيضاً نظاماً للحمايةِ منَ السقوطِ و قدرةً على الإقلاع وهو في الوضعِ الشاقولي.وسنتابع في بقية المقال مزيد من التفاصيلِ لأنظمةِ الروبوت المختلفة.[1]
Image: stanford university
القدرةُ على التسلُّق
يحتاجُ الروبوت أحياناً لأن يتحركَ قليلاً بعدَ الهبوط، إما ليبحثَ عن إشارةِ اتصالٍ أفضلَ أو للبحثِ عن مكانٍ للاختباء، وهذه هي الفائدةُ التي يقدّمها نظامُ التسلُّق، فهو مسؤولٌ عن تموضع الروبوت بمكانٍ مُحدَّدٍ بشكلٍ دقيق جداً، فلو كانت الطائرةُ رباعيةُ المراوحِ تعملُ لوحدها، لن تتمكَّنَ من التموضعِ في أي مكانٍ بذاتِ الكيفيةِ التي يفعلها نظامُ التسلُّق. ويقوم هذا الروبوت بالتسلقِ باستخدام تكنولوجيا تُدعَى الالتصاقَ الاتجاهيَّ (أي الالتصاقَ عند التحرُّكِ باتجاهٍ ما وعدمَ الالتصاقِ عند التحركِ بالاتجاه المعاكس). حيث تقومُ مخالبٌ مكرويّة معلقةٌ على أرجلِ الروبوت تُدعى "Microspines" (وهي عبارةٌ عن عددٍ كبير من الإبَر الحديديَّة الميكرويّة) بتحقيقِ هذه التكنولوجيا على أرضِ الواقعِ، وهي مستوحاةٌ من طريقةِ تسلُّقِ الحيوانِ المعروف بـ (الوزغ - أبو بريص) للجدران.[1]
يحتوي نظامُ التسلُّقِ في "SCAMP" بالإضافةِ إلى ذلك على محركَي مؤازرة "Servo"، يتمتعُ أحدُهما بعزمٍ كبيرٍ ليكون قادراً على تحريكِ الأرجل بشكلٍ متناوب، أما الآخرُ ذو العزمِ الأصغرِ سيكونُ مسؤولاً عن تحريكِ الروبوت باتجاهِ الجدار أو بعيداً عنه. يعملُ ذيل الروبوت على المحافظةِ على التوازنِ أثناءَ الحركة.[1]
تمّ تصميمُ أرجلِ الروبوت بحيث تكون طويلةً قدر الإمكانِ لتحقيقِ سرعةٍ في التسلُّقِ، وهذه الفكرةُ مستوحاةٌ من الحشراتِ مثلَ فرسِ النّبي والحصّادِ كما ذكرنا سابقاً، ولكنَّ طولَ الأقدامِ الكبيرِ قد يؤدِّي إلى زيادةٍ في الوزنِ تؤثِّرُ سلباً على الطاقةِ المُستهلَكة، ولذلك تمَّ صناعةُ هذه الأرجل من أليافِ الكربونِ النّانويّةِ لتجاوز هذه المشكلة. وحصلنا في النتيجة على أرجلٍ طويلةٍ بوزنٍ مناسبٍ، بحيث تكونُ النّسبةُ بينَ الوزن والطّول متساويةً إلى حدٍّ ما، مع النّسبةِ بين وزنِ وطولِ الأرجلِ في الحشرات.[1]
Image: stanford university
الإقلاع والهبوط
تفقدُ الطائراتُ السَّيطرة عند اقترابِها من انتهاءِ عمليةِ الهبوط، إذ لا بدّ من حدوثِ اصطدامٍ بينَ الطائرةِ والسّطحِ المرادِ الهبوطِ عليه، مهما كانَ هذا الاصطدامُ خفيفاً. لذلك كانَ من المفروضِ على مطوّري الروبوت إيجادُ طريقةٍ للهبوط مع امتصاصِ تأثيرِ الاصطدام. بالنظرِ للطبيعةِ نجدُ أنّ الطيورَ على سبيلِ المثالِ تستخدمُ قوةً آيروديناميكيةً للحدِّ من هذا التأثيرِ، وهذا ما اعتمدَهُ فريقُ العملِ في "SCAMP".
يقومُ الروبوت عندَ عمليةِ الهبوط أولاً بملاصقةِ ذيلهِ مع الجدارِ الّذي يُريدُ الهبوطَ عليه، ريثما يقومُ حسَّاسُ التسارعِ بتحديدِ أثرِ الصدمةِ بينَ الروبوت والجدار. تعملُ عندها مراوحُ الطائرةِ بأقصى سرعةٍ ممكنةٍ، مما يجعلُ الروبوت يلتصقُ بالجدارِ بشكلٍ كاملٍ بفعلِ القوةِ الآيروديناميكيةِ الناتجة عن عملِ المراوح. يلتصقُ عندها الروبوت بالجدارِ بواسطةِ المخالبِ المكروية، وتبقى المراوحُ تعملُ حتى تتوقفَ الاهتزازاتُ الناجمةُ عن الاصطدامِ بين الروبوت والجدار بشكلٍ كليّ. تتوقفُ أخيراً المراوحُ عن العملِ ويبدأُ الروبوت بالتّسلق.[1]
يقومُ محرِّكُ السيرفو الثّاني (ذو العزمِ الأقلِّ) عندَ عمليةِ الإقلاعِ، بتحريكِ ما يُسمى ذراعَ الإقلاعِ التي تعملُ على إبعادِ الروبوت عن الجدارِ، وفكِّ الالتصاقِ الحاصل. وبعدَ أنّ يبتعدَ الروبوت عن الجدارِ، تبدأُ المراوحُ بالدورانِ وتبدأُ عمليةُ الطيران.[1]
Image: stanford university
نظام الحماية من السقوط
يمتلكُ الروبوتُ عدّةَ أنظمةٍ تعملُ معاً، كنظامِ الطيرانِ ونظامِ التّسلقِ وبقيةِ الأنظمة، ومما لا شكّ فيه أنّ هذه الأنظمةَ ستؤثِّرُ على بعضها البعض. وزنُ المراوحِ الزائدُ على سبيلِ المثالِ سيؤثرُ سلباً على قدرةِ التسلقِ، نظراً للوزنِ ستضيفُه المراوحُ على الوزنِ الكليّ. ومن جهةٍ أُخرى سيُقدِّمُ نظامُ الطيرانِ فائدةً عظيمةً تتمثلُ بنظامِ الحمايةِ منَ السّقوط. عندما يخطئُ الروبوت بإحدى الخطوات ولا يلتصقُ بالجدارِ بالشّكلِ الصحيحِ يُؤدي ذلك إلى سقوطِ الروبوت، ولكن هذا السقوطَ يجعلُ حساسَ التسارعِ يُرسلُ إشاراتٍ، تعطي الأوامرَ للمراوحِ لتعملَ على إثرِها، وتُعيدَ تموضعَ الروبوتِ على الجدار، وذلك بطريقةٍ مشابهةٍ لعمليةِ الهبوطِ في أوّلِ مرّة.[1]
في الحقيقة، سبقتنا الطبيعةُ لهذا الأمر، فحتى الحيواناتُ والحشراتُ غيرُ القادرةِ على الطيرانِ تستعملُ القوة الآيروديناميكية كنظامٍ للحمايةِ منَ السقوط. يُبيّنُ النملُ في الغاباتِ الاستوائيةِ أكبرَ مثالٍ على ذلك، فعندَ سقوطِ أحدِ النملاتِ من جذعِ شجرةٍ ما، فإنها تعملُ على استعمالِ أرجلِها وجذوعِها لتشكيلِ قوةٍ آيروديناميكية، تعيدُها لأولِ جذعٍ في طريقها.[2]
الطاقة
إنّ الهدفَ الأكبر من هذا التصميمِ هو الحفاظُ على طاقةِ الروبوت لأكبرِ فترةٍ ممكنةٍ، بحيث يستطيعُ إنجازَ المهمةِ الّتي صُمّمَ من أجلها. ففي حين أن عمليةَ الطيرانِ تكونُ فعالةً جداً عندما نريدُ نقلَ الروبوت من مكانٍ لمكانٍ آخرَ بعيد، نجدُ على النقيضِ أن تسلُّق الروبوت وهو ملتصقٌ بالجدارِ يكون فعالاً في حالةِ الانتقالاتِ الصّغيرة، وبالتالي تكاملُ نظاميّ الطيرانِ مع الّتسلقِ يُمكن أن يرفع المدّةَ الّتي من الممكنِ أنّ يعملَ بها الروبوت من بضعِ دقائقَ إلى ساعاتٍ وربما أيام. ويمكننا تشبيهُ الحالةِ السابقة بطائراتِ الركّاب الكبيرة، التي تكون فعالةً جداً في حالةِ المسافاتِ الطّويلة، وتصبحُ عديمة الجدوى إذا أردنا استخدامَها في الانتقال من البيتِ إلى محلِّ البقالةِ القريب، حيثُ يصبحُ من الأفضلِ الذهابُ بالسيارةِ أو مشياً على الأقدام.[1]
العمل المستقبلي
يحاولُ فريقُ العملِ تطويرَ الروبوت من ناحيتين مختلفتين، حيث يرغبُ الفريق من الناحيةِ الأولى بتطبيقِ خوارزمية تحكُّم لخطواتِ الروبوت، تسمحُ له بتنفيذِ استراتيجياتِ تسلقٍ مختلفةٍ طِبقاً لنوعية الجدار الذي يتسلقُه. أما من الناحية الأخرى، فيحاولُ الفريقُ -استناداً إلى نجاحِ التجربة- بناءَ عائلةٍ كاملةٍ من هذهِ الروبوتات قادرةٍ على القيامِ بعدةِ وظائفَ معاً، تُغطِّي مجالاً أكبرَ من ناحيةِ الحجومِ واستراتيجياتِ التسلُّقِ المختلفة.[1]
ويبين لنا مقطع الفيديو التالي الروبوت "SCAMP" وما يستطيع فعله:
يُؤكِّد أخيراً فريقُ العمل أنّ "SCAMP" سيكملُ مهمتهُ في تحدِّي الجاذبية، وأنّه سيستمرُ في التسلُّقِ دونَ الوقوع أبداً. دعونا ننتظر ما سيقدمه لنا هذا الفريق في المستقبل القريب وما سيقوم بتطويره في مجال الروبوتات المُستلهَمة من الحيوانات.
المصادر:
[1] هنا
[2] هنا