الحواسيبُ أصبحت داخلَ أجسادنا - مؤشراتٌ جديدةٌ لفتوحاتٍ هائلةٍ في مستقبلِ الطبِ
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا الطبية
سنتعرف في هذا المقال على استخدامات تقنية النانو في تطوير حواسيب صغيرة الحجم إلى درجة يمكنها التجول داخل الجسم البشري، ورصد مؤشراته الحيوية و التنبؤ بالأمراض.
الحواسيب المصغرة سمحت لنا بالقيام بالعديد من الأشياء التي كانت تعتبر يوماً ما ضرباً من ضروب الخيال العلمي، فبالعودة إلى فلم Fantastic Voyage على سبيل المثال، والذي يعود إلى ستينات القرن العشرين، تم تقليص حجم أجساد طاقم طبي، و إرساله إلى داخل جسد عالم مصاب.
Image: Fantastic Voyage
بالرغم من أننا لم نتوصل بعد إلى تقليص حجم الإنسان، فإن العلماء يعملون على تطوير تقنيات النانو (Nanotechnology) لإرسال حواسيب مصغرة إلى داخل أجسام المرضى؛ من أجل فحص و تشخيص أكثر دقة .
يقوم عالم المواد الحيوية في جامعة MIT ألبيرت سويستون "Albert Swiston" باختبار حبة الكترونية مصغرة تحوي على ميكروفون ومستشعر لحرارة الجسم و بطارية، حيت تقوم بجمع العديد من القياسات داخل جسم الإنسان، وتعد هذه الحبة الإلكترونية من أحدث الأجهزة في سلسلة الحواسيب الهضمية، كمستشعر بروتوس “Proteus” الذي يتعقب سلوك المريض في تناوله للأدوية الموصوفة له، و مستشعر "فيتالسينس" “VitalSense” من شركة فيليبس “Philips” الذي يقوم بمراقبة درجة حرارة جسم الإنسان بالإضافة لمستشعر "بيل كام" “PillCam” الذي يتيح تصوير ومتابعة الجهاز الهضمي بدون عناء طرق تنظير القولون التقليدية.
لمعرفة المزيد يمكن متابعة مقالنا السابق الذي تناولناه في الباحثون السوريون
هل بإمكان حبة صغيرة أن تكشف عن سرطان المعدة أو الكولون؟ هنا
عندما تختصر التكنولوجيا في حبة دواء - تقنية صغيرة تسمح بمراقبة الإشارات الحيوية للمريض من داخل جسمه هنا
وقد تحدث "سويستون" و "ستيفان شانكلاند" “Stephen Shankland” أحد أهم المحررين في مجلة “CNET” التي تهتم بآخر مستجدات التكنلوجيا بالمشاركة في برنامج “All Thinks Considered” في 23-11-2015 الذي يذاع على الراديو الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية “NPR: Nationsl public Radio”عن آخر مستجدات تقنية النانو و هذا أهم ما تم التطرق إليه :
1- إلى أي مدى أصبحت الحواسيب صغيرة :
منذ عشرين سنة أصبحت الحواسيب المكتبية “Desktop” الشكل الأكثر رواجاً للحواسيب، وفي العشر سنوات الأخيرة انتشرت الحواسيب المحمولة “Laptops” ، أما اليوم فبإمكاننا القول بأن الحواسيب أصبحت بحجم إبهام الإنسان.
حيث أننا و بفضل الابتكارات التكنولوجية الهائلة الناتجة من قانون مور، والتطور الكبير الذي شهدته معالجات الحواسيب، والتي تعد القلب النابض في كل حاسوب، فإننا نحصل على حواسيب أصغر فأصغر كل سنة، على الرغم من أننا نتوقع الحصول على حواسيب أسرع فإننا نحصل على حواسيب أصغر بالمقابل.
2-لماذا لم تشهد الحواسيب الصغيرة بحجم الإبهام الرواج الأكبر بعد بين مستخدمين الحواسيب؟
على الرغم من أن هذه الحواسيب تفتح المجال للعديد من الاستخدامات الجديدة و الغير متوقعة، وذلك نتيجة لرخص ثمنها ولكونها غير هشة، مما لن يجعل تعرضها للتحطم أو الكسر مشكلة تؤخذ بعين الاعتبار، بقدر تحطم حاسوبك المحمول باهظ الثمن، إلا أن الحواسيب التقليدية هي أكثر فاعلية حالياً، ولديها القدرة على التشغيل والأداء بسرعة أكبر، وتلبي احتياجات المستخدمين أكثر من الحواسيب المصغرة والتي يعتبر حجمها الصغير عائقاً أمام تقديم نفس المستوى من الأداء الذي تقدمه الحواسيب التقليدية.
3-مستقبل الحواسيب و الحوسبة:
من المرجح أننا في المستقبل لن نملك أو نستخدم الحواسيب كما نستخدمها حالياً، من المرجح أن يكون الحاسوب مدمجا في قماش قميصك، أو حتى في الساعة التي ترديها في معصمك، أو الخاتم الموجود في إصبعك، ويكون هذا الجهاز قادراً على الاتصال بأي شاشة قريبة منك، أو جهاز إسقاط (عرض) صغير تحمله معك أينما ذهبت. أو قد لا تكون بحاجة إلى عرضها، فقد تقوم فقط بنقلها مباشرة إلى مقلة العين.
أما سويستن فقد تحدث عن مشروعه الأخير "أجهزة الاستشعار و المراقبة الهضمية في الخنازير" حيث قام فريق عمل في جامعة MIT بتطوير هذه المجموعة من مستشعرات؛ لمراقبة المؤشرات الحيوية للجسم أثناء انتقالها في الجهاز الهضمي، قائلا:
"إنه جهاز صغيرة بحجم حبوب الفيتامينات التي تتناولها يومياً قادرة على الاستماع لدقات قلبك، وصوت تنفسك، و تمتلك مستشعرات قادرة على مراقبة معدل دقات قلبك، ومعدل تنفسك، وحرارة الجسم الداخلية، ويمكنها إرسال هذه المعلومات إلى هاتف ذكي، أو حاسوب محمول دون أن تضطر إلى ارتداء أي نوع من أنواع المعدات الملاصقة للجسم، فهي تعتمد على المرور في جهازك الهضمي.
من هي شريحة المستخدمين المستهدفة بهذه التقنية؟
إذا كنت رياضي محترف كتوم برادي) “Tom Brady” لاعب كرة قدم أمريكية محترف ) يمكنك استخدام هذه الكبسولة في كل مباراة؛ لمراقبة حالتك الصحية، ولن تكلفك سوى 70 دولار والتي تعد مبلغاً ليس بالكبير في هذه الحالة، و لكنك لن تستطيع استخدامها بشكل يومي؛ لأنها في هذه الحالة ستصبح مكلفة للغاية، لذلك فإننا نستهدف شرائح أخرى من الناس كما هي حال المرضى الذين يأتون إلى قسم الإسعاف، و هم بحاجة إلى مراقبة حالتهم الصحية لمدة قصيرة فقط.
ولكن إذا أخذنا بالحسبان المهام العسكرية، أو الأداء الرياضي فإنه من الممكن استخدامها قبل مهمة أو لعبة .
ماذا لو تم اختراق هذه الحواسيب وهي بداخل أجسامنا البشرية ؟
نظراً لكون هذه الأجهزة ليست دائمة التواجد في جسم الإنسان، حيث إنها تبقى مدة قصيرة فإنها لا تسبب مصدراً دائماً للقلق، حيث إن بقاءها لن يتجاوز عدة أيام . أو يمكننا القول بأنه لا داعي للقلق على الإطلاق لأن المعلومات التي ترسلها هذه الحواسيب خارج أجساما بسيطة، ولا تشكل تهديداً كبيراً .
حول مستقبل تكنولوجيا الاستشعار الهضمي:
كلما أصبحت الإلكترونيات أصغر فأصغر فإنه بالإمكان زيادة الإمكانيات التي تتمتع بها هذه الأجهزة، ففي الوقت الحالي يمكننا تزويدها بميكروفونات صغيرة، ولكن يمكنك أن تتخيل وجود كاميرا تنقل ما يجري داخل جسم الإنسان مباشرة، أو لديها القدرة على أخذ عينات من سوائل الجسم، و تحليلها للتنبؤ ببعض الأمراض كأمراض القلب و السرطان بشكل أكثر دقة.
إن امتلاك هذه الحواسيب القدرة على التنقل في مجرى الدم، أو مراقبة الجهاز العصبي هي أحد أهم فتوحات الطب المنتظرة في المستقبل القريب.
مثل الدراسات لتصميم حساس طبي لقياس العلامات الحيوية قابل للانحلال بعد أداء وظيفته الذي قد سبق وتناولناه في مقال سابق للباحثون السوريون هنا ، بالإضافة إلى صنع روبوتات توصل الدواء للأنسجة المريضة مباشرةً دون أي تأثيرات جانبية هنا.
ما هو مستقبل هذه الأبحاث برأيكم؟
المصدر: هنا