K2 تكتشفُ كوكبًا خارجيًا ضخمًا حديثَ الولادة يَدورُ حولَ نجمٍ فتيّ
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
حسنًا ما هو الكوكبُ الخارجي؟
الكوكبُ الخارجي هو كوكبٌ يقعُ خارجَ مَجموعتنا الشمسيّة، يَدورُ بنتظامٍ حولَ نجمٍ مُحدد مثلما تدورُ كواكبُ مجموعتنا الشمسية حول نجمنا (الشمس).
بدأت القصة عندما رصدت مُهمةُ K2 الإشارات الأولية لوجودِ الكوكب. إذ رصَدت كاميرا التلسكوبِ الفضائي غشاوةً بشكلٍ متكرر في الضوءِ المُنبعِث من النجمِ المُضيف، مما يُشير لوجودِ كوكبٍ يَمرُّ بشكلٍ منتظم من أمام النجم ويقوم بحجب ضوئهِ. ثم جاءت بياناتُ مرصد كيك Keck لتؤكِد أن سبب الغشاوة يعودُ بالفعل لوجود كوكبٍ يدورُ بانتظامٍ حول النجم، كما أكد المرصدُ أيضاً صِغَر عُمرِ هذا الكوكب.
أُطلِقَ على الكوكب المكتشف حديثاً اسم (K2-33b) وهو أكبر بقليل من كوكب نبتون. يُكمِلُ هذه الكوكب دورةً كامِلةً حولَ نجمهِ كُلّ خمسةِ أيَام، و من المُرجَح أن يكونَ عُمرُه ما بين 5 إلى 10 مليون سنة، مما يجعله أحدَ أصغرِ الكواكبِ المُكتشفة عُمُرًا حتى الآن. وإن أردنا أن نقوم بإجراءِ مُقارنةٍ بين عُمرِ كوكبنا (4.5 مليار سنة) و عُمرِ هذا الكوكب، فإنّ الكوكب K2-33b يُعدّ طفلًا حديثَ الولادة.
ما تزالُ عمليةُ تشكُّل الكواكب عمليةً معقدةً يكتنفُها الغموض. إذ يؤكدُ علماءُ الفلك وجودَ نحو 3000 كوكبٍ خارجيٍّ حتى الآن، أغلبُ هذه الكواكب لا يقلُ عُمرها عن المليار سنة. لذلك فإنَ محاولةَ عُلماءِ الفلك فهم دورات حياةِ الكواكب اعتمادًا على أمثلةٍ بالغةٍ في السِّن كهذه يُشابِهُ إلى حدٍ كبيرٍ محاولة فهم نشأة وتطوُر البشر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة و من ثُم الشباب عَبرَ دِراسَةِ الأفرادِ البالغين فقط! و هُنا تكمُنُ أهميةُ اكتشافِ كوكبٍ حديثِ الولادة مثل K2-33b.
تتشكل الكواكبُ من أقراصٍ سميكةٍ من الغاز والغُبار تُدعى "الأقراص الكوكبية الأولية". تحيطُ هذه الأقراصُ الكوكبية بالنجومِ الفتية، و هذا هو الحال مع الكوكب الجديد K2-33b. فقد أظهرت قياسات الأشعة الحمراء الواردة من تلسكوب سبيتزر الفضائي (Spitzer) التابع لناسا بأن نجم هذهِ المنظومةِ الكوكبية، مُحاطٌ بِقُرصٍ رقيقٍ من غُبارٍ و بقايا كوكبية، الأمر الّذي يُشيرُ إلى أنّ مرحلة تَشكُل الكوكب الخاص بالنجم قد شارفت للتو على نهايتها. يَصعُبُ على العُلماء رؤيةُ ما يحدُث بداخل الأقراص الكوكبية الأولية بسبب كثافة الغازات و الصخور و الغُبار في هذه الأقراص، لكن بعدَ مرورِ بضعة ملايين السنين، ينحَسِرُ مُعظمُ الغُبار مُفسحًا المجال أمام العُلماء ليتمكنوا من رصد الكواكِب الجديدة المولودة بداخل الأقراص الكوكبية، لذا فمن حُسنِ الحظ أنهم تمكنوا من رصدِ كوكبٍ فتي ما زال محاطًا ببقايا القرص الكوكبي الأولي.
هناكَ ميزةٌ مثيرةٌ للاهتمام تتعلقُ بالكوكب (K2-33b)، ألا وهيَ قُربُ هذا الكوكب الفتيّ من نجمِهِ، إذ أن المسافةَ بين هذا الكوكب و نجمهِ أقرَبُ من المسافة بين كوكب عطارد (Mercury) و الشمس بنحو أضعاف، مما يجعله ساخِنًا للغاية. عثرَ العُلماءُ على العديد من الكواكب الخارجية التي تدورُ بالقُربِ من نجومها، الأمر الّذي يُعدُّه العُلماء مُحيرًا. فلماذا يُعدُّ الأمرُ محيرًا للعلماء؟
حاولَ علماء الفلك طويلًا فهم كيفية دوران كوكبٍ كبيرٍ كهذا بمدارٍ صغيرٍ حول نجمه (في مجموعتنا الشمسية مثلًا، تدورُ الكواكب الأكبر في مداراتٍ أبعد عن الشمس). اقترحَت بعضُ النظريات أنّ الكواكب تستغرق مئات الملايين من السنين لتنتقلَ من مدارٍ بعيدٍ جداً عن النجم إلى مدار آخر قريب، لكن ذلك لا يَنطَبِقُ على الكوكب (K2-33b) لأنه لا يزال كوكبًا فتيًّا ولم تَمُر فترةٌ طويلةٌ منذ نشؤه، و مع ذلك فإنَهُ قريبٌ جدًا من شمسِه.
يعتقِدُ العُلماء أنّ هُناك نظريتين لتفسير القرب الكبير للكوكب (K2-33b) بالنسبة للنجم. الأولى أن الكوكب أنتقل إلى مداره خلال عملية تدعى الهجرة في القُرص والتي تستغرق مئات الآلاف من السنوات، والثانية أن الكوكب تشكّلَ في نفس موقعه الحالي. و في كلا الحالتين فإن اكتشاف الكوكب (K2-33b) سيُعطي للعُلماء بياناتٍ جديدة ليتأملوها و يأخذوها في الحُسبان.
شاهد هذا الفيديو الّذي يصوّرُ فنيًا الكوكبَ حديثَ الولادة و شمسَهُ الفتية.
المصدر: هنا