العظماء الخمسة: ميلي بلاكيريف
الموسيقا >>>> عظماء الموسيقا
بدأ بَلاكيريف دراستُه الموسيقية مع والدته، وعندما أظهرَ موهبةً كبيرةً؛ قرَّرتْ والدتُه أنْ تأخُذَه إلى موسكو لكي يَدرسَ مَعَ عازفِ البيانو الشهيرِ حينَها أليكسندر دوبوك. ولكنْ بدأتْ نقودُ عائلةِ بَلاكيريف بالنفاذ بعد فترة، ولم يَعُدْ بإمكانهم تَحَمُّلَ نفقاتِ دروسهِ في موسكو، فاضطُرَّ بَلاكيريف للعودة إلى مدينته وبدأ بأَخْذِ دروسٍ من كارل أيسريش قائدِ الأوركسترا المحلية.
صاحبُ الأثرِ الكبيرِ على مسارِ بَلاكيريف الموسيقيّ كانَ ألكسندر أوليبيشيف؛ وهو صاحبُ عَقَاراتٍ محلي وموسيقيٌّ هاوٍ، وقد كان أولَّ من كتَبَ السيرةَ الكاملةَ لحياةِ موزارت، حيثُ استفادَ بَلاكيريف من مكتبة أوليبيشيف الموسيقية.
في عمر الخامسةِ عشر بدأ بَلاكيريف بالتّأليف، وقَد سُمِحَ له بالتَّدَرُّبِ مع الفرقة الموسيقيةِ للمسرح المحلي. بين عاميّ 1853 و1855 درسَ الرياضياتِ في جامعة كازان، وفي هذه الفترة ألَّفَ كونشرتو للبيانو ومؤلفاتٍ أخرى. ظهرَ بَلاكيريف كعازف بيانو أوّلَ مرّة في كانونَ الأول من عام 1855، وبعد هذا الظّهور انتقلَ إلى مدينة سان بطرسبرغ حيث ظهرَ في حفلاتٍ متعددةٍ كعازف بيانو. بعد فترةٍ قصيرةٍ على وجوده في سان بطرسبرغ بدأ اسمُ بَلاكيريف يلمعُ في الوسط الموسيقيّ وفي الصّحف المحليّة، وكانت العائلاتُ الأرستقراطيةُ تدعوه للعزف في حفلاتِهم المنزلية. ولكنَّ حياتَه كعازفٍ فقط لمْ تعجبْه؛ فقررَ قطْعَ علاقاته مع الطّبقات الأرستقراطيةِ لكي يبقى مؤلفاً موسيقياً من روّادِ الحركة الموسيقيةِ الوطنيةِ الروسية؛ ممّا جعله يعيشُ فقيراً.
سنحت له فرصةُ التَّعرف على الكثير من الموسيقيين المعروفين؛ مثلِ ميخائيل غلينكا وهو مؤسّسُ مدرسةِ التّأليفِ الموسيقيةِ الوطنيةِ الروسية، وقد رأى غلينكا نفسَه في بَلاكيريف وتوقّعَ له مُستقبلاً شبيهاً بمستقبل غلينكا.
في نيسان من عامِ 1856 أعطى غلينكا بَلاكيريف لحنَيْنِ موسيقيّين سمِعَهُما في رحلةٍ له في إسبانيا، فقامَ بَلاكيريف بتحويلِ لحنٍ منهما إلى أوّل سيمفونيةٍ له (سيمفونيةٌ على لحنٍ عسكري إسباني) أما اللحنُ الآخرُ فأصبحَ سيريناد إسباني على البيانو.
تعرّفّ بَلاكيريف في الفترة السابقة على الموسيقيينَ الموهوبين سيزار كوي، مودست موسُّورغسكي، أليكساندر بورودين ونيكولاي ريمسكي كورساكوف. وقد شكّلَ هؤلاءِ الموسيقيونَ مع بعضهم مجموعةً أسموها بشكلٍ مازحٍ (حفنة الأقوياء) والتي كانت تُعرَفُ (بالخمسة). لم يحصُل أيٌّ مِنْ هؤلاءِ الخمسة على تعليمٍ موسيقيّ بشكلٍ أكاديمي، إذ كانَ بَلاكيريف يظنُّ أنَّ التعليمَ الأكاديميّ الموسيقيّ يمكنُ أنْ يُعيقَ التأليفَ الحرَّ والإبداع.
ركَّزَ هؤلاءِ الخمسةُ على إيجادِ الموسيقى الوطنيةِ الروسيةِ المنفصلةِ والمتحررةِ من التأثير الأوروبي. وبمتابعة خطى غلينكا؛ ركّزَ هؤلاء الخمسةُ على الألحانِ الروسية الشعبيةِ في تأليفهم واختيارِ أحداثٍ تاريخيةٍ روسيةٍ كمواضيعَ لأوبراتهم ومقطوعاتهم. قامَ بَلاكيريف بالكثير من الرحل على ضِفافِ نهر الفولغا ليَجمعَ الألحانَ والأغاني الشعبية التي استعملها لاحقاً في مؤلفاتِه؛ مثلِ (الفانتاسيا الكبيرةُ على الموسيقى الروسية الشعبية) وأيضاً في (مفاتحةٌ على ثلاثةِ ألحانٍ روسية).
كانت شخصيةُ بَلاكيريف المستبدةُ وغيرُ اللّبِقة سبباً لوجود أعداءٍ كُثرٍ له؛ وهذا هو سببُ عدمِ استماع أصدقائه وطلابه لآراءه أيضاً، ممّا أدّى إلى انسحابه من الوسط الموسيقيّ بين عاميّ 1872 و1876، حيث عَمِلَ في هذا الوقت كموظفٍ في السكك الحديدية؛ وقد كانَ هذا بعد فترةِ اكتئابٍ مرَّ بها لمدةِ 10 سنوات سابقاً، وفيها أصبحَ مؤمناً بالخرافات وكانَ على وشكِ أنْ ينتحرَ، لكنّهُ عَدَلَ عن قراره وانتسبَ إلى الكنيسة الأورثودوكسية، وبعدها بدأَ بالعودةِ إلى الوسط الموسيقيّ تدريجياً. وبين عامي 1883 و1894 أصبحَ مديراً للكنيسة الملكية، وقد كانت له في تلك الفترة تأليفاتٌ متعددة، وعاشَ آخرَ عقدٍ من حياته بشكلٍ كاملٍ تقريباً كمتقاعد.
يُقال عن بَلاكيريف أنه كانَ من قادةِ الموسيقى الأوركستراليةِ والأغاني ذاتِ الكلمات أكثرَ من غلينكا، حيث قام بوضع تقنياتٍ وأساليبَ معينة للتأليف في النصفِ الثاني من القرن التاسعِ عشر وفرضَها على تلاميذه وخصوصاً بورودين وريمسكي كورساكوف.
للإستماع إلى بعض مقطوعاته:
Mili Balakirev - "Serenata española" (1902)
Balakirev - Islamey
Mily Alexeyevich Balakirev: Overture on 3 Russian Themes
المصادر:
هنا
هنا