هل أنت ثقبٌ أسود ؟
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
يُمكننا طرحُ السؤالِ نفسهِ بطريقةٍ أخرى: هل أنتَ ثقبٌ أسود؟ إنَّ جوابَ السّؤالِ الثَّاني هوَ "لا" بوضوح وبالتّالي كذلك هوَ جوابُ السّؤالِ الأوّل.
إنَّ النّقاشَ الأساسيَّ هوَ أنّهُ عندَ اقترابِ جسمٍ ما من سرعةِ الضّوءِ من منظورنا، ستحدثُ ثلاثةُ أشياء هي: تباطؤٌ في الزَّمنِ لدى المُتحرّك، كما أنّه سيبدو أقصرَ على طولِ جهةِ حركتِهِ وستأخذُ كتلتُهُ في الازدياد.
هذهِ جميعُ نتائجِ النّسبيةِ، إضافةً لحقيقةِ أنَّ سرعةَ الضّوءِ ثابتةٌ في جميعِ الأطر المرجعيّةِ. تقولُ النّسبيّةُ أيضاً أنَّ الكتلةَ الكبيرةَ كفايةً ضمنَ حجمٍ صغيرٍ كفاية تصبحُ ثقباً أسود. لذا يبدو من المنطقيِّ أن يُصبحَ الجسمُ القريبُ من سرعةِ الضّوءِ ثُقباً أسود. ولكن إذا كانَ ذلكَ صحيحاً؛ فيجبُ أن تكون ثقباً أسود!
إليكَ السبب: الكونُ يتوسّع، والأمر ليسَ فقط بأنّ المجرّاتَ تتسابقُ بعيداً عنا، وإنما بنيةُ الفضاءِ نفسِهِ آخذةٌ في التّوسّع. وبالتّالي كلّما ازدادَ بعدُ جسمٍ عنّا ازدادت سرعةُ ابتعادِهِ. هنالك مجرّاتٌ بعيدةٌ تتحرّكُ مُبتعدةً عنّا بسرعةٍ تقاربُ سرعةَ الضوءِ، وبالتّالي فإن ذلكَ يعني أنّنا نتحركُ بعيداً عنها بسرعةٍ قريبةٍ من سرعةِ الضّوءِ، لذا يجبُ أن نظهرَ كثقبٍ أسودَ بالنّسبةِ لهم.
لكن بالنّسبةِ لموضوعِ الثّقوبِ السّوداء فإمّا أن تكون ثقباً أسود َأو لا تكون. إذ أنّ أفقَ حدثِ الثّقبِ الأسودِ يجبُ أن يوجدَ في كلِّ الأطر المرجعيّة، فإذا لم تكن ثقباً أسودَ بالنّسبة لإطارك المرجعي (وأنتَ لستَ كذلك) فلن تكون ثقباً أسودَ في أيّ إطارٍ مرجعي. إذاً فالجسمَ المتحرّكَ بسرعةٍ لا يصبحُ ثقباً أسوداً .
لذا فإنَّ نقاشنا الأساسيّ خاطئٌ. إذ من الصّحيحِ أنَّ الكتلةَ النّسبيّةَ للجسمِ تزدادُ بازديادِ سرعتهِ، ولكنَّ ذلك يعني صعوبةَ دفعِهِ؛ ممّا يجعلُ من المستحيلِ بالنّسبةِ لهُ الوصولَ إلى سرعةِ الضّوءِ. ولكنَّ كلَّ شيءٍ نسبيٌّ، فمن منظورنا يجبُ أن نستمرَّ في دفعِهِ بشكلٍ أقوى، ولكن من منظورِ الجسمِ فإن دفعَنَا يصبحُ أصغر، وبقدرِ ما يحفظُ الجسمُ كتلته فإنَّها لا تتغيّر وبالتّالي لا يصبحُ ثقباً أسود.
وبما أنَّكَ لستَ ثقباً أسودَ بسببِ تسارعِ ابتعادِك عن المجرّاتِ البعيدةِ؛ فإنَّ الأجسامَ المتسارعةَ بعيداً عنّا لن تُصبحَ ثقوباً سوداء.
المصدر: هنا