هنريتا سوان ليفيت: الفلكية المنسية
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ولدت ليفيت في ولاية ماساشوستس الأمريكية عام 1868. تلقت تعليهما في كلية أوبرلين وتخرجت من كلية رادكليف، و قد حققت إمتيازاُ في دورات بعلم الفلك . عملت كحاسوب بشري في مرصد جامعة هارفورد. حيث كانت تقوم بفحص الألواح الفوتوغرافية بهدف تصنيف النجوم حسب قياس لمعانها.
خلال عملها اكتشفت ليفيت علاقة بين مدى لمعان النجوم النابضة (والتي تسمى النجوم القيفاوية) و الزمن الفاصل بين تغيرات لمعانها. هذا الإكتشاف أدى مستقبلا لاكتشافات كبيرة، منها تقدير مسافات النجوم، و اكتشاف مجرات خارج مجرتنا. و استخدم إدوين هابل هذه العلاقة لمعرفة كم تبعد المجرات وبدمجه هذه القياسات مع قياسات انزياح طيف المجرات نحو الأحمر توصل لأن المجرات الأبعد تبتعد أسرع وبالتالي عرفنا أن الكون يتوسع ووضع في ذلك قانونه الشهير.
لقيت النجوم القيفاوية اهتماما خاصا لدى الفلكيين في تلك الحقبة، و قد عُينت ليفيت لمراقبة ورصد تلك النجوم.ملاحظاتها للخاصة المذكورة للنجوم القيفاوية في سحابتي ماجلان التابعتين لمجرتنا، مكن ليفيت من ربط علاقة بين الزمن الدوري لتغير لمعان تلك النجوم و لمعانها الحقيقي، و بالتالي معرفة مسافتها بحسب لمعانها الظاهري.
استخدم هذا الاكتشاف كحجر أساس لطريقة فعالة لقياس أبعاد النجوم و السدم البعيدة جدا. فقد مكنت ملاحظة تلك النجوم في مجرات أخرى من قياس بعدها عنا. وطبق أدوين هبل ذلك على مجرة المرأة المسلسلة، حيث بين أنها مجرة مستقلة تبعد عنا ما يقارب المليوني سنة ضوئية. ولولا ذلك لبقي أدوين هابل كبقية فلكيي تلك الفترة الذين اعتقدوا أن مجرة المرأة المسلسلة تقع على أطراف مجرتنا مثلا.
كما أن العديد من الفلكيين استفادوا من اعمال هنرييتا دون أن تنال التقدير اللازم. فمثلا نال إدوارد بيكرينغ مدير مرصد جامعة هارفرد التقدير بنشره لنتائج أبحاث هنرييتا تحت إسمه مشيراً لها فقط كمعدّة للمعلومات لا أكثر. بعد ست سنوات نال هارلو شابلي المدير التالي لمرصد جامعة هارفرد بعد بيكرينغ التقدير بناء على اعمال هنرييتا أيضا في اكتشافها للعلاقة بين شدة اللمعان ومدة تغير اللمعان للنجوم القيفاوية.
لم يعرف الكثير عن مشاعر هنرييتا ليفييت الشخصية حيال عدم تقدير اعمالها وتجاوزها من قبل زملائها الذكور دون الاعتراف بفضلها فقد كانت شخصية خجولة هادئة في زمن كانت فيه الاناث ضمن الاكاديميات والجامعات يحصلن على مراتب عمل أقل من نظرائهن من الذكور ذوي نفس درجة التعليم. بل على العكس غالبا ما دفعهن ذلك على الشعور بالامتنان بصمت.
عانت ليفيت كثيرا من المرض وقد زاد من معاناتها الشخصية أصابتها بالسرطان و توفيت نتيجة لذلك عام 1921.
كانت حياتها وعملها صامتا وهادئا لدرجة أن عالم الرياضيات غوستا ميتاغ ليفلير كتب إليها عام 1925 "السيدة ليفييت الموقرة، لقد أثار اكتشافك المهم اعجابي العميق لدرجة أنني ارغب بشكل جدي بترشيحك لجائزة نوبل لعام 1926". وقد أعلم بعد ذلك أنها قد توفيت قبل اربع سنوات.
يقتصر تكريم اسم هنرييتا ليفييت حتى الان على تسمية فوهة صغيرة على سطح القمر باسمها. وبالنظر لأهمية انجازاتها في معرفتنا الحقيقية لأبعاد كوننا وتسارعه ومكاننا فيه فلابد أن ذلك محزن بالفعل ولكن لابد أن يأتي اليوم الذي تحصل فيه على الكريم الذي تستحقه لما ساهمت به من توسيع ادراكنا للكون الذي نعيش فيه.
المصدر:
هنا