نظام ذكي يتحدّث كالبشر
المعلوماتية >>>> الذكاء الصنعي
”ANNABELL” و هو اختصارٌ لـ: شبكة عصبونيّة صنعيّة بسلوكٍ تكيّفيٍّ موظّفٍ لتعلُّم اللّغة.
يعرض هذا العمل نظاماً إدراكيّاً يعتمد بشكلٍ واسعٍ على بنيةٍ عصبيّةٍ ، وقد تمَّ تطويره لتسليط الضّوء على المعرفة الإجرائيّة لتطويراللّغة. المكون الرّئيسيُّ لهذا النّظام هو الجزءُ المركزيُّ التّنفيذيّ، وهو نظام الإشراف الّذي يُنَسِّقُ مكوناتٍ أخرى من الذّاكرة العاملة. في هذا النّموذج، الجزءُ المركزيُّ التّنفيذيُّ هو عبارةٌ عن شبكةٍ عصبونيّةٍ تستخدم حالات التّفعيل العصبيّة لذاكرة المدى القصير كدخلٍ لها، والخرجُ هو عبارةٌ عن إجراءاتٍ ذهنيةٍ تتحكم في تدفّق المعلومات بين مكوّنات الذّاكرة العاملة من خلال آليّات البوابات العصبيّة.
لكي ندرك ما حدا العلماءَ بالتوجّه إلى هذا النّموذج، دعونا نفكّر كيف طوّرت عقولُنا القدرةَ على أداء وظائف إدراكيّةٍ معقّدةٍ كتلك المتعلّقة باللّغة والمنطق؟ لا بدّ أنّنا جميعاً تساءلنا حول هذا الأمر الّذي لم يتمكّن العلماء من إيجاد جوابٍ له بعد. ما نعرفه الى الآن، أنّ الدّماغ البشريّ مكوّنٌ من حوالي مئة بليون خليّةٍ عصبيّةٍ تتواصل عبر إشاراتٍ كهربائيّةٍ، و قد تعلّمنا الكثير عن آليّات إنتاج وانتقال هذه الإشارات الكهربائيّة بين الخلايا العصبيّة (العصبونات). وتمكّنا عبر العديد من التّقنيّات ومنها الرّنين المغناطيسيّ من فهم أيّ الأجزاء من الدّماغ أكثر نشاطاً أثناء الوظائف الإدراكيّة المختلفة، لكنّ المعرفة العميقة حول آليّة عمل الخليّة العصبيّة وماهيّة وظائف الأجزاء المختلفة من الدّماغ غير كافية لإعطاء إجابةٍ عن السّؤال الأساسيّ.
قد نظنّ أنّ الدّماغ يعمل بطريقةٍ مشابهةٍ للحاسوب. في النّهاية، حتّى الحواسيب تعمل عبر الإشارات الكهربائيّة. في الحقيقة قدّمَ العديد من العلماء مقترحاتٍ تقوم على مبدأ (الدّماغ يشبه الحاسوب) منذ ستينات القرن الماضي. لكن، وإلى جانب الاختلاف بالبنية، هناك العديد من الاختلافات العميقة بين الدّماغِ والحاسوبِ خصوصاً في مجال التعلُّم وآليّات معالجة المعلومات. فالحواسيب تعمل عبر برامج تمّ تطويرها بواسطة مبرمجين بشر، يوجد في هذه البرامج قواعد يجب على الحاسوب اتّباعها في معاملة المعلومات لأداءِ مهمّةٍ معيّنةٍ.وليس هناك دليلٌ حتّى الآن على وجودِ برامجَ مشابهةٍ في أدمغتنا. حقيقةً يعتقدُ الكثيرُ من العلماءِ اليوم أنّ الدّماغ قادرٌ ببساطةٍ على تطوير قدراتٍ إدراكيّةٍ عاليةٍ عبرَ التّواصلِ مع البيئة، بدءاً من معرفةٍ أوّليّةٍ ضئيلةٍ جداً. و يأتي نموذج ANNABELL للتّأكيد على هذا المبدأ، إذ لايملك أيّ قواعدٍ معرفيّةٍ لغويّةٍ مسبقةٍ، بل يتعلُّم فقط عبر التّواصل مع إنسان، و ذلك بفضل آليّتين أساسيّتين موجودتين كذلك في الدّماغ البشريّ هما:
1. مرونة المشابك (synaptic plasticity )(والمشبك هو مكان الاتصال بين خليّتين) الّتي تعني ازديادَ كفاءةِ التّواصلِ بين خليّتين عصبيّتين عندما يتمُّ تفعيل هاتين الخليّتين بشكلٍ متزامنٍ، أو شبه متزامن، وهي آليّة هامّة للتّعلُّم وللذّاكرةِ طويلةِ الأمدِ.2. آليّات البوابات العصبيّة (Neural Gating ) المرتكزةِ على خواص عصبوناتٍ معيّنةٍ (تُدعى العصبونات ثنائيّة الاستقرار) والّتي تسلك سلوكَ مأخذٍ يمكن أن يأخذ حالَتي تشغيل on وإطفاء off عبر إشارةِ تحكّمٍ تأتي من عصبوناتٍ أخرى. عندما تكون بوضع التشغيل، تقوم بنقل الإشارة من جزءٍ من الدّماغ إلى جزءٍ آخر، وعندما تكون في وضعِ الإطفاء تقوم بمنع هذا الانتقال للإشارة. هذا النّموذجُ وبفضل مرونةِ المشابك قابلٌ لتعلُّم كيفيّةِ التّحكّم بالإشاراتِ الّتي تفتحُ وتغلقُ البواباتِ العصبيّةِ وبالتّالي التّحكُّم بتدفّقِ المعلوماتِ من مناطقَ مختلفةٍ.
تمّ التّحقّق من هذا النّموذج باستخدام قاعدة بياناتٍ مكوّنةٍ من 1500 جملةٍ مدخَلةٍ، بالاعتماد على الجمل في تطوّر اللّغة المبكّر، و قد استجاب عبر إنتاج ما يقارب 500 جملة تحتوي على أسماءٍ وأفعالٍ وصفاتٍ وضمائرَ وتصنيفاتٍ أخرى للكلمات، مُبدياًاً قدرةً كبيرةً على إظهارِ مجالٍ واسعٍ من الإمكانيّات في معالجةِ لغةِ البشر.
يقودنا هذا النّظامُ الذّكيُّ إلى احتمالاتٍ كثيرةٍ ومبهرةٍ حول ما يمكنُ للأنظمةِ الذّكيّةِ أن تتعلَّمه بمفردها دون أن يتمَّ تلقينها معلوماتٍ بَدْئيّة، وهذا يعطي الأملَ الكبيرَ في أن تتمكّن من الوصول لما لم نتمكّن من الوصولِ إليه بعدُ بأدمغتنا البشريّة ممّا يبشّر بغدٍ واعد.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
هنا
هنا