صور الإنستغرام يمكن أن تكون إحدى علامات التّنبّؤ بالاكتئاب
المعلوماتية >>>> عام
ويكْمُنُ السّبب وراء اختيار الإنستغرام كمنصّةٍ ومرآةٍ لتحليل الصّحة النّفسيّة والكشف المبكّر هو زيادة عدد مستخدميه بشكلٍ يفوق تويتر ولينكيد إن ويوتيوب وحتّى الفيسبوك، بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من المنشورات اليوميّة يصل إلى 100 مليون صورةٍ يوميّاً (وفقاً لإنستغرام) و قد تمّ تجربة عدّة فرضيّاتٍ أثناء الدّراسة لتحديد معايير قياس الصّحة النّفسيّة استناداً للصّور:
الفرضيّة الأولى: صور الإنستغرام الّتي يشاركها أفرادٌ مصابون بالاكتئاب يمكن تمييزها بشكلٍ قاطعٍ عن الصّور الّتي يشاركها أشخاصٌ أصحّاء اعتماداً على المعلومات الحسابيّة المستخرجَة من الصّور وما يصاحبها من بياناتٍ وصفيّة.
حيث أنّ الصّور الفوتوغرافيّة المنشورة على إنستغرام تقدّم مجموعةً واسعةً من الخصائص الّتي يمكن تحليلها من وجهة نظر سَيكولوجيّة، على سبيل المثال: هل يوجد أشخاصٌ في الصّور؟ هل المنظر المصوَّر هو لقطةٌ داخليّةٌ أم لقطةٌ في الطّبيعةِ أو الهواء الطّلْق؟ هل اللّقطة لقطةٌ ليليّةٌ أم لقطةٌ نهاريّةٌ؟ كم هو عدد الإعجابات والتّعليقات الّتي حصلت عليها الصّورة؟ بالإضافةِ للخصائص الإحصائيّة على مستوى البِكسل بما في ذلك قيم السّطوع وقيم اللّون. وأخيراً فإنّ معدّل نشر الصّور أيضاً أحد العوامل الّتي تساهم في تقييم الحالة النّفسيّة وبذلك يتمّ دمج مجموعةٍ من خصائص الصّورة والتّفضيلات البصريّة لتشخيص الاكتئاب الّذي يترافق غالباً مع الصّور الرّماديّة ونقص الإشباع اللّونيّ والسّطوع. كما يرتبط تناقص النّشاط على منصّات التّواصل الاجتماعيّ ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب، كون المستخدمون يعمدون غالباً لنشر تجاربهم الشّخصيّة اليوميّة لذلك فمن المنطقيّ أنّ يُشير عدد الأشخاص المتواجدين في الصّور إلى طبيعة نشاط المستخدم الاجتماعيّ (حيث تمّ استخدام خوارزميّات التّعرّف إلى الوجوه لهذا الغرض)، إضافةً إلى قياس مقدار تفاعل أصدقائه من حيث الإعجابات والتّعليقات على الصّورة.
وكما نرى فإنّ الفرضيّةَ الأولى خطوةٌ أولى مهمّةٌ للإجابة على سؤالٍ أساسيٍّ مطروحٍ ألا وهو "هل من الممكن تشخيص الاكتئاب عبر منشورات الإنستغرام؟". وخلال إثبات الفرضيّة الأولى يَظهَرُ لنا السّؤال التّالي: "هل من الممكن تشخيص الاكتئاب عبر منشورات الإنستغرام لأفرادٍ لم يتم تشخيصهم سريريّاً كمرضى اكتئاب؟". فالتّشخيص السّريريّ قد يؤثر على طبيعة منشورات الأفراد الّذين تمّ تشخيص إصابتهم بالاكتئاب سريريّاً ومن المفيد تدريب نموذجٍ تنبؤيٍّ اعتماداً على منشورات المستخدمين قبل التّشخيص لاستبعاد عوامل الالتباس المُحتَمَلة.
الفرضيّة الثّانية: المشاركات الّتي نشرها أفرادٌ مكتئبين قبل تاريخ تشخيصهم بالاكتئاب سريريّاً يمكن تمييزها بشكلٍ قاطعٍ من المشاركات الّتي أدلى بها أفرادٌ أصحاء.
إن إثبات الفرضيّة الثّانية لا يُشكّل تقدماً منهجيّاً للباحثين وحَسْبْ، بل يشكّل دليلاً قاطعاً على جدوى برامج التّشخيص المبكّر والرّعاية الصّحيّة من هذا النّوع.
يستند النّظام لقيمٍ كتلك الّتي يستخدمها البشر لتحديد المزاج والحالة النّفسيّة أو قد يستخدم معايير مختلفة تماماً. يستطيع الحاسوب قياس وتحليل متوسّط قيمة التّشبّع اللّونيّ في مليون بكسل ولكن هل يستطيع تمييز صورة السّيلفي السّعيدة من الصّورة الحزينة؟ هل تملك الآلة والإنسان البشريّ نفس الحساسيّة تجاه مؤشّرات الاكتئاب؟
للإجابة على هذه التّساؤلات قام الباحثون بجمع تقييماتٍ بشريّةٍ لحالة مجموعةٍ من الصّور وقد طلب من المتطوّعين تقييم عيّنات الصّور وفقاً لأربعة مقاييس (السّعادة، الحزن، الاستمتاع، بالإضافة إلى مقدار الإعجابات على الصّور) لالتقاط انطباعات الإنسان البديهيّة القابلة للقياس والّتي لها علاقةٌ بالاكتئاب، حيث أن السّعادةَ والحزنَ مؤشران واضحان في عمليّة تشخيص الاكتئاب كما أشارت دراساتٌ سابقةٌ إلى أنّ الأفرادَ المكتئبين قد يجدون صعوبةً في أن يكونوا اجتماعيين وأقلَّ حظّاً في الحصول على إعجاباتٍ على منشوراتهم، وفي النّهاية أُضيفَ مؤشّر الاستمتاع دون وجود فرضيّةٍ واضحةٍ حول علاقته بالاكتئاب.
الفرضيّة الثّالثة:
أولاً: التّقييم البشريّ لمنشوراتِ الإنستغرام استناداً إلى فئاتٍ دلاليّةٍ مشتركةٍ للصّور يمكن أن يميّز بين الأشخاص الأصحاء والأشخاص المكتئبين.
ثانياً: يرتبط التّقييم البشريّ بشكل طرديٍّ مع تقييم الآلة وبالتّالي وانطلاقاً من هذا الجزء يمكننا أن نشير إلى أنّ كلّ مجموعةٍ من الفئات الدّلاليّةِ تُشير إلى مؤشّراتٍ متماثلةٍ من مؤشّرات الاكتئاب وبالتّالي يمكننا معرفة أيّهما أكثر دقةً، تقييم الألة أم التّقييم البشريّ. من جهةٍ أخرى في حال كان هذا الجزء من الفرضيّة غيرُ صحيحٍ فهذا يعني بأنّ الآلةَ قادرةً على تشخيص الاكتئاب ولكن من الضّروريّ اعتماد مؤشراتٍ ومعلوماتٍ تختلف عن المعلومات التّي تمّ جمعها باستخدام مجموعات التّقييم.
نتائج الدّراسة:
يُلاحظ في الصّور المنشورة من قبل أفرادٍ مكتئبين:
1- ميلٌ إلى زيادةِ التّصبّغ اللّوني.
2- انخفاضٌ في السّطوع.
3- انخفاضٌ في الإشباعِ اللّونيّ.
4- زيادةٌ في الازرقاق والقتامة والرّماديّة.
5- ازدياد معدّل النّشر لدى الأشخاص المكتئبين.
6- يميل الأشخاص المكتئبون أكثرَ لنشر صورٍ تحوي وجوهاً بشريّةً، لكنّ متوسط عدد الوجوه في صورهم أقلَّ منه في صور الأشخاص الأصحّاء.
7- يقلُّ ميل الأشخاص المكتئبين لتطبيق فلاتر الإنستغرام على صورهم المنشورة.
8- أكثر حظاً في تلقيّها للتّعليقات من منشورات الأفراد الأصحّاء.
9- أقلُّ حظاً في حصولها على الإعجابات من منشورات الأفراد الأصحّاء.
Image: https://arxiv.org/ftp/arxiv/papers/1608/1608.03282.pdf
Image: https://arxiv.org/ftp/arxiv/papers/1608/1608.03282.pdf
نلاحظ في الصّورة السّابقة مقارنةً بين الفلاتر والتّأثيرات المُستخدَمَةِ من قبل الأصحّاء مقارنةً مع الأفراد المكتئبين (وقد اعتُمِدت واحدة القياس "شخص في اليوم")، نُلاحظ ميلَ الأفراد المكتئبين إلى الفلاتر الّتي تُغيير ألوان الصّور إلى الأسود والأبيض (كفلتر Inkwell ) بينما يميل الأشخاص الأصحّاء إلى الفلاتر الّتي تُخفف من التّصبّغ اللّوني للصّورة (كفلتر Valencia )
Image: https://arxiv.org/ftp/arxiv/papers/1608/1608.03282.pdf
Image: https://arxiv.org/ftp/arxiv/papers/1608/1608.03282.pdf
الخُلاصة: إنّ النّتائج الّتي توصّلت لها الدّراسة تدعم الفرضيّة الأولى الّتي تقول بأنّ الاكتئاب يمكن تشخيصه من سلوكيّات الفرد على الإنستغرام كما أنّها تدعم الفرضيّة الثّانية الّتي تقول بأنّه يمكن التّنبؤ بالاكتئاب لدى أفرادٍ لم يتم تشخيص الاكتئاب لديهم من قبل. بالإضافة إلى أنّها تُثبت صحّة الجزء الأوّل من الفرضيّة الثّالثة حيث أنّ التّصنيفات البشريّة للصّور قادرةٌ على تشخيص الاكتئاب إلّا أنّ الارتباط كان ضعيفاً مع المؤشّرات التّحليليّة ممّا يوجّه الباحثين نحو تطوير هذه التّقنيّات الإحصائيّة وإضافة تحليل النّصوص المكتوبة والمرفَقَة بالصّور إلى تقنيّات التّشخيص مما يفتح الأفق والمستقبل أمام تقنيّات الرّعاية الصّحيّة الواعدة.
المصدر:
Instagram photos reveal predictive markers of depression - Andrew G. Reece، Christopher M. Danforth - August 2016
هنا