صحتك ونطافك، ما العلاقة بينهما؟
التوعية الجنسية >>>> الصحة الجنسية والإنجابية
وقد يتفاجأ الكثيرون إذا علموا أن خصائصَ سائلهم المنوي، من ناحية الكميّة وجودة وتعداد النطاف فيه، قد تعطي مؤشراتٍ قويةً عن حالة جسدهم بشكلٍ عام، وعن عاداتهم الصحية.
وإذا علمنا أنه خلال العقدين الأخيرين، انخفضَ معدّلُ تعدادِ النطاف لدى الرجال حول العالم بمقدار الثُلث، فما الذي يحمله هذا الانخفاضُ في طيّاته ليقوله عن صحّة الرجال في عصرنا الحالي؟
• ضغط الدم المرتفع:
لا يخفى على الكثيرين منا أن ارتفاعَ ضغطِ الدم بشكلٍ مُزمِن قد يؤدّي إلى مُضاعفاتٍ خطيرةٍ قد تهدد حياة الإنسان، حيث أن إهمالَ علاجِ ضغط الدم المرتفع لسنواتٍ يزيدُ من مخاطرِ الإصابةِ بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الكلى وغيرها.
وفي دراسةٍ حديثةٍ أُجريت في جامعة ستانفورد الطبية في الولايات المتحدة، تمّ تقييم العلاقة بينَ جودةِ النطافِ لدى الرجال وارتفاعِ ضغط الدم لديهم. حيث شملت الدراسةُ 9387 رجلاً تراوحت أعمارهم بين 30 و50 عاماً. ووُجِد أن الذين كانوا يُعانون من مشاكلَ في الخصوبةِ كانوا أكثر عُرضةً لأمراضِ الدورةِ الدموية؛ كارتفاعِ ضغط الدم وأمراض القلب.
• زيادة الوزن والبدانة:
يستمر تزايدُ المؤشّراتِ التي تدلُّ على التأثير السلبي والمُباشَر للبدانة والتدخين على خصوبة الرجل. فقد أظهرتْ إحدى الدراساتِ المنشورةِ في مجلة Human Reproduction العلمية أن الرجالَ ذوي مؤشراتِ كتلةٍ عالية Body Mass Index (BMI)* عانوا من تَدَنٍّ في جودة وتعداد النطاف لديهم، مقارنةً بالرجال ذوي مؤشرات كتلة أقل "كلما زاد المؤشر كنا أقرب إلى البدانة".
وعند مقارنة القذفِ، كان مُعدّل كمّية السائل المنوي لدى البدناء وزائدي الوزن 2.8 ميلليلتر (مل)، مقارنةً بـ3.3 مل عند أصحاب الوزن الطبيعي (الحجم الصحي للسائل المنوي عند القذف هو بين 2 – 5 مل).
لكن، ما هو السببُ الذي قلّل من تعداد النطاف لدى الرجال البدناء؟
اقترحَ فريقُ الدراسة عدةَ تفسيراتٍ لهذا؛ أهمّها أن الأنسجةَ الدهنيةَ في الجسم تقومُ بتحويلِ التستوستيرون (هرمون الذكورة) إلى الهرمون الأنثوي الإستروجين. وبالتالي، فإن زيادة الأنسجة الدهنية في الجسم يصاحبها ازديادٌ في تحويل التستوستيرون، وبالتالي التقليلُ من وفرته اللازمة لإنتاج ونضوج النطاف.
• الكحول:
إن حالةَ النطافِ الصحيّةَ لدى الرجل قد تمثّل انعكاساً واقعياً لعاداته الكحولية، فبحسب دراسةٍ دانماركية حديثة؛ فإن الإفراط في استهلاك الكحول، سواء عبر الشرب المُزمن أو شربِ كمياتٍ كبيرةٍ في جلساتٍ مُنفرِدة مُتباعِدة، قد يؤثر سلباً على خصوبة الرجل.
شملت الدراسة 1221 رجلاً، وأظهرت أن الرجال الذين كانوا يستهلكون 40 وحدة كحولية** أسبوعياً، كان تعداد النطاف لديهم أقل بـ33% من أولئك الذين تراوح استهلاكهم بين 1 – 5 وحدات كحولية في الأسبوع.
إضافةً إلى أن نسبة الحيوانات المنوية ذات المظهر "الطبيعي" لديهم كانت أقلَّ بحوالي النصف.
• قلّة النوم:
إضافةً إلى تأثيراتها السلبيةِ على الصحّة الجسدية والنفسية بشكل عام، فإن قلّةَ النوم قد تخفضُ من مستوى هرمونِ التستوستيرون لدى الرجال، وتقلّلُ من تعداد الحيوانات المنوية لديهم، وذلك وفقاً لدراسة أُجريت أيضاً في الدانمارك، وشملت حوالي 1000 رجل.
جاءت النتائجُ لتُظهِر أن الرجال الذين عانوا من اضطراباتٍ في النوم (الأرق – النوم المتقطّع – تقلّبات مواعيد ومدة النوم) كان تعدادُ النطافِ لديهم أقلَّ بـ 29% ممن لم يشتكوا من مشاكلَ في النوم، إضافةً إلى أن خِصاهُم كانت أصغر نسبيًا، ونطافُهم أكثرَ تشوّهًا.
• التعرّض لمركّب ثنائي الفينول أ Bisphenol A (BPA):
BPAهو مُركّب كيميائي صناعي يُستعمَل منذ ستينات القرن الماضي في الصناعات البلاستيكية والمعلّبات والراتينجات (مواد صمغيّة). قد يوجد في تركيب بعض عبوات المياه البلاستيكية، أو كطبقة داخلية تُغلّف المعلبات الغذائية أو أنابيب المياه.
ربطت عدةُ دراساتٍ هذا المركَّب بتأثيراتٍ سلبيةٍ على الخصوبة والنشاط الجنسي للرجال. ومؤخرًا، وجد باحثون من جامعة ولاية واشنطن أن تأثير BPA على النطاف يَكمن في عرقلةِ مرحلة الانقسام الخلوي الميوزي meiosis، وذلك بناءً على تجاربَ أُجريت على أجنّة الفئران.
بناءً على العديد من الدراسات، فإن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA تصنّف هذا المركب على أنه آمنٌ في حال كان بالتركيزات الضئيلةِ المُستعمَلِ بها في الصناعات الغذائية، حيث ينبغي التعرضُ لكميات كبيرة من BPA لحدوث أضرار حقيقية (عمّال المصانعِ المختصة بتصنيع هذا المركب مثلاً هم أكثر عرضة لأضراره).
لكنّ هذا لا يمنع أن نقلل من التعرّض لهذا المركب، وذلك عبر التقليل من استعمال الأطعمة المعلّبة بعلب معدنية، والاتجاهِ أكثرَ نحو الأطعمة المحفوظة في أوعية أو عبوات زجاجية. إضافةً إلى الابتعاد عن تسخينِ الأطعمة في أوعية أو حافظات بلاستيكية، حيث أن تسخين البلاستيك لحرارةٍ عالية (في المايكروويف) قد يساهم في تحلّله على المدى الطويل، وبالتالي تسرّب كميات أكبر من BPA إلى الطعام.
*مؤشر كتلة الجسد BMI: هو حاصل تقسيم الوزن (كغ) على مُربّع الطول (م). وهو عبارة عن مقياس سريع وسهل الاستخدام لتحديد الحالة الصحية التغذوية للشخص (زيادة الوزن أو البدانة)، ويعتمد على الوزن والطول دون الاهتمام بالعمر أو الجنس بالنسبةللشخص البالغ.
**الوحدة الكحولية Unit of Alcohol: هي 10 ميلليليتر (8 غرام) من الكحول الصافي؛ أي ما يعادل تقريبًا نصف كأس نبيذ، أو نصف كأس كبير من البيرة، أو قدح ويسكي من الحجم التقليدي.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا