ميخائيل غلينكا... مؤسس المدرسة الموسيقية الوطنية الروسية
الموسيقا >>>> عظماء الموسيقا
أبدى غلينكا اهتمامَاً بالموسيقى منذ كانَ في العاشرةِ من عُمرِه، وخاصّةً بعد أن سمعَ الأوركسترا الخاصةَ بعمّهِ. درسَ العزفَ على البيانو في معهدِ الرئيس التعليميّ Chief Pedagogic Institute في سان بطرسبرغ بين عامَي 1818 و1822، حيث تَتلمذَ على يدّ المؤلف وعازفِ البيانو الإيرلندي جون فيلد. وعلى الرّغم من عملِهِ لمدّةِ أربعِ سنواتٍ في وزارةِ الاتصالات، إلّا أنّهُ لم يكُن مهتماً بالحصولِ على مهنةٍ رسميةٍ، فالتفَتَ إلى تأليفِ العديدِ من الأغاني، وعددٍ من الأعمالِ لموسيقى الحجرة، إلّا أنّه كان يعتبرُ نفسهُ هاوياً حتى تلكَ الفترة. تأثّر كثيراً بموسيقى فينتشينزو بيلِّيني وغايتانو دونيتزتِّي بعد أن عاشَ ثلاثَ سنواتٍ في إيطاليا، ولكنّهُ أحس بالحنينِ إلى الوطنِ وكتابةِ الموسيقى "بالروسية".
توجّه غلينكا إلى دراسةِ التأليفِ الموسيقيّ بشكلٍ جديّ لمدةِ ستةِ أشهرٍ في برلين، حيثُ بدأَ بكتابةِ سيمفونيةٍ للأوركسترا على لحنَين روسييّن. اضطُرَّ غلينكا للعودةِ إلى روسيا بعدَ وفاةِ والدِه، ثمَّ تزوّجَ وبدأ بكتابةِ أولِ أوبرا له، والتي حصدَت شهرةً كبيرة، وسُمّيت أوبرا "حياةُ القيصر"، ليتغيّر اسمها لاحقاً إلى إيفان سوسانين، ويتمّ إنتاجُها عام 1836. خلالَ تلكَ الفترة، ألَّفَ غلينكا أفضلَ أغانِيهِ. وفي العام 1842، أُنتجت الأوبرا الثانيةُ له، واسمها "روسلان وليودميلا"، ولكنّ موضوعَها وموسيقاها الجريئةَ لم تُعجِب الجمهورَ والنقادَ كثيراً، في حين جذَبت انتباهَ "فرانز ليست" الذي أُعجِبَ كثيراً بحداثةِ الموسيقى فيها.
ترافقَ ذلك الحدثُ بطلاق غلينكا من زوجتِه، ممّا جعلَهُ يشعرُ بالاستياء الشديد، ودفعَهُ إلى مغادرةِ روسيا في العام 1884. ولكنّ الفرحَ وجدَ طريقَهُ إلى قلبِ غلينكا، الذي سُرَّ كثيراً بعد سماعِهِ مقاطعَ من أوبريتِهِ في باريس بقيادة هيكتور بيرليوز عام 1845، إذ كانت تلك هي المرّةَ الأولى التي يتم فيها تقديمُ عملٍ روسيّ في الغرب. انتقل غلينكا من فرنسا إلى اسبانيا، حيث بقيَ هناك حتى العام 1847، قام خلالَ تلكَ المدّةِ بجمعِ الكثيرِ من الألحانِ الاسبانيّةِ والتي استعمَلها في عدّةِ أعمال، منها "الافتتاحيات الاسبانية" و"ليالٍ صيفيةٌ في مدريد" والتي قدّمها عام 1848.
استمرت الغربةُ التي عاشَها غلينكا خارجَ روسيا منذ العام 1852 حتى العام 1854 وكانَ يقضي معظمَ ذلكَ الوقتِ في باريس، حتى اندلَعَت حربُ القِرم والتي دفعتُهُ للعودةِ إلى روسيا من جديد. وهناك، قامَ بكتابةِ "زابيسكي Zapiski"، وهي عبارةُ عن مذكراتٍ نُشرَت لأولِ مرّةٍ في سان بطرسبرغ عام 1887 وكان لها دورٌ كبيرٌ في إلقاءِ الضوء على شخصيّةِ غلينكا الأنيسةِ والمرموقة. كما يُذكرُ من مؤلّفاتِهِ المعروفةِ "المهرجان البولوني" التي خُصّصَت لحفلِ تتويجِ القصيرِ ألكسندَر الثاني.
وُصِفَ غلينكا بالعبقريّ الهاوي، فعلى الرّغم من قلّةِ عدد أعمالِهِ الموسيقيةِ مقارنةً بغيرِه من المؤلّفين، إلّا أنّهُ يُعتبرُ أساسَ الموسيقى الروسيّةِ، حيثُ أعطَت أوبرا "روسلان وليودميلا" ألحاناً غنائيةً وملوّنةً للأوكسترا، شكّلت فيما بعدَ أساساً متيناً لأعمالِ مؤلّفينَ لاحقين مثل "ميلي بَلاكيريف"، و"ألكسندر بورودين"، و"نيكولاي ريمسكي كورساكوف". في حين وُصِفَت أوكسترا "كامارينسكايا" التي قدّمها غلينكا عامَ 1848 من قِبلِ "تشايكوفسكي" بأنّها جوزةُ البلّوطِ التي أخرجَت لاحقاً موسيقى السيمفونياتِ الروسية.
تُوفّي غلينكا في شباطِ العام 1857 في برلين، ألمانيا، ليبقى حتى يومِنا هذا أوّلَ مؤلّفٍ روسيّ ينالُ ما نالَه من مكانةٍ وسمعةٍ عالميّتين.
لنستمِع سويةً إلى بعض من أعماله:
-أداء أوركسترا مسرح المارينسكي (Russlan and Ludmilla Overture):
-كامارينسكا Kamarinska:
- مقطوعة The Lark من أداءِ الروسيّ ميخائيل بليتنيف:
المصدر:
هنا