دراسة جديدة للسوبرنوفا، قد تستبعد احتمال وجود الطاقة المظلمة!
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
الطّاقة المُظلِمة، الّتي أصبَحت أحد الأعمدة الرّئيسيّة في الفيزياءِ الحديثةِ، قد تكَونُ وهماً، وخيالاً لا وُجود له. فقد أظهرت دراسةُ نحو 740 نجماً مُنفجراً، أن الكَون يتَوسُّع بالفعل، ولكن ذلك التَوسُّع قد يكَون بسرعةٍ ثابتة. أي أنّه غير مُتسارع كما أظهرت نتائج تسعينيات القرنِ المُنصرم.
نُشرت نتائج تلك الدراسة، في مجلّة Scientific Reports، أواخر شهر تشرين الأول "أكتوبر" من العام 2016. يقول سوبير ساركارSubir Sarkar، قائد الدراسة، من جامعة أوكسفورد: "إن الأدلّة على التَوسُّع المُتسارع للكَون ليست قويّة، بالتالي ربّما تكَون الطّاقة المُظلِمة غير مَوجودة."
فهل يجب على الفائزين بجائزة نوبل في الفيزياء للعام 2011، العُلماء آدم ريس، وبرين شميدت، و سول بيرلموتر، إعادة جائزتهم؟ ظنّنا لمُعظم الوقت في القرن العشرين أن الكَون يتَوسُّع بسرعةٍ ثابتةٍ، حتّى قامت مجموعتان مُختلفتان من العُلماء في العام 1998 بإيجاد دلائل حتميّةً، حول توسّع الكَون، بشكلٍ مُتسارع. فإذا أخذنا هذه الحقيقة بعين الاعتبار، فلابدّ من أن يكَون هُناك شيْ ما يدفَعُ المجرّات ليُبعدها عن بعضِها البعض، ذلك "الشّيء" الذي لا نعرفه سُميّ فيما بعد بالطّاقة المُظلِمة.
اكتشاف الطّاقة المُظلِمة اعتمد بشكلٍ رئيسيٍّ على المُستعرات العُظمى من النوع Ia*، حيث اعتقد العُلماء أن تلك المُستعرات العُظمى تُشّع المقدارَ نفسه من الضّوء؛ لذا يمكن الاعتماد عليها كمعيارٍ لحساب المسافات في الفضاء. الأمر يشبه حساب المسافة إلى إحدى القُرى، اعتماداً على مدى سطوع أعمدةِ الإنارةِ في شوارعِها. تحدُث المُستعرات العُظمى في الأنظمة الثّنائيّة، إذ يقوم القزمُ الأبيض بسرقة المادّة من نجمه المُرافق ليكبر في الكُتلة، تلك السّرقة تستمرُّ حتّى يصلَ القزم إلى الكتلة الحَرجة فينفجر. افترض العُلماء أن الكُتلة الحرجة هي نفسها لجميع الأقزام البيضاء، لذا فإن جميع الانفجارات الناتجة عنها مُتطابقة. في الواقع، ربما توجد اختلافاتٌ كبيرةٌ في هذه الانفجارات مما يزيد الشّكوك في صحّة الافتراض الذي وضعه العُلماء.
استطاع العُلماء خلال العقد الماضي جمع المزيد من المعلومات عن المُستعرات العُظمى، فالمعلومات المتوفرة لدينا اليوم أكثر بكثيرٍ من المعلومات التي كانت متوفرةً في العام 1998، إذا أمعنّا النّظر أكثر في تلك المعلومات، لوجدنا أن الدّلائل التي تدعم تسارع معدّل تَوسُّع الكَون تُصبح أضعف. وإذا ما قارنا الدّراسة التي أجراها الفائزون بجائزة نوبل للعام 2011، لوجدنا أن الدّراسة التي قاموا بها تضمّنت بياناتٍ جُمعت من 50 مُستعر أعظم، في حين أن الدّراسة الحديثة التي قام بها عُلماء من المملكة المتحدة وإيطاليا والدنمارك تضمّنت بياناتٍ جُمعت من 740 مُستعر أعظم.
تُظهر النتائج التي حصلَ عليها العُلماء مؤخراً أن الكَون فعلاً يتمدد بمعدّلٍ مُتسارع، ولكن مقدارَ التّسارُع ليس كبيراً كما يظنّ الجّميع، وإذا ما قارنا النّتائج مُجدداً، لوجدنا أن نتائج العُلماء في العام 2011 تنسجم مع تَوسُّع الكَون بمعدّل ثابت أيضاً. الأمر الذي ينفي وجود الطّاقة المُظلِمة!
في الواقع إن معدّل تسارُع الكَون ليس السّبيل الوحيد لإثباتِ وجودِ الطّاقةِ المُظلِمة، فهناك دلائلُ أُخرى تُثبت وجودَها، كالخلفيّة الميكرويّة الكَونيّة* مثلاً، ولكن سوبير يقول إن تلك الدّلائل غير مُباشرة، وأنّه يُمكن إيجاد حلٍ مشتركٍ آخر لكلّ المشاكل التي يتطلّب حلّها وجودَ الطّاقةِ المُظلِمةِ، من دون اللجوء إلى الطاقة المظلمة.
يُعارض براد تكر Brad Tucker، من جامعة أستراليا الوطنيّة، التّصريح السّابق قائلاً "إن الطّاقة المُظلِمة هي جزءٌ من صورةٍ كبيرةٍ مُتماسكة، تلك الصّورة جُمعت أجزاءها من دلائل مُختلفة."
وصرح براد قائلاً: "نعلم أن عمليات السّبر المُختلفة في الكَون تُخبرنا أشياءَ مُختلفة، ولكن إذا جمعناها سويّاً رُبما استطعنا فهم ما يجري حقّاً." في الواقع، إن براد كان جُزءاً من دراسةٍ حديثةٍ أظهرت أن الكَون يتَوسُّع بمعدّل مُتسارع، قيمة ذلك التّسارُع أكبر بكثير من المتوقّع!
إن الطّاقة المُظلِمة، ليست الموضوع الوحيد الذي وُضِعت عليه الكثيرَ من إشارات الاستفهام. ففي الأسبوع المُنصرم، قالت مجموعةٌ من العُلماء تحت قيادة ستايسي مك غوغ Stacy McGaugh من جامعة Case Western Reserve أن دوران المجرّات حول نفسِها يُمكن تفسيرُه دون الحاجة إلى المادة المُظلِمة. للمفارقة، قام عددٌ من الفيزيائيين الفلكيين من جامعة McMaster University في كندا، بإجراء بحثٍ ينفي ما قالته مجموعة العُلماء من جامعة Case Western Reserve؛ تحدّي النظريّة السائدة أمرٌ طبيعيٌّ من العمليّة العلميّة، وعلى ما يبدو أن النّموذج التّقليدي خرج هذه المرّة من العِراكِ سالِماً، فالجّانب المُظلم لا يزال يَحكُم كَوننا…
المستعرات العظمى من النوع Ia، يمكنك التعرف عليها وعلى خصائصها وعلى كيفية استعمالها كعلّامات لتحديد المسافات عبر الروابط:
هنا
هنا
الخلفية الميكروية الكونية، يمكنك التعرف المزيد عنها عبر الرابط:
هنا
المصدر:
هنا