بوثيوس
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> أعلام ومفكرون
حياته:
ولد بوثيوس عام 480 لعائلة رومانيّةٍ أرستقراطيّةٍ ذات نفوذ، من قوم (أنيتشي – Anicii) الذين كان منهم إمبراطوران رومانيّان؛ هما بترونيوس (عامَ 455)، وأوليبريوس (عامَ 472)، والكثيرُ من المستشارين الرومانيّين. وكما قال بعضُ الكتّاب، فإنّ البابا غريغوري العظيمَ أيضًا من هذه العائلة.
يعتقد معظم الكتّاب أن والدَ بوثيوس كان مانليوس بوثيوس، القنصلُ الرومانيُّ عامَ 487، رغم أن بعضَهم الآخرَ يرى أن والده قد يكون بويتيوس، حاكمَ الإسكندرية عام 476. المعروف أن بوثيوس فقد والده في عمر صغير، وتبنّاه أرستقراطيٌّ آخر، هو أورليوس ميميوس سيماشس الخامس، الذي لعب دورًا هامًّا في ولع بوثيوس بالفلسفة والأدب؛ من خلال تعريفه العلومَ اليونانيّةَ اللاتينيّة، وتشجيعِه على تجديدها.
يبقى موضعُ شكٍّ في أين تعلّم بوثيوس، ومَن علّمه. إنّ تأثُّرَه باليونانيِّين جعل الكثير من الباحثين يعتقدون أنه درس في أثينا، والكثير من الكتّاب أيضًا يقولون إنّ أمونيوس قد درَّسه في الإسكندرية، خاصّة أولئك الذين يعتقدون أن والده كان حاكم الإسكندرية، ويقول آخرون إنه ما مِن دلائلَ على أنه رحل عن شبه الجزيرة الإيطاليّة.
الوصول إلى القوّة، والسقوط:
كالكثير من أسلافه، تسلّم بوثيوس الكثير من المكاتب الشعبيّة الهامّة في روما. وفي عام 476، عُزل الإمبراطورُ الرومانيُّ الغربيُّ الأخير من قبل القائد الألمانيِّ أودوسير، الذي قتله ملك القوطيّين، ثيودوريك العظيم. وعندما عُيّن بوثيوس قنصلًا عام 510، حكم القوطيّون شبهَ الجزيرة الإيطالية.
بفضل معرفته البحثيّة؛ كسب بوثيوس تعاطفًا ملكيًّا بشكل سريع، وفي عام 522 صار رئيس الحكومة وحاكم المحكمة. وقد بدت مهاراتُه السياسيّةُ لامعةً قبل أن يفقد تأييدَ ثيودوريك في عام 523 . وفي لقاء المجلس الرومانيِّ الملكيِّ في فيرونا في العام نفسِه، تحدّث بوثيوس مدافعًا عن القنصل السابق، الساسيني دسيوس فاستوس ألبينوس، الذي اتُّهم بالخيانة والتآمُر مع الإمبراطور البيزنطيّ جستين الأول. وعلى كلٍّ، فإنّ دعمَ بوثيوس لزميله لم يساعدْ أيًّا منهما؛ فقد اتُّهِم بوثيوس بالجريمة نفسِها. وقد تقدّم ثلاثةُ رجال شهودًا، ووافقوا على توجيه الاتّهام إلى بوثيوس، ومن ثم اعتُقل وسُجن في بافيا، لسنة أو سنتين، قبل أن يُعدم بتهمة الخيانة. ودُفن في الكنيسة الأوغسطينيّة، سان بيترو، في بافيا.
أعماله وتأثيره:
كتب بوثيوس أكثر أعماله تأثيرًا (عزاءُ الفلسفة) في آخر عام أو عامين من حياته. (العزاء) الذي عُدَّ العملَ الأكبرَ والأخيرَ في العصر الكلاسيكيّ، كان له تأثيرٌ كبير على فلسفة العصور الوسطى، كما أثّر بعمق أيضًا في فكر النهضة الباكرة في أوروبا.
وفي هذا الكتاب -الذي كُتب على شكل حوار تخيليٍّ مع الفلسفة- يقول بوثويس إنّ ثَمّة قوةً أعلى، وإنّ لكلِّ معاناةٍ هدفًا أسمى. وقال إنّ الكونَ محكومٌ بالحبِّ الإلهي، والسعادةُ الحقيقيّةُ لا يمكن تحقيقُها بالقوة والمال، بل بالالتفات إلى الفضائل الأخرى.
إنّ مشروع بوثيوس الذي استمر طَوال حياته (ترجمةَ كلِّ أعمال أرسطو وأفلاطون) لم يتحققّ قطّ، لكن بوثيوس تَرجم الكثير من أعمال الفلاسفة اليونانيّين، وساعد في نقل جزء هامٍّ من المعرفة اليونانيّة إلى أوروبا في العصور الوسطى.
بعضٌ من ترجماته الهامّة تضمّنت مواضيعَ الاختلافِ، وعلمَ الحساب، والموسيقا القديمةَ التي بقيت أهمَّ الأعمال في الموسيقا الغربيّةِ لما يقارب ألفيّةً كاملة.
المصدر: هنا