التقنيات الطبية العالية: سلاح ذو حدين؟ تقنيات تصوير وظيفي تحت عدسة التدقيق
الطب >>>> مقالات طبية
قام الدكتور ايكلوند العامل في قسم الحاسوب وقسم الهندسة الطبية الحيوية باختبار طرق التحليل المستخدمة حالياً وذلكلتحليل بياناتٍ موثوقةٍ ومعروفة مسبقاً،فأظهرت هذه الطريقةُ نشاطاً خاطئاً في الدماغ في 60% من الحالات في حين يبلغُ معدلُ الخطأ المنطقي(المقبول) 5% على الأكثر، بل إنَّ النتائجَالإيجابيةَ الزائفة قد تصل في بعض الحالات إلى 70% باستخدام بعض البرمجيات.
استُخدِمَت في السابق بياناتٌ مُصطنَعةٌ لاختبار طرق التحليل المُستخدَمة حاليّاً، إلا أنَّ الدكتور ايكلوند قد أشار في أطروحة الدكتوراه خاصته عام 2012، أنَّ النتائجَ ليست موثوقةً دائماً؛ إذ إنَّ الطرقَ الإحصائيةَ المُستخدَمةَ قد بُنيت بالاعتماد على مجموعة من الافتراضات، وفي حال عدم صحة واحدة منها أو أكثر فإنَّ النتائجَ أيضاً ستكون خاطئة،وقد تركَّزتانتقاداتُ طرق التحليل فيذلك الوقتحول ظهور أخطاء في النتائج عند تحليل بياناتٍ مأخوذةٍ من شخص واحد، وربّما ظهورِها في تحليل البيانات المأخوذة من مجموعة من الأشخاص.
كانت فكرة ايكلوند وضعَ القليل من الافتراضات والاعتمادَ على حسابات أكثر بآلاف المرات، ما قد يُعطي نتائجَ موثوقةً أكثر، وذلك بمساعدةبطاقات معالجةِ الرسوميّات الحديثة، إذ يُمكن تقليلُ وقتِ تحليل البيانات ومعالجتها إلى حد تصبح فيه هذه الزيادةُ في عمليَّات الحساب والمعالجة ممكنةَ التطبيق واقعياً.
سافر الدكتور ايكلوند لينهيَ مرحلةَ مابعد الدكتوراه في فيرجينيا، وعندَ عودته عام 2014 وَجدَأنَّ البحثَ في هذا الموضوع كان متوقِّفاًعلى ما كان عليه: طرق التحليل غير الموثوقة.يقول ايكلوند:"ظننت أنَّ أحداً ما سيبادرُ لإكمالِ البحث حتى الوصول إلى استخلاصِ نتائجَ موثوقةٍ بالتحليل، لكن هذا لم يحدث، ولذلك بدأتُ باختبار الوَسائلِ الإحصائية السَّابقة واعتبرت أنَّ أيَّ نتيجةٍجديدة قد أصل إليها ستكونُ هامّةً."
يُكلِّف كلّ فحص بالرّنين المغناطيسي(5000) كرون سويدي للسَّاعة الواحدة، ولهذا فإنَّ فحص 500 شخص لأغراض إحصائية ليسَ مُمكناً مادياً. ولكن على مرِّ السنين الماضية، بدأ الباحثون بمشاركة البياناتِ التي استطاعوا الحصول عليها ليستفيدَ منها الباحثون الآخرون المهتمون بهذا الموضوع.
اختبر ايكلوند صحة الطرقِ القديمة للتصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي، إذ عمل على سبيل المثال على أخذ صور لعشرينَ شخصٍ سليم تماماً ومقارنتها بصورٍ لعشرين شخص آخرين لديهم إصابةٌ دماغيّة أو وظيفةٌ دماغيّة مضطربة.كما قارن بين مجموعتين من الصور تضم كل منهما عشرين صورة لأشخاص أصحاء.
من المفترض في هذه الحالة ألا تظهرَ اختلافاتٌ في نتائج المقارنة تتجاوز النسبةَ المسموحةَ للخطأ أي حوالي 5%. بلغَ مجملُ المقارنات التي أجراها حوالي 3 ملايين مقارنة عشوائيةلبيانات 499 شخصاً، وقد أظهرتهذه المقارنات أنَّه يُمكن لطرق التحليل القديمة أن تُظهرَ نتائجَ إيجابيةً زائفة، أي إظهارُنشاط دماغيّ في التحليل دون وجود نشاطٍ حقيقي.
قامَ الدكتور ايكلوند بعد ذلك بإجراء التحليل والمقارنات باستخدامِ طرقٍ أكثرَ تطوّراً وتعقيداً وعملياتٍ حسابيةٍ أعقدَ والنتيجةُ: نتائِجُ مُتطابقةٌ للمقارنات وأخطاءٌ ضمن المدى المقبول(أقل من 5%)، إذ يقول ايكلوند: "أتاحت بطاقات الرسوميّات الحديثة إمكانيةَإجراء حساباتٍ معقدةٍ يُمكن للحواسيبِ العاديّة أن تستغرَقَ زمناً أطولَ بآلافِ المرّات لإنجازها، ولكنَّ التجهيزاتِ الحديثةَ قلّلت وقتَ المعالجةِ المطلوب من 10 سنوات إلى 20 يوماً أي 1\1000 تقريباً من الوقت."
أعاد ايكلوند حساباتِه مرّةً أخرى وهذه المرّة بمشاركة كلٍّ من الدكتور كناتسون (أستاذ في قسم الكيمياء الحيوية) وزملاء له في جامعة وِرك في بريطانيا وعرَضوا نسخةً مبدئيّة من دراساتهم ليتسنى للباحثين الآخرين تقديم اعتراضاتِهم، فلم يجد الفريقُ أخطاءً في حسابات ايكلوند ونُشرت الدراسة في المجلَّة العلميّة الصَّادرة عن الأكاديمية الوطنيّة للعلوم(PNAS).
وعند سؤالِ الدكتور ايكلوند عنالفحوصاتِ الوظيفيةبالرنين المغناطيسي السابقة الَّتي ينبغي إعادة النَّظر في تحليلها ودقَّة نتائجها أجاب: "لا يمكنني الإجابَةُ بدقة، لقد أجري الكثير منها قبل عشرة أعوام أو أكثر ولستُ متأكداً من كميّة البيانات التي بقيت حتى يومنا. ولذلك فالمهمّ الآن هو أن يفكِّر الباحثون بالطّرق التي سيستخدمونها لتحليلِ البيانات في المستقبل".
والجدير بالذكر أنَّ البرمجياتِ الحاليّةَ المستخدمةَ في التحليل في وقتنا الحاليقد غُيّرَت لتعطيَ نتائجَ أدقَّإلّا أنَّالبرمجيَّاتِ والعتادَ القادرَين على إعطاء نتائجَ بأخطاءٍ وفروقاتٍ ضمن الحدود المعقولة ما زالا قيدَ الدراسة والتطوير.
من المهم هنا الإشارةُ إلى أنَّ نتائجَ هذا البحث أوليةٌ، وما زال أمام المجتمع العلمي، وخاصة المختصين في التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي أن يضعوا هذه النتائجَ قيد البحث والتمحيص إلى أن يصلوا إلى توافقٍ معقول حول مدى صحتها وتأثيرها، أي تأكيدها أو مناقضتها، وبانتظار ذلك لا يسعنا سوى أن نلتزمَ بما يشيرُ إليه أطباؤنا، فهم الأقدر دوماً على تقدير الأخطار ومعالجتِها بالطريقة الأمثل، كما يجب الانتباهُ إلى أنَّ هذه الدراسةَ تتكلم عن الدراسات الوظيفية للدماغ بالرنين المغنطيسي و ليس عن الرنين المغناطيسي التقليدي المستخدم بشكل واسع.
هامش: FMRI : هنا
المصادر:
هنا
هنا