لقاح الإيبولا الأخير يقدم حمايةً عاليةً من المرض
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
دُرِس هذا اللقاحُ الذي يدعى rVSV-ZEBOV عامَ 2015 في تجربةٍ شملت قرابةَ 11 ألفاً وثمانمئةِ شخصٍ في غينيا، حيث تلقّى 5837 مريضاً اللقاحَ ولم يسجِّلْ أيٌّ منهم إصابةً بالإيبولا في عشَرةِ الأيامِ اللاحقةِ لأخذ اللقاح، في حين سُجِّلَت 23 حالةً مرضيةً في هذه الأيامِ عند الأشخاصِ الذين لم يتلقَّوا اللقاح.
أُجريت هذه التجربةُ السريريةُ بالتعاونِ بين كلٍّ من منظمةِ الصحةِ العالميةِ ووزارةِ الصحةِ في غينيا ومنظمةِ أطباءَ بلا حدود والمعهدِ النرويجيِّ للصحة العامةِ، مع شركاءَ دوليّين آخرين.
يقول القائمون على الدراسةِ أنه بالرغم من تأخّر هذه النتائجِ بالنسبة للمرضى الذين فقدوا حياتَهم عند اجتياحِ الوباءِ لغرب إفريقيا سابقاً، إلا أنّ ما يعزّينا هو أننا لن نقفَ مكتوفي الأيدي فيما لو عاد المرضُ من جديد.
منذ اكتشافِ فيروس الإيبولا للمرةِ الأولى عامَ 1976 سُجِّلت حالاتٌ متفرقةٌ في إفريقيا، ولكن عند حصولِ جائحةِ الإيبولا لغربِ إفريقيا في السنوات 2013-2016، والتي أسفرت عن وفاةِ أكثر من 11 ألفاً وثلاثمئةِ شخصٍ، برزتِ الحاجةُ الملحّةُ لوجود لقاحٍ مضادّ.
كيفيةُ إجراءِ الدراسة:
أُجريت التجربةُ في منطقةٍ ساحليةٍ تتكرر فيها الإصابةُ، واتَّبعت تصميماً مبتكراً يُدعى طريقةَ "التطعيمِ الحَلَقيِّ "ring vaccination وهي الطريقةُ نفسُها التي استُخدِمت في لقاحِ مرضِ الجُدَرِي.
عندما شُخِّصَتِ الإصابةُ بأولِ حالةٍ قام الباحثون بملاحقةِ جميعِ الأشخاصِ الذين كانوا على اتّصالٍ بهذه الحالةِ في الأسابيعِ الثلاثةِ السابقةِ، كأولئك الذين يقيمون معه في المنزل نفسِه أو الذين قد زارهم المريضُ أو كانوا على اتصالٍ قريبٍ به، إضافةً للملابسِ الخاصةِ بهم وأغطيةِ أسرّتِهم، وبعضِ من تواصلوا معهم أيضاً. وفي النهاية تم تحديدُ 117 حلقةً أو كتلةً، واحتَوَت كلٌّ منها على ما يقرُب من 80 فرداً.
في البداية أُعطِي اللقاحُ لهذه الحلقاتِ عشوائيّاً؛ إما على الفورِ أو بتأخيرِ ثلاثةِ أسابيعَ، ولِمن تجاوزت أعمارُهم الثامنةَ عشرةَ فقط. وبعد أن أظهرت النتائجُ التي نُشرَت فعاليةَ اللقاحِ، جرى تطبيقُه فوراً على جميعِ الحلقاتِ، وأصبحت التجربةُ متاحةً أيضاً للأطفالِ ما فوقَ سنِّ السادسة.
أظهرَتِ الدراساتُ أنّ هذا اللقاحَ لم يُبدِ فعاليةً جيدةً للوقايةِ من الفيروسْ عند الأشخاصِ الذين طُبّق عليهم فحسب، بل من كانوا أيضاً ضمن حلقاتِ التجربةِ ولم يخضعوا للّقاحِ اكتسبوا وقايةً بشكلٍ غيرِ مباشرٍ عبر وجودِهم في هذه "الحلقاتِ" أو المجموعاتِ، وذلك ما يُطلَق عليه مصطلحُ "مناعةِ القطيع herd immunity". غير أنّ هذه الدراساتِ لم تكن لهذا الغرض، لذلك نحن بحاجةٍ لتجاربَ أخرى.
من أجلِ سلامةِ اللقاحِ روقِبَ الأشخاصُ لمدة 30 دقيقةً بعد إعطائِهم اللقاحَ، وتمّت زيارتُهم في منازلِهم مِراراً على مدارِ 12 أسبوعاً. اختَبر قرابةُ نصفِ الأشخاصِ أعراضاً خفيفةً بعد التلقيحِ بفترةٍ وجيزةٍ، شملت: صداعاً ووهناً وألماً في العضلاتِ، ولكنّ الأعراضَ زالت بعد بضعةِ أيامٍ بدون مشاكلَ لاحقة.
سُجِّلَت حالتان مع أعراضٍ شديدةٍ وهما مرتبطتان بأخذ اللقاحِ بحسب ما رأى الباحثون (حالات حمّى وصدمةٌ تحسّسيةٌ أو ما يُعرف بالتّأَق)، وسُجّلَت حالةٌ يُحتمَل ارتباطُها بأخذِ اللقاح (وكانت أعراضُها مشابهةً للإنفلونزا). ولكنّ الحالاتِ الثلاثَ قد تعافت بدون مضاعفاتٍ طويلةِ الأمد.
لم يكن من الممكنِ جمعُ عيّناتٍ حيويةٍ من الأشخاصِ الملقّحينَ لتحليلِ استجابتِهم المناعيةَ للقاح. وهنالك دراساتٌ أخرى ستقوم بدراسةِ هذه الناحية.
في شهرِ كانونَ الأولِ قدّم تحالفُ اللقاحِ GAVI مبلغَ 5 ملايينِ دولار لشركةِ Merck مقابلَ شراءِ اللقاحِ حالما تُوافق عليه منظمةُ الصحةِ العالميةُ وتقرُّه. وبالمقابل تتعهد الشركةُ بضمانِ توفُّرِ 300 ألفِ جرعةٍ من اللقاحِ لحالاتِ الطوارئ، وأن تَطرحَ الدواءَ لترخيصِه بنهاية العامِ 2017.
تُجرى العديدُ من الدراساتِ لتقديمِ المزيدِ من المعلوماتِ حولَ مدى مأمونيةِ اللقاحِ للأطفالِ وللأشخاصِ المُستضعَفين أو سريعي التأثّرِ كمرضى العَوَزِ المناعيِّ المكتسَب (الإيدز). في حالِ عودةِ جائحةِ الإيبولا مرةً أخرى قبل الموافقةِ النهائيةِ على اللقاح، يمكن الوصولُ للّقاحِ واستخدامُه عبرَ إجراءٍ يُطلق عليه "الاستخدامُ الرحيم compassionate use"، والذي يُسمح بموجبِه استخدامُ اللقاحِ بشرطِ الحصولِ على موافقةِ الأشخاصِ الذين سيتلقَّونه بعد معرفتِهم بالفوائدِ والمضاعفاتِ السلبيةِ التي قد تنتج عن اللقاح (ما يُدعى بالموافقة المستنيرةinformed consent).
إنّ التطويرَ السريعَ للِقاحِ rVSV-EBOV يساهم بدعمِ مخطّطِ منظمةِ الصحةِ العالميةِ للبحث والتطويرِ، والذي يتضمن استراتيجيةً عالميةً لتسريعِ تطويرِ الاختباراتِ واللقاحاتِ والأدويةِ الفعّالةِ في أوقاتِ انتشارِ الأوبئة.
المصدر:
هنا