الأثر غير المتوقع لانتخاب الرئيس الأمريكي ترامب على الأسواق المالية
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> الأسواق المالية
ارتفع مؤشر ستاندرد آند بوردز (S&P 500) أحد أهم المؤشرات العالمية والذي يضم كبرى شركات الولايات المتحدة بمقدار 6% منذ يوم الانتخاب. كما لم تشهد وول ستريت (Wall Street) مثل هذا الاتجاه القوي كنتيجة للفوز في الانتخابات الرئاسية للفترة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، فقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بوردز لأكثر من 8% بعد تغلب جون كينيدي على الرئيس ريتشارد نيكسون. تَقدم فقط خلال الفترة الزمنية نفسها بيل كلينتون خلال الفترة الانتخابية الثانية، ليبلغ مع جون كيندي الصدارة في السباق مع ترامب. قال (Keith Wade) وهو مدير اقتصادي في (Schroders): " آمن المستثمرون بشكلٍ كامل بالوعد الذي صرّح به ترامب في جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، وتوقعوا بأنّ النشاط الاقتصادي سيكون أقوى والصفقات التجارية ستكون لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، كما سيتجه كل من التضخم وأسعار الفائدة إلى الارتفاع".
وتعد هذه النتائج مغايرة للتوقعات، حيث توقعت العديد من شركات الاستثمار تراجع أسهم السوق المالي الأمريكي، وذلك لأن الرئيس الأمريكي المنتخب القادم إلى واشنطن يُعرف عنه اتجاهه نحو تخفيف القيود وآرائه المؤيدة لإزالة الضوابط على السوق المالي، وقد سبق وأدلى بتصريحات مثيرة للجدل بهذا الخصوص. خلقت هذه التوقعات حالة من التفاؤل بالنسبة للبنوك وذلك بسبب حساسيتهم العالية للحالة العامة للاقتصاد، كما خلقت أملاً بأن أسعار الفائدة ستبدأ بالارتفاع بشكل أسرع. حيث تأمل البنوك، شركات التأمين ومجموعات أخرى في القطاع بأن تبتعد المعدلات عن أدنى مستوياتها التاريخية مما سيشكل إضافة إلى أرباحهم الصافية. هذا وقد وفّرت الانتخابات دفعة قوية بالنسبة للأسهم الصغيرة للشركات ذات التداول العام في الولايات المتحدة الأمريكية، وارتفع مؤشر (Russell 2000) بمقدار 12.7% منذ الثامن من تشرين الثاني. حيث كان المؤشر يتجه نحو الانخفاض في أوائل عام 2016. عزى الاستراتيجيون الانطلاقة القوية لمؤشر (Russell2000) إلى التوقعات بأن الشركات المتمركزة محلياً ستزدهر في بيئة تتسم بالنمو الاقتصادي وسياسات تجارية حمائيّة. يبين الشكل التالي ارتفاع أسعار الاسهم ذات الرسملة السوقية الصغيرة منذ يوم الانتخاب
بالنظر بشكل أوسع، ارتفعت قيمة أسواق الأسهم العالمية بمقدار 2.5$ تريليون منذ الانتخابات وفقاً للبيانات المجموعة من قبل بلومبيرغ. أضافت الأسهم الأمريكية بمفردها حوالي 1.6$ تريليون إلى قيمة السوق. كما يبين الشكل التالي ارتفاع قيمة أسواق الأسهم العالمية منذ يوم الانتخاب
وعلى العكس، انخفضت الرسملة السوقية للأسهم المكسيكية بمقدار 19.8%، أي حوالي 71.9$ مليار خلال الفترة الزمنية نفسها، حيث كانت العملة المكسيكية واحدة من أكبر الخاسرين منذ بداية الانتخابات، وقد خسرت أكثر من 16% من قيمتها مقابل الدولار منذ ذلك الحين. من الملاحظ أن البيزو ليس كبعض الخاسرين بعد الانتخابات الذين استعادوا عافيتهم، حيث لن يتحسن البيزو في 2017. ويبين الشكل التالي انخفاض البيزو المكسيكي إلى مستويات تاريخية
عانت سوق السندات العالمية كثيراً، مما أدى إلى خسارة المؤشر العالمي (Bloomberg Barclays) بمقدار 1.6$ تريليون منذ انتخاب الرئيس ترامب. يمثل انخفاض سوق السندات نقلة النوعية وتغيّر حاد عن الاتجاه في بداية عام 2016، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية وانخفضت العوائد إلى أدنى مستوياتها نتيجة التوتر السائد بشأن حالة الاقتصاد العالمي، حيث يبين الشكل التالي انخفاض قيمة سوق السندات منذ يوم الانتخاب
وبشكلٍ عام يمكن القول بأن سوق الأسهم ارتفعت نتيجة تحسن التوقعات بالنسبة للنمو الاقتصادي والتضخم، ولكن تسببت هذه التوقعات بانخفاض في أسواق السندات، التي تُؤمن بشكل عام تدفقات دخل ثابت وهي مرغوبة أكثر عندما تنخفض المعدلات. أما بالنسبة للدولار فقد شهد تحسناً إيجابياً ملحوظاً، حيث ارتفع مؤشر الدولار بحوالي 3.1% منذ الثامن من تشرين الثاني، ذلك بسبب التوقعات بأنّ السياسة النقدية في الولايات المتحدة سوف تبدأ بتقليص حاد أكثر من البنوك المركزية العالمية الرئيسية (بشكل ملحوظ البنك المركزي الأوروبي والياباني). ويبين الشكل التالي ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي منذ يوم الانتخاب
يتضح من المؤشرات السابقة أنّ السوق المالي في الولايات المتحدة الأمريكية يعاكس التوقعات التي وُضعت مسبقاً، فما هو مستقبل هذا السوق بعد توليّ دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهل سيحافظ السوق على هذا الاتجاه خلال الفترة القادمة؟ يبقى ذلك قيد التغييرات التي سيحدثها الرئيس ترامب وما سينتج عن هذه التغييرات خلال فترة ولايته.
المصدر
هنا