أنواع التوتر الأربعة بحسب ألبرخت
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
عوض أن يتسبب هذا الشخص في إحباطك بسبب الإرهاق و التعب الناجم عن يوم العمل الطويل، يمكنك أن تطلب منه استراحة لمدة خمس دقائق، أخرج و تنفس بعمق، اشرب كوباً من الماء و من ثمّ عد إلى مكتبك، سوف تشعر بالانتعاش و ستعلو وجهك الابتسامة .. ببساطة انت الآن مستعد لتقديم العون و النصح لعميلك .
إن أغلب الناس يشعرون بأنواع و درجات مختلفة من التوتر خلال أدائهم لأعمالهم، لكن في حال كنت على دراية بأكثر أنوع التوتر شيوعاً و بطرق رصدها فإنك ستتمكن من إدارة تلك المواقف التي تكون متوتراً فيها بشكل أفضل، و هذا سيساعدك على العمل بإنتاجية أكبر و على إقامة علاقات اجتماعية أفضل و سيمنحك حياة تنعم فيها بصحة أفضل
في هذا المقال سوف نستعرض الأنواع الـ أربعة الأكثر شيوعا للتوتر، و سوف نناقش كيف يمكننا أن ندير الموقف التي نختبر التوتر فيها بالشكل الأمثل
ما هي الأنواع الأربع الأكثر شيوعاً للتوتر :
الدكتور كارل البرخت، الرائد في التدريب على الحد من التوتر لرجال الأعمال، حدد الأنواع الأكثر شيوعا للتوتر في كتابه " Stress And The Manager " عام 1979 و هي :
1- التوتر الزمني " المتعلق بالزمن "
2- التوتر الاستباقي
3- التوتر الظرفي
4- التوتر الناجم عن التّواصل
1 - التّوتر الزّمني " المتعلق بالزمن "
سوف تتعرض لهذا النوع من التوتر عندما تكون قلقاً حيال الوقت و خاصّة عندما لا يكون الوقت المتاح لك كافياً لأداء عمل ما، سوف تقلق حيال عدد الأمور الواجب القيام بها خلال فترة زمنيّة محدّدة، سوف تخاف الفشل في الوصول إلى هدفك خلال الوقت المحدد، قد تشعر بأنك محاصر و في مأزق، ستشعر بالحزن أو اليأس
أشهر الأمثلة عن أنواع التّوتر المتعلق بالوقت هو التوتر الذي يصيبنا عند اقتراب الموعد النهائي لتسليم مشروع التّخرج أو الامتحان فنشعر و كأننا لن نتمكن من الانتهاء عند الموعد المفروض
كيف يمكننا إدارة و تدبير التوتر الزمني !؟
بداية، تعلم مهارات إدارة الوقت، و التي تتضمن استخدام قائمة المهام
ثم تأكد من أنك قد خصصت زمناً كافياً للأعمال المهمّة كلُّ حسب أولويته، فكثير منا قد يضيع وقتاً طويلاً على أمور قليلة الأهمية و ذات تأثير غير مهم على حياتنا أو المرحلة الحالية على الأقل - لنفترض أنك مختص في مجال البنوك، و قد أمضيت الليلة التي تسبق الامتحان في محاولة فهم قضية تتعلق بالفيزياء، قد تكون هذه القضية مهمة للفيزيائيين، لكن هدفك المرحلي هو دراسة مقرراتك من أجل الامتحان، و لذلك حتى و إن تمكنت من فهم هذه القضيّة الفيزيائية، فإنك ستشعر بأنك أرهقت نفسك طوال اليوم دون إنجاز أو شيء ذو معنى لأن امتحان الغد هو ما يشغل بالك -
المهام ذات الأولوية العالية هي التي تساعدك للوصول إلى هدفك، و التركيز على هذه المهام أفضل لك من أجل وقتك،
و في حال شعرت بأن الوقت غير كافٍ لأداء كل مهامك تعلّم كيف تخلق وقتاً إضافيّاً في يومك، مثلاً إن كان الوقت غير كاف لأداء المطلوب منك في العمل، عليك بالقدوم مبكراً أو أن تبقى حتى وقت متأخر في العمل، ولا تنسى أوقات الذروة حيث يبلغ نشاطك و تركيزك ذروته في اليوم، استغل هذا الوقت لأداء المهام ذات الأولوية الأعلى، مما سيساعدك في إيجاد الوقت الكافي لأداء المهام الأخرى عندما تنتهي منها، إضافة لترك الأعمال الأقل أهمية لأوقات تنخفض فيها طاقتك و تضعف فيها انتاجيتك، كـ تفقد البريد الاكتروني أو دفع الضرائب
كما لا تنسى أن تقول بشكل مهذب و حازم " لا " حينما يطلب منك القيام بعمل لا طاقة لك على القيام به
2 - التوتر الاستباقي " التوتر المتعلق بالمستقبل " :
و هو القلق الذي يتعلق بالمستقبل، و قد يتعلق بحدث قادم كـ خطاب سوف تقوم بإلقائه، كما أن هذا النوع قد يكون غير واضح أو محدد، كـ خوفك من حدوث أمر مروع في المستقبل، أو القلق من أن شيئا سيئا لا بد أن يحصل دائما
إدارة التوتر الاستباقي :
بما أن هذا النوع من التوتر مبني على المستقبل، ابدأ بتذكر أن الحدث القادم لن يحدث بالضّرورة بالشّكل الذي تتصوره، و غالباً ما نميل لتخيّل السيناريو الأسوأ،
و قد أظهرت بعض الأبحاث أن عقلك قد لا يتمكن أحيانا من التمييز بين مواقف قد تخيلت حدوثها بشكل جيد مراراً و تكراراً، و مواقف قد حدثت فعلاً
كما أن بعض التقنيات كالـتـأمّـل سوف تساعدك كي تتمكن من تطوير قدراتك على التركيز فيما يحصل الآن بدل التركيز على ما قد يحدث في المستقبل، لذلك عليك تخصيص لو خمس دقائق يوميّاً على الأقل للتأمل
التوتر الاستباقي قد يسبب ضعف الثّقة بالنّفس كما يحدث عندما تستعد لإلقاء خطاب مهم، قد تخشى أن خطابك لن يكون ذو محتوى مهم أو جذّاب، إن مواجهة مخاوفك و التصريح بها سوف يخفّض من توتّرك، و بدل إضاعة الوقت في القلق يمكنك أن تخصّص مزيداً من الوقت للاستعداد و التحضير للأسئلة الصعبة، و سوف تشعر براحة أكبر عندما تشعر بأنّك أكثر استعداداً للحدث القادم
في النهاية يمكنك أن تتعلم كيف تتغلب على خوفك من الفشل، عبر وضع خطط لتحليل كل ما قد يطرأ في المستقبل و لمعالجة كل العواقب الممكنة، هذا سوف يقضي على خوفك من الفشل و يمنحك شعوراً بالسّيطرة على الأحداث القادمة
3 - التوتر الظّرفي :
تشعر بالتوتر الظرفي أو اللحظي عندما تمر بموقف مخيف لا تملك السيطرة عليه ، كحالات الطوارئ، أو حالات الاصطدام بأشخاص آخرين أو فقدانك لمركزك أو لقيمتك في نظر الآخرين، أو أن يتم فصلك من عملك أو ارتكابك لخطأ مريع أمام باقي فريق العمل
كيف يمكننا إدارة التوتر الظرفي !؟
إن التوتر الظرفي يحدث عادة بشكل مفاجئ، كمثال على ذلك : قد يحصل أن تفشل تماماً في توقّع أمر ما، فـ لكي تتمكن من إدارة التوتّر الظرفي تعلّم كيف تدرك و تعي نفسك بشكل أفضل، و هذا يعني أن تتمكن و بشكل تلقائي من إدراك و فهم تلك الإشارات الجسديّة و العاطفيّة التي تصدر عن جسدك عندما تكون تحت الضغط
و كمثال على ذلك تخيّل أنك في اجتماع لـ فريق العمل الذي تنتمي إليه و فجأة تحول الاجتماع إلى صراخ و مشاجرة بين أعضاء الفريق، إن الاستجابة التلقائية لهذا الحدث هي أن تعتريك موجة من القلق، سوف تشعل بألم و تضخم في المعدة و من ثم تنسحب " نفسيّاً " من الاجتماع " أي موجود بـ جسمك بدون عقلك كما يقال بالعامية "، و الأكثر صعوبة هو أن يسألك أحدهم عن رأيك في ظلّ هذه الظروف
إن الخلاف هو سبب رئيسي للتوتر الظرفي، تعلّم بعض التقنيات الفعّالة لحل الخلافات كي تكون مستعدّاً للتعامل مع التوتّر الظرفي الناجم عن الخلاف في أي وقت . ولا تنسى أهمية أن تتعلم كيف تحل الخلافات في الاجتماعات و ذلك لأن حل الخلافات الجماعية في فريق العمل مختلف عن حل الخلافات بين شخصين
إن كل منا يظهر استجابة مختلفة للتوتّر الظّرفي، كما أنّه من الضّروري أن تفهم الأعراض الجسديّة و العاطفيّة لهذا النوع من التوتر كي تتمكن من مواجهة الموقف و إدارة هذا النوع من التوتر بشكل ملائم، على سبيل المثال إن كنت من النوع الحسّاس عاطفيّاً فتعلّم كيف تحلّل و تنظّم و تعرض أفكارك بشكل سريع، كما لا يجب أن تنسى أن تعلّم مهارات التّواصل سوف يفيدك في مثل هذه المواقف، و كمثال آخر إن كانت استجابتك تتمثّل في الغضب فإن الحلّ الأمثل هو أن تتعلم كيف تسيطر على عواطفك
4 - التوتر الناجم عن التواصل :
إن التوتر الناجم عن التواصل يتعلق بالنّاس، فـ أنت تشعر به عندما تقلق حيال التّفاعل و التّواصل مع شخص أو مجموعة من النّاس، قد لا تحبّهم أو لا يعجبونك، أو قد يبدون بالنّسبة لك أشخاصُ لا يمكن توقّع تصرفاتهم
إن الإجهاد النّاجم عن التّواصل قد يصيبك في حال كان عملك يتطلب قدراً كبيراً من التّواصل مع النّاس كما حال مندوب المبيعات أو من يعمل في قسم خدمة العملاء و خاصّة إن كان هؤلاء الذين تتعامل معهم يمرّون بمأزق أو محنة ما، و على سبيل المثال فإن الأطباء و الاختصاصيين الاجتماعيين لديهم نسبة أعلى من الإجهاد الناجم عن التّواصل بما أنّهم يتعامل و بشكلٍ روتيني مع أشخاص غير أصحاء أو مستائين بشكل كبير
إدارة التوتر الناجم عن التّواصل :
إن هذا النوع من التوتّر يحدث بسبب " فرط التّواصل " حيث أنّك تشعر بالتّعب و الإرهاق بسبب التّواصل مع عدد كبير من النّاس
بما أن التّوتر الناجم عن التواصل يتعلّق و بشكلٍ كاملٍ بالتّواصل مع الناس فإن إدارة هذا النوع من التّوتر يتم عبر تعلم و تحسين مهاراتنا الاجتماعية .
قد تتسائل : من أين يجب أن أبدأ في تحسين مهاراتي الاجتماعية !؟
إن البداية المثلى هي في تطوير ذكائك العاطفي " الذي هو قدرتك على معرفة و إدراك العواطف، الاحتياجات و الرغبات بالنسبة سواء التي تتعلق بنفسك أو بالآخرين "
كما لا ننسى أنّه من المهم أيضاً أن تتمكّن معرفة الحدّ الأقصى للتواصل مع النّاس يوميّاً، ليس هناك حدّ معين بشكل عام، حيث أنّه لكل منّا حدّه الخاص
لكل شخص أعراض مختلفة تدلّ على وصوله إلى مرحلة التّوتر الناجم عن التواصل، لكن أحد الأعراض الشائعة هو الانسحاب نفسيّاً من بين الآخرين، و هناك أعراض اخرى كالنزق و البرود و عدم العقلانية أثناء التواصل مع الآخرين
عندما تشعر بهذه الأعراض افعل ما بوسعك لكي تأخذ قسطاً من الرّاحة، يمكنك أن تتمشى أو تشرب بعض الماء، كما لا تنسى ممارسة تمارين التنفس العميق
إن التعاطف يعتبر مهارة ذات قيمة عالية من حيث قدرتها على مساعدتك في مواجهة هذا النّوع من التّوتّر، حيث أنها تسمح لك برؤية الموقف من منظار الشّخص الذي تتواصل معه، و هذا ما يعطيك قدراً أكبر من الفهم للموقف، كما لا تنسى أن التّعاطف يساعدك في تنظيم تواصلك مع الآخرين مما يمنحك القدرة على تحديد مشاعر و احتياجات و رغبات الآخرين
ملاحظة 1 :
النزق قد يكون أحد أعراض الإرهاق، فإن كنت شخصاً يعمل بجدّ و جهد كبيرين و على قدر كبير من الالتزام، تأكد من أن تراقب هذه الأعراض في نفسك و اتّخذ الإجراءات اللازمة لتجنب الإرهاق
ملاحظة 2 :
إن التقنيات المذكورة في المقال سوف تساعدك على إدارة التوتر و التغلب عليه، على كل حال فإن التوتر قد يسبب مشاكل صحية عديدة و يجب أن تنظر إليه بجدية، قم بزيارة أخصّائي في العناية بالصحة في حال كنت شعرت أن مستوى التوتّر لديك بدأ يؤثر في صحتك
مصدر المقال
هنا
مصدر الصورة:
هنا