هل سيكون استخدام الـmicroRNA علاجاً جديداً للسرطان؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
يمكن أنْ تكونَ هذه الطفرات موروثةً من الأبوين، أو مكتسبةً خلال حياة الفرد نتيجةَ خطأ في انقسام الخلايا، أو التعرّض لبعض العوامل كالموادّ الكيميائية والإشعاع، ما يُحدث أضراراً في الـDNA.
وتصنّف هذه الطفرات ضمن عدّة أنواع رئيسة رغم اختلافها، فعلى سبيل المثال، تشكّل نسبة السرطانات التي تسبّبها طفرات في عائلة الجينات المعروفة باسم RAS أكثر من 30% من مُجمل السرطانات البشرية. وضمن هذه العائلة، فإنَّ الطفرة في الجين المدعوّ KRAS موجودة في 20% من مُجمل السرطانات البشرية، وتعدّ السرطانات المتعلّقة بهذه الطفرات تحديداً من أصعب السرطانات علاجاً، بالإضافة إلى انخفاض نسبة النجاة منها، وقدرتها على مقاومة العلاج الكيميائي.
استخدم فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا سان دييغو جزيئات الـmicroRNA، وهي قطعٌ صغيرة من المادّة الجينية، لتثبيط آلاف الجينات الأخرى بشكل منتظم، بهدف إيجاد صيغة قاتلة تستهدف السرطانات الحاوية على طفرة KRAS تحديداً.
ويوضّح أحد الباحثين الرئيسين المشاركين في الدراسة، أنَّ العلماء قد حاولوا طوال عقود تثبيطَ هذه الجينة بشكل مباشر، إلّا أنّ عدمَ التمكّن من تحديد جيوب ارتباط على البروتين لاستهدافها باستخدام أدوية ذات جزيئات صغيرة قد حال دون ذلك، وهنا عمد الباحثون لحلّ هذه المشكلة إلى البحث عن جزيئات أخرى، يؤدّي تثبيطها إلى قتل الخلايا الحاوية على طفرة في جينة KRAS فقط.
اشتملت الآلية العملية على استخدام جزيئات الـ microRNA كما ذكرنا، وهي جزيئات شبيهة بالـDNA لكنّها لا ترمّز أيّة بروتينات، بل ترتبط بالـ RNA مرسال الرامز للبروتينات، مؤدّية بهذا الارتباط إلى تثبيط عملية الترجمة أو تسريع تفكيك البروتينات في حال صُنّعت.
تستخدم الخلايا السليمة عادةً الـ MicroRNA للتحكّم بتفعيل الجينات وتثبيطها في أوقات مختلفة، أمّا في حالة الخلايا السرطانية، فتكون جزيئات الـmicroRNA أقلَّ نشاطاً، كما هو متوقع.
ولاختيار الـ MicroRNA المناسب، صنع الباحثون مكتبة ضمّت أكثر من ألف مماثل للـ microRNA البشري، بحيث يكون لكل منها تسلسلٌ مختلف، وقدرة مختلفة على الارتباط بجزيئات RNA مرسال.
في البداية، اختبروا كلّ microRNA على خلايا قولونية منمّاة في المخبر. احتوى نصف هذه الخلايا على طفرة في جينة KRAS جعلت البروتين أكثر نشاطاً، كما هي الحال في كثير من السرطانات، بينما كانت الجينة سليمةً في النصف الآخر. ثمّ انتقَوا جزيئات الـ microRNA التي أدّت لقتل الخلايا الحاوية على الطفرة فقط، واختبروا هذه الجزيئات على خلايا من سرطان الرئة، التي قُسّمت أيضاً إلى نصفين، أحدهما طافر والآخر سليم.
توصّل الباحثون بنتيجة هذه العملية لتحديد microRNA واحدٍ أثبت قدرته على تثبيط نموّ الخلايا المعتمدة على KRAS في كلّ من خلايا الرئة وخلايا القولون، وهو الـMicroRNA المعروف باسم miR-1298.
يثبّط miR-1298 بروتينين في الخلايا السرطانية هماFAK وLAMB3، وعندما جرّب الباحثون إسكات أيٍّ من هذين البروتينين، حصلوا على التأثير نفسه الناتج عن إضافة miR-1298، وهو توقف نموّ خلايا السرطان الحاوية على طفرة في KRAS.
إلى جانب ذلك، اكتشف الباحثون أنّ ارتفاعَ معدّلات بروتين LAMB3 مرتبطٌ بانخفاض معدّل النجاة لدى المرضى الحاملين لطفرات في KRAS، وبالنظر إلى حالة KRAS لدى 259 مريضاً بسرطان الرئة، حمل 143 منهم طفرات في KRAS، بينما لم يحملها 116 شخصاً. وبعد نحو 10 سنوات، كان احتمال نجاة المرضى الحاملين لطفرة KRAS مع معدّلات عالية من LAMB3 حوالي 20%، بالمقارنة مع ما يقارب 60% للمرضى الحاملين لطفرة KRAS مع معدّلات منخفضة من LAMB3، الأمر الذي يدفع لاقتراح استخدام هذا البروتين كعلامة حيوية تكهّنية، أو هدف علاجي في السرطانات الناتجة عن طفرة KRAS.
ختاماً ، يقترح هذا الاكتشاف أيضاً إمكانية استخدام microRNA في المستقبل لدراسة العمليات الحيوية المعقّدة، أو تحديد أهداف علاجية جديدة، وتطوير علاجات جديدة ممكنة تعتمد على الـRNA، ما يعطي آمالاً واعدةً بإيجاد طرق جديدة لمعالجة السرطان في المستقبل.
المصادر:
هنا
هنا