من منا لم يتوقف هاتفه المحمول عن العمل في منتصف مكالمة مهمة، أو يتعطل حاسوبه الشخصي قبل أن يضغط زر الحفظ Save؟
ربما لا تكون المشكلة هي ثغرة في نظام التشغيل كما تظن ، بل من الممكن أن يكون حاسوبك قد وقع ضحية لجسيم عالي الطاقة من الفضاء الخارجي! هذا ما يقوله فريق بحثي من جامعة فاندربيلت في ولاية تينيسي Vanderbilt University in Tennessee.

يتعرّض الغلاف الجوّي للأرض بشكلٍ مُستمر إلى رشقاتٍ من الأشعة الكونيّة. وعندما تضرب هذه الأشعة الغلاف الجوي للأرض فإنها تٌمطر الأرض بوابلٍ من الجسيمات دون الذرية، الّتي تمرُّ الملايين منها خلال جسمك كل ثانية دون أن تسبب أي ضرر.

ولكن تأثير هذه الجسيمات على الدارات الكهربيّة الدقيقة أكبر بكثير! هذا ما شرحه دكتور الهندسة Bharat Bhuva في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم American Association for the Advancement of Science، في ولاية بوسطن في فبراير الماضي. فمثلًا يمكن لِجُسيمٍ عالي الطاقة أن يَتسبب في ضياعِ البيانات المُخزّنة على الذاكرة أو ما يسمى (bit flip) . بل من الممكن أن يُحدِثَ تلفًا كاملًا لأحد المكونات.

و بالرّغم من أنّ مشكلة هاتفك المحمول أو حاسوبك النقّال قد تكون نتيجة أسباب أُخرى لا علاقة لها بالجُسيمات عالية الطاقة ، لكنّه أمرٌ يحدث بالفعل أحيانًا.

عام 2008، تعرضت طائرةٌ تابِعةٌ لشركة الطيران كانتاس Qantas كانت متجهة من بيرث Perth إلى سنغافورة، لرشقاتٍ من جسيماتٍ عالية الطاقة أدّت لتعطّل برنامج الطيار الآلي، مما تسبَبَ في هبوطٍ مُفاجئ للطائرة أدى لإصابة ثلث المسافرين بجروح مختلفة قبل أن يستعيد الطاقم السيطرة على الوضع.

وفي انتخابات بلدية سكاربيك Schaerbeek في بلجيكا عام 2003، حدث عطل في الحاسوب أدى لإضافة 4096 صوتًا لأحد المرشحين ، ولم يتم اكتشاف هذا العطل إلا عندما وجدَ القائمون على الانتخابات أنّ مجموع الأصوات أكبر من مجموع الناخبين في المدينة.

تزداد المشكلة سوءًا مع التطوّر المُستمِر في صِناعة الدوائر الكهربيّة الّتي تَدخُل في تركيب العديدِ من الأجهزة والجوالات. بيدَ أنّ المُصنعين يتجهون ِلضغط حجم الترانزستور أكثر فأكثر مما يَسمحُ لكميّةٍ أصغر من الطاقة أن تُحدِث تغييرًا في البيانات (bit flip) مِما يُعرّض الأجهِزة لِخطرٍ أكبَر.

من جهةِ أُخرى، تؤدي زيادَةُ عددِ الترانزستورات في معالجات البيانات processors بداخل الحواسيب والهواتف النقّالة إلى زيادة احتمالية التعرّض لأذى الجُسيمات عالية الطاقة. يقول بوفا Bhuva : " إنَ هذه الظاهرة خطيرة للغاية، لأنها تؤثر في صناعاتٍ مُتعددة منها: الطيران ، المعدات الطبية، وسائل النقل ومحطات الطاقة. لكن لحسن الحظ فإنّ تلك الشركات تتخذ خطواتٍ جديّة لجعل الدوائر الكهربية أقل عرضة للخطر.

يضيف بوفا Bhuva: "لكن قطاع الإلكترونيات الاستهلاكيّة ما زال يُماطل في معالجة هذه المشكلة". لكن بالرغم من ذلك فإن احتمالية تأثّر الأجهزة بهذه الظاهرة لا يزال ضئيلًا، ولإصلاحِ هذا العطل عليك فقط اتباع التعليمات التقليدية لمهندسي الصيانة بغلق الجهاز ثم تشغيله مجددًا!

المصدر: هنا