ناسا: أقمارٌ في مجموعتنا الشمسيّة مؤهلةٌ لدعم الحياة
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
تضمّنت الورقة العلمية الأولى معلوماتٍ عن وجودِ غاز الهيدروجين على السطح المتجمد لقمر كوكبِ زُحل "إنسيليدس" نتيجة تفاعُلاتٍ كيميائية حرارية خاصّة بالهيدروجين تجري تحت طبقة الجليد في قعر المحيط المخفي الّذي يحيط بهذا القمر. إنّ وجودَ الهيدروجين بكمياتٍ كبيرة في مُحيطاتِ "انسيليدس" يسمح للميكروبات –إن وُجدت- بأن توظّفَ تفاعُل هذا الهيدروجين مع ثاني أوكسيد الكربون المنحل في المياه من أجلِ توليدِ غازَ الميثان فيما يعرف بعمليّة "تركيب الميثان" أو methanogenesis. هذا النوع من التفاعلات هو أصل شجرة الحياة على الأرض ووجوده في "انسيلادوس" قد يعني فرصة لنشوء الحياة هناك !
إن نشوء الحياة كما نعرفها يتطلب ثلاثة عناصر أساسية: أوّلاً الماء السائل وثانياً مصدر للطاقة من أجل عملية الاستقلاب و أخيراً المكونات الكيميائية المناسبة : الكربون والهيدروجين والنتروجين والأوكسجين والفوسفور والكبريت. وهذا الاكتشاف الأخير يظهر بأن القمر "انسيليدس" المتجمد والذي يبعد مليار ميلٍ تقريباً عن الأرض يحوي جميع هذه العناصر الداعمة للحياة تقريباً !
ولكن حتى الآن فإن المركبة كاسيني لم تظهر وجود أي آثارٍ للفسفور أو الكبريت في المحيط الخاص بالقمر "انسيليدس" إلا أن العلماء يتوقعون وجود هاتين المادتين لأنهم يتوقعون بأن النواة الصخرية لهذا القمر تُشبِهٌ في تركيبها الكيميائي الأحجار النيزكية على سطح الأرض.
الجدير بالذكر بأن المركبة كاسيني رصدت أعمدة البخار والجليد التي ينفُثها "انسيلادوس " خلال مرورها الأخير عبر إحدى هذه الأعمدة البخارية في أكتوبر 2015. كما جمعت كاسيني مؤخرًا عيناتٍ من هذه الينابيع أظهرت أنها تتكون بنسبة 98% من الماء و 1% من الهيدروجين و 1% من مكونات أخرى كثاني أوكسيد الكربون والميثان والأمونيا.
أُجريت القياسات باستخدام الأجهزة المحمولة على متن المركبة كاسيني التّي صُممَت بالأصل لِدراسَةِ الغلاف الغازي لِقمر زُحل المدعو " تايتان". وبعدَ أن اكتشفت المركبةُ ينابيع الرذاذ الجليدي المُتصاعد من "إنسيليدس" وجّه العلماء كاسيني نحوه . شكّل الأمرُ مفاجأةً للعلماء، إذ لم يعرفوا بوجود هذه الأعمدة من قبل، إلا بعد وصول كاسيني لِمدار زُحل.
أما فيما يَخصُ الوَرقةَ الثانية والّتي نُشرت في مجلة The Astrophysical Journal Letters، فقد تضمَنت معلوماتٍ عن رصدِ تلسكوب هابل لأعمدةٍ من المواد تتصاعدُ من سطح قمرِ المُشتري "يوروبا" في العام 2016. جاء هذا الرصد ليؤكِدَ صحّة البيانات الّتي سبقَ و أن رصدها المقراب عام 2014 في ظاهرة فريدةٍ من نوعها تتكرر في نفس المكان من القمر.
ظهرت المادةُ في الصور بارتفاع يقارب 100 كيلومترٍ عن سطح "يوروبا" في الوقت الذي قُدر فيه ارتفاع تلك التي رُصدت في 2014 بحوالي 50 كيلومتراً. حدثت هذه الظاهرة في موقعٍ دافئ نسبياً من سطح "يوروبا" يحوي مايشبه الشقوق في الغلاف المتجمد المحيط به، والتي رُصدت لأول مرة باستخدام المركبة جاليليو في آواخر التسعينات. ويعتقد العلماء أنه وكما هي الحالة في "انسيليدس" فإن هذه الأعمدة هي عبارة عن ماء يندفع من محيط موجود تحت الغلاف المتجمد للقمر "يوروبا".
وحيث أننا نعلم أن المواد الّتي ينفُثها "انسيليدس" ترتبط بحرارة المناطق التي تنطلق منها فإن دراسة الخريطة الحرارية للقمر "يوروبا" تظهر بأن المناطق التي تنطلق منها هذه الأعمدة تتوافق تماماً مع مناطق الشذوذ الحراري في القمر. وتفسيرًا لهذا الرابط يقترحُ العلماء نظريتين : الأولى تقضي بأن الماء الموجود تحت السطح في تلك المناطق يقوم بتسخين السطح، أما الثانية فتقترحُ أنّ الماء الّذي يتساقَطُ بعدَ تصاعُد أعمدة بخار الماء يغيّر بُنية السطح بما يجعله قادراً على الاحتفاظ بالحرارة لفترة أطول نسبيًا من المناطق الأخرى.
الجديرُ بالذكر، أنّ رصدَ هذه الظاهرة على القمر "يوروبا" حدثَ بفضلِ ظاهرةِ العبور الفلكيّة، فمرورُ "يوروبا" من أمام المشتري حجَبَ جُزءاً من ضوء الكوكب لصالح القمر، الأمر الّذي شكّل فرصةً ذهبية لمقراب هابل ليتمكّن من رؤيةِ هذه الظاهرة بوضوح.
تُشكلُ أرصاد هابل والمهمة التي يعمل عليها كاسيني معاً حجر الأساس لمهمة ناسا القادمة في العام 2020 والتي تدعى ب "يوروبا كليبر Europa Clipper "، والتي ستكونُ مصممة خصيصاً لِدراسةِ ينابيع "يوروبا". وسيحمل المسبار "يوروبا كليبر " أجهزةَ ومعدات حديثة وكاميرات تصوير بالأشعة فوق البنفسجية ستقوم بقياسات مماثلة لتلك التي قام بها هابل ولكن من مسافة أقرب بكثير.
المصدر: هنا
روابط مقالاتنا المرتبطة بالأقمار يوروبا و إنسيليدس:
مالذي سيعنيه اكتشاف صفائح جليدية على سطح قمر يوروبا هنا
العلماء يوكدون وجود محيط كامل تحت القشرة الجليدية لأحد توابع زحل: إنسيلاودس هنا
كواكب قد تحوي على الحياة ضمن مجموعتنا الشمسية هنا
أقمار زحل أحدث من بعض الديناصورات هنا