مرونة المدن اتجاه الصدمات.
العمارة والتشييد >>>> التشييد
في عام2016 أطْلقت العديد من المنظمات مبادرةَ المرونةِ التي تهدف لجعلِ كلمةِ "مرونة resilience" الكلمةَ الأكثرَ رواجاً في مجالِ البناءِ والبُنْيَةِ التحتيّةِ، حيث عُرِفت المرونة في مجالاتٍ عديدةٍ، ففي عام 2014 عرَّفت لجنةُ الاستدامةِ ASCE/SEI المرونةَ بأنّها القدرةُ على جعلِ أثرِ الأضرارِ أقلَّ ما يمكن، وإمكانيّةُ إجراءِ الصّيانةِ وإعادةِ التأهيل خلالَ مدّةٍ زمنيّةٍ قصيرةٍ، حيثُ تشمُلُ الأضرارُ، الكوارثَ الطبيعيّةَ وتغيّرَ المناخ، بالإضافةِ إلى الأحداثِ الاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ التي يمكنُ أن تلحق الضررَ بالمُجتمَعِ.
طَوَّرت العديدُ من المدنِ خطَطَ المرونةِ لديها من أجلِ تقييمِ البنيةِ التحتيّةِ الحاليّةِ، ووضعِ أولويّاتٍ للتخطيطِ المستقبلي، فمثلاً قامت مدينةُ نيويورك NEW YORK CITY بتطويرِ ONENYC، بسبب الأضرارِ البالغةِ التي سبّبها إعصارُ ساندي عام 2012، وتُعرّف ONENYC بأنها عبارةٌ عن خطةٍ تتناولُ تخفيفَ أثرِ الفيضانات على طولِ 250 miles من ساحلِ مدينةِ نيويورك NEW YORK CITY.
تبيّنُ الصورة نفقَ Battery Park في مدينةِ نيويورك NEW YOURK بعدَ إعصارِ ساندي:
Image: Courtesy of FEMA.
تناولت هذه الخطّةُ كيفيّةَ التّخفيفِ من الفيضاناتِ بالنسبةِ لسكّانِ مدينةِ نيوروك والذي يبلغُ عددُهم 400000 ويعيشونَ في السّهولِ المعرّضةِ لخطرِ الفيضاناتِ، كما قامت مدينةُ بوسطن Boston بوضعِ خطّةٍ للتكيّفِ مع تغيّرِ المناخِ والتي تضمّنت خرائطَ مخاطرِ الفيضاناتِ، التي تستندُ إلى ارتفاع مستوى سطحِ البحر، بالإضافةِ إلى إشراكِ المجتمعِ المحلي في هذهِ الخطّةِ. وفي عام 2014 وَضَعت مدينةُ نيو أورليانز New Orleans استراتيجيّةً لتحسينِ مرونةِ المدينةِ أيضاً، وتتناولُ هذهِ الخطّةُ التخفيفَ من آثارِ الفيضاناتِ من خلالِ استخدامِ منهجياتٍ مبتكرةٍ، مثل الحدائقِ العامّةِ والشّوارعِ الخضراءِ، لحمايةِ اقتصادِ المدينةِ وسكّانِها.
مثلُ هذهِ الإجراءاتِ سيكونُ لها تأثيرٌ مباشرٌ على عملِ المهندسينَ المدنيّينَ الذينَ يعملونَ في تلكَ المناطقِ، حيثُ سيتوجّبُ عليهم التأقلمُ معَ الخططِ في عملهِم ومشروعاتِهم لتحقيقِ أعلى درجةٍ من الأمانِ، فعلى سبيلِ المثالِ في مدينةِ سان فرانسيسكو SAN FRANCISCO، تمّ اعتمادُ برنامجِ التحديثاتِ الزلزاليّةِ Mandatory Seismic Retrofit Program (أي تقويةُ وتدعيمُ المباني لجعلِها أكثرَ مقاومةٍ للزلازلِ) وجعلُهُ إلزاميّاً في المباني الطابقيّةِ المؤلفةِ من إطاراتٍ خشبيّةٍ (مبانٍ بطابقٍ أولَ ليّنٍ -أو ضعيف- والمعرّضة للانهيارِ بسببِ الزلازلِ)، ونتيجةً لهذا المرسوم قامَ المهندسون بمسحِ حوالي 4300 مبنىً، وقد تمّ تقييمُ 2800 منها على أنّها غيرُ مقاومةٍ للزلازلِ وتحوي طوابقَ ليّنةً، كما اعتُمِدَ قانون المباني الخشبيّةِ ذاتُهُ من قبلِ مدينةِ لوس أنجلوس Los Angeles بالإضافةِ إلى قانونٍ يقضي بجعلِ تقويةِ وتدعيمِ المباني المُشيَّدةِ من الخرسانةِ المسلّحةِ إلزامياً، وقد شملَ هذا القرارُ أكثرَ من 15000 مبنى.
وكذلك بهدفِ رفعِ كفاءة خططِ المرونةِ، وَضعت مدينتا بورتلاند Portland وسياتل Seattle خرائطَ تفاعليّةً لتحديد جميعِ المباني غير المدعّمةِ من قبلِ مكتب (URM)، وهو مكتبُ فريقِ الهندسةِ الإنشائيّةِ المسؤولُ عن تنظيمِ وتنفيذِ كوداتِ البناءِ للمدنِ في مجالِ التقييمِ الزلزالي، وتقويةِ وتدعيمِ المباني القائمة أو الجديدة كجزءٍ من عمليةِ الترخيصِ، وقامت مدينةُ نيويورك NEW YORK CITY أيضاً بوضعِ وثيقةِ تقويةٍ وتدعيمٍ للمباني من أجلِ خطرِ الفيضانات
NYC Planning, 2014، كما قامت بتحديثِ كودِ البناءِ لمدينةِ نيويورك ليتضمّنَ مخاطرَ الفيضاناتِ.
Image: http://www.structuremag.org/?p=10884
إنّ مرونةَ المدنِ اتجاه الصدماتِ المختلفةِ بشكلٍ عامٍ يمكنُ معالجتُها على مستوياتٍ مختلفةٍ، أي يمكنُ معالجتُها على أساسِ الفردِ أو المجتمعِ أو غيرهِ. وهناك العديدُ من المنظماتِ التي تهتمُّ بمعالجةِ خططِ المرونةِ التي تخدمُ المجتمعَ، علماً أنّ جميع التقييماتِ والتوصياتِ التي تقومُ بها المدنُ والمنظماتُ سيكونُ لها تأثيرٌ مباشرٌ على قيمةِ التحميلِ القصوى التي سيأخذُها المهندسُ الإنشائي بعينِ الاعتبارِ عند تصميمِ وتقييمِ المباني.
على المهندسين المدنيين عموماً مواكبةُ جميعِ مستجدّاتِ تلك الخططِ التي لها تأثيرٌ مباشرٌ عليهم وعلى كوداتِ البناءِ التي يعتمدون عليها في التصميمِ، كون المسؤوليةَ الملقاةَ على عاتقهم كبيرةٌ في حمايةِ هذه المدنِ من الصدماتِ والكوارثِ المتنوّعةِ التي قد تتعرّضُ لها بالإضافةِ لدورِهم بالمساعدةِ في تحسينِ المجتمعِ وتطويرهِ نحوَ الأفضلِ.
برأيكم ما الإضافاتُ التي يمكنُ أن تُطرحَ على التشريعاتِ وشروطِ البناءِ في بلدنا من وجهةِ نظرٍ هندسيةٍ لتحسينِ منشآتِنا وبنيتِنا التحتيّةِ ومرونتِها ومقاومتِها للصدماتِ التي يمكنُ أن تتعرّضَ لها في المستقبلِ، وكيفَ يمكنُ الاستفادةُ من التجاربِ الأخرى فيما يخصُّ هذا المجال؟
المصدر: هنا