هل سنستغني عن الذكور يوماً؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> غرائب الحياة الجنسية عند الحيوانات
وهنا سنتعرّف على قصّة سمكة القرش ليوني، وهي من جنس Stegostoma fasciatum، ويطلق عليها اسم الحمار الوحشي، لأنّها سمكة مخطّطة. التقت هذه الأنثى شريكَها في حوض أسماك في أستراليا، وأنجبا معاً أكثر من 24 مرّة، قبل أنْ يُنقل الذكر إلى حوض آخر، ومنذ ذلك الوقت لم يكن لليوني أيّ اتّصال مع الذكور، لكنّ الغريب ما حدث في بداية عام 2016، عندما أنجبت ليوني ثلاثة صغار.
بعد هذا الخبر المدهش بدأت Christian Dudgeon مع فريقها البحثي من جامعة Queensland في أستراليا، محاولة الحصول على إجاباتٍ لما يحدث.
وكان أحد الاستنتاجات أنّ السمكة ليوني قد احتفظت بحيواناتٍ منوية من شريكها السابق، واستخدمتها مؤخّراً لتخصيب بيوضها، لكنّ الاختبارت الوراثية أظهرت أنّ مصدرَ المادّة الوراثية الموجودة عند المواليد الجدد هو الأمّ فقط، ما يشير إلى أنّ التكاثرَ قد حدث بطريقة لا جنسية.
تشير دراساتٌ سابقةٌ إلى قدرة بعض الفقاريات على التكاثر اللاجنسي، على الرغم من أنّها تتكاثر جنسياً في الحالة الطبيعية، ومن هذه الأنواع سمك القرش، والديك الرومي، وأحد أنواع السحالي الضخمة الذي يعرف باسم Komodo dragon ، إضافةً إلى الثعابين، وأحد أقارب أسماك القرش التي تدعى rays أو أسماك اللّخمة.
إنّ معظم الحالات المسجّلة للتكاثر اللاجنسي كانت لإناث لم تحظَ بشركاء من الجنس الآخر، وسُجّلت حالات قليلة لإناثٍ تكاثرت لاجنسياً، رغم أنّها حظيت بعلاقة جنسيةٍ سابقةٍ أنجبت من خلالها.
وتقول Dudgeon: "إنّ اثنتين من الإناث فقط، إحداهما تعود لنوع من أسماك اللخمة يطلق عليه اسم Eagle rays، والثانية لأحد أنواع الثعابين Boa constrictor، قد تحوّلتا من حالة التكاثر الجنسي إلى اللاجنسي حين كانتا في الأَسر. ورُصدت حالات قليلة حدث فيها التحوّل من التكاثر اللاجنسي إلى الجنسي، في الأنواع التي تملك القدرة على التكاثر بالطريقتين، وبشكل عام فإنّ الانتقال بشكل معاكس (أي من التكاثر الجنسي إلى اللاجنسي) أقلّ شيوعاً."
آلية حدوث التكاثر اللاجنسي في القروش تكون على النحو التالي، تُلقّح البويضة المؤنّثة بما يسمّى الخلية القطبية المجاورة، ( وهي خلية شقيقة للبويضة تنتج وإيّاها من الانقسام الميوزي)، وهي تحتوي بالطبع مصدر المادّة الوراثية ذاته، أي من الأنثى، ما يسبّب حدوث الحدّ الأكثر تطرّفاً من زواج الأقارب، وهي في جميع الأحوال ليست استراتيجيةً مفيدةً للاستمرار لأجيال عديدة، لأنّ هذه العملية تقلّل من التنوّع الحيوي والقدرة على التكيّف. ومع ذلك فقد يكون من الضروري عند ندرة الذكور أنْ تتكاثرَ الإناث بهذه الطريقة، فتنتقل المادّة الوراثية من أنثى لأخرى عبر الأجيال المتتالية، إلى أنْ تتوفّر الذكور مرّةً أخرى للقيام بالتكاثر الجنسي.
وأخيراً تضيف Dudgeon: "إنّ التحوّل من طريقة التكاثر الجنسي إلى اللاجنسي شيءٌ طبيعي، لكنّنا لم نكن نعلم بالأمر، ويمكن أنْ يكونَ هذا الأمر مفيداً للغاية، وأكثر شيوعاً ممّا نعتقد."
تُرى، هل من الممكن أنْ تكونَ هذه الخاصّية متوفّرة لدى أنثى الإنسان، وهل يمكنا حينها الاستمرار فعلاً دون ذكور؟!
المصادر
هنا
هنا