الاقتصاد الكلي- التضخم
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
يعدّ مقياس التضخم المسمى مؤشر أسعار المستهلك (CPI Consumer Price Index) أكثر مقاييس التضخم شيوعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، ويستخدِم ما يُسمى "سلة السوق" (Market Basket) من السلع لقياس التغيّرات في الأسعار التي يواجهها المستهلكون العاديون في اقتصادٍ ما. إلا أنّه غالباً ما يقوم اقتصاديو ومصرفيو المصرف المركزي باعتماد مؤشر "التضخم الأساسي" Core inflation وهو يشمل نفس سلع "سلة السوق" ولكن بعد استبعاد سعر الغذاء والطاقة.
يمثّل مؤشر أسعار المنتجين ( Producer Price Index PPI) مقياساً للتضخم، حيث يتتبع هذا المقياس الأسعار التي يحصل عليها المنتجون مقابل سلعهم. وعلى الرغم من أنّ هذا المقياس مستخدم منذ زمنٍ طويل، إلا أنّ التغيّر في تكوين بعض الاقتصادات واتجاهها نحو الخدمات، بعيداً عن التصنيع يقلل من أهمية استخدامه في الوقت الحاضر.
يُعتبر "مُعامِل انكماش الناتج المحلي الإجمالي" (GDP Deflator) خياراً آخر لقياس الأسعار والتضخم. وكما يوحي الاسم فإن هذا المقياس هو أداة لقياس الأسعار تُستخدَم لتحويل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ويُعتَبر معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي مقياساً أوسع من مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لأنه يتضمن السلع والخدمات التي تشتريها الشركات والحكومات.
في حين أنّه لا يوجد إجماع على معدل التضخم "الصحيح" لاقتصادٍ ما (أو حتى فيما إذا كان وجود التضخم ضرورياً)، إلا أنّه يوجد نوع من الإجماع حول الآثار المختلفة للتضخم المتوقع والتضخم غير المتوقع. عندما يكون التضخم متوقعاً، يتمكن الوكلاء الاقتصاديون من التخطيط والتصرّف وفقاً له (ترفع الشركات الأسعار، يطالب العاملون بأجور أعلى ويرفع المقرِضون أسعار الفائدة). أما التضخم غير المتوقع فهو أمرٌ أكثر إشكالية، عندما يكون التضخم غير متوقع يلحق الضرر بالعاملين وأصحاب الدخل الثابت والمدخرين. لكن من ناحية أخرى، فإنّ التضخم غير المتوقع غالباً ما يعود بالنفع الشركات التي تستطيع أن ترفع الأسعار بسرعة دون أن تضطر إلى رفع الأجور فوراً. كما يعود بالنفع على المقترضين الذين يتمكنون من سداد ديونهم بأموالٍ تكون قيمتها الاقتصاديّة أقل من تلك التي اقترضوها.
على الأجل الطويل، يمكن أن يسبب التضخم غير المتوقع العديد من المشاكل في الاقتصاد. حيث تستثمر الشركات مبالغ أقل من الأموال في مشاريع طويلة الأجل نظراً لعدم إمكانية التأكد من العوائد. بالإضافة إلى التشوّه الذي يصيب المعلومات السعريّة، كما يقضي المستهلكون وقتاً أكبر في محاولات حماية أنفسهم من التضخم ووقتاً أقل في الانخراط في الأنشطة الإنتاجيّة. تميل فترات التضخم أيضاً إلى إعادة توجيه الاستثمار من الأعمال التجاريّة نحو الأصول الثابتة، مما يحرم الشركات من رأس المال الذي تحتاجه للنمو والتوسع.
وتُعَدّ مسببات التضخم موضع جدلٍ في النظريات الاقتصاديّة، حيث يعتقد بعض الاقتصاديين بوجود أنواعٍ مختلفةٍ للتضخم. فعلى سبيل المثال "تضخم التكاليف" (Cost-Push Inflation) ينتج عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع عدم وجود بدائل ملائمة لها، وتعدّ أزمة النفط في السبعينات مثالاً هاماً على ذلك. تُعتبر وجهة النظر هذه وجهةَ نظرٍ كينزية*، حيث لا يعتقد النقديون أنّه يمكن للزيادة في أسعار السلع والخدمات أن تقود إلى التضخم دون وجود زيادة في العرض النقدي.
أما "تضخم الطلب" (Demand-Pull Inflation) فيفترض أنّ التضخم هو ارتفاع في أسعار السلع والخدمات ينتج عن زيادة الطلب الكلي على العرض الكلي. حيث توصف تلك الحالة بعبارة: يوجد الكثير من الأموال لشراء القليل من السلع. وكما هو الحال بالنسبة لتضخم التكاليف، يعارض النقديّون وجود التضخم بسبب زيادة الطلب الكلي في حال عدم وجود تغيرات في العرض النقدي.
*الكينزية: نظرية اقتصادية أسسها الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز تتعلق بالاقتصاد المختلط والاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي.
المصدر هنا