هل أنت متذوقٌ جيدٌ أم سيء للطعام؟ اقرأ لتعرف!
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
هُناكَ خَمسُ طعومٍ مَعرُوفَةٍ بِشكلٍ جَيّدٍ حتى الآن، وهيَ الطعمُ الحُلو والمَالِحُ والحَامِضُ والمُرُّ، والأومامي ‘Umami، وهُناكَ أَيضاً قُبولٌ مُتزايِدٌ لاعتبارِ الدُّسُمِ كَطَعمٍ سادِسٍ مِنَ الطُّعومِ الأَساسيَّةِ.
من المعروف أن تذوّق الأطعمة وإبداءَ الرأي في خصائصها ومميزاتِها أو سلبياتها قد أصبحَت مهنةً رائجةً في الآونة الأخيرة، ويحصل ممارسوها على مبالغَ طائلةٍ لقاء هذه حواسّهم المتميزة والتي تتيح لهم آفاقاً قد لا يبلغُها الآخرون.. فكيف نصنّف شخصاً ما على أنّه ذوّاق أو غيرُ ذوّاق؟
مِنْ خِلالِ استِخدَامِ مُركَّبٍ كِيميائيٍّ مَعروُفٍ بِطعمِهِ المُرِّ والذي يُدعى 6-ن-بروبيل ثيويوراسيل (6-n-propylthiouracil)، وَجَدَتْ الدُّكتورة Bartoshuk أنًّ حَوالي 25% مِنَ التِّعدادِ العامِّ للأشخاص هُمْ مِنَ المُتذوقينَ المُمتازينَ لِطَعمِ هذا المُركَّبِ الكيميائيّ، ومقدارٌ مساوٍ لِذلكَ (25-30%) لَم يَستطيعوا تَذوّقَهُ. أمَّا مُتوسّطي القُدرةِ على تَذوّقِ هذا المركب الكيميائي المُرّ فَنِسبَتُهُم حَوالي 45-50% مِنْ إجمالي التعداد.
وبينَمَا كانَ المُتذوقُونَ المُمتازُونَ يَشعُرونَ بالطعم المرّ حتى مِنَ المَقاديرِ البَسيطةِ مِنْ هذا المُركَّبِ الكيميائيّ، كانَ مُتوسطو حاسة التَّذوُّقِ يَشعُرونَ بمرارٍ خفيفٍ فَقَطْ. ويبدو السَّبَبُ وراءَ هَذا الاختلافِ بسيطاً وواضِحاً، ذَلِكَ أنَّ المُتذوّقينَ المُمتازينَ يَمتَلكُونَ عَدَداً أكبرَ مِنَ الحُليماتِ الذَّوقيّةِ الظاهرة مُقارنَةً مَعَ المُتذوقينَ الاعتياديينَ وغيرِ الذّواقينَ، وهذا يَعنيْ أنَّ لَديهِم عَدَدٌ أكبرُ مِنَ الخلايا الذَّوقيَّةِ الحسّيةِ ذاتِ المُستقبلاتِ الحسّيةِ للطَّعمِ المُرِّ. كَما يُعَدُّ المُتذوّقونَ المُمتازونَ حسّاسِينَ بِشكلٍ أكبَرَ للطَّعمِ الحُلوِ والمَالِحِ والأومامي، ولكِنْ بِدَرَجَةٍ أَقَلَّ للطّعمِ الحَامِضِ.
يَبدُو أَنَّ المُتذوّقينَ المُمتازينَ يَتمَيّزونَ عَنِ الآخرينَ بِقُدرَتِهِمْ على التَذَوُّقِ والتَّلَذُّذِ بِالطَّعامِ، ولكِن لِسوءِ حَظّهِمْ، وبِسَبَبِ كَونِهِم حساسينَ جِدّاً للطعمِ المُرّ، فهُم يَميلونُ ليَكُونوا انتقائيّينَ وكارِهينَ للعَديدِ مِنَ الأطعِمَةِ، فَهُم لا يُحبُّونَ الأطعِمَةَ الحارَّةَ والكثيرةَ التّوابِلِ لأنَّ مُستقبلاتَ الألمِ لدَيهِم تُحيطُ بالخلايا الذَّوقيَّةِ، أي أن لَدَيهِم عَدَداً أكبرَ مِنْ مُستقبلاتِ الألَمِ.
بَينما يُفضّلُ غَيرُ الذّواقينَ الأطعِمَةَ الحارَّةَ والكثيرةَ التَّوابِلِ، وعَادَةً مَا يَتَطَّلبُونَ المَزيدَ مِنَ التّوابِلِ لِجَعلِ الطّعامِ يَبدُو جَيّدَ المَذاقِ، وهذا صَحيحٌ بِشكلٍ عَامٍّ باستثناءِ المِلحِ. وَبِسبَبِ أنَّ المِلحَ يُخفي الطَعمَ المر في الطعام،نجد أن المُتذوقينَ المُمتازينَ يستهلكون مِقدارَاً أكبَرَ مِنَ الصوديوم مُقارَنةً بِغيرِهِمْ مِنْ غَيرِ الذّواقينَ.
ومِنْ جَانِبٍ أخرَ، يَمِيلُ المُتذوقونَ المتوسطونَ إلى تَفضيلِ مُعظَمِ الأطعِمَةِ فَهُمْ لا يَنفُرون مِنَ الطعامِ الذي يَبدو مَذَاقُهُ مُرَّاً وغَيرَ مُحبَّبٍ. ورَغمَ ذلكَ فإحساسُهم بالتذوُّقِ قَويٌّ كِفايَةً بِحَيثُ يُمكِنُهُمْ التَّلذُّذُ بِمُعظَمِ الأَطعِمَةِ مِنْ دونِ إِشباعِهَا بالمِلح ِوالصّلصَةِ. واستِناداً إلى المُلاحظاتِ المَذكورةِ، فالاختِلافُ الوراثيُّ للطَّعمِ يُمكنُ أنْ يُؤثِّرَ على كُلٍّ مِنْ تَفضيلِ الأطعِمَةِ، والحِمياتِ، والصّحَّةِ.
بسبب حساسيتهم الأكبرَ للطَّعمِ المُرِّ للمُركَّبِ 6-ن-بروبيل ثيورراسيل، يَميلُ المُتذوّقونَ المُمتازونَ لِتناوُلِ خُضرواتٍ أَقلَّ بِسبَبِ إحساسِهِم بالطعم المرّ، كما وُجِدَ أنَّ لديهُم تِعداداً أكبرَ مِنَ الزُّغاباتِ في القولونِ، ويعتبرُ كلا الأمرين بِمثابَةِ عَوامِلَ خُطورَةٍ كَامِنَةٍ لِسَرَطانِ القُولونِ.
ومِنَ النَّاحِيَةِ الإيجابيَّةِ، فَلِلمُتذوّقينَ المُمتازينَ وخُصوصاً الإِناثِ مِنهُم، تَفضيلٌ أقلُّ للطَّعمِ الحُلوِ والأطعِمَةِ عاليَةِ الدُّهونِ، ولكِنهم يمتَلِكونَ بالمُقابِلِ مِقياسَ كُتلةِ جِسمٍ (BMI) أقلَّ، ويَميلونَ لأنْ يَمتلِكوا مَظاهِرَ قلبيَّةٍ وعائيَّةٍ عُلْوِيّةٍ، إضافَةً إلى أنَّهُمْ لا يَميلونَ إلى تَفضيلِ المَشروباتِ الكُحوليَّةِ ويكونون أقلَّ تَفضيلاً للتّدخينِ.
بينما يَكونُ لغَيرِ الذّواقينَ تَفضيلٌ واضِحٌَ للأَطعِمَةِ الحُلوةِ وعالِيَةِ الدُّهونِ، كما أنَّهُمْ يُظهرونَ أعلى مُعدّلاتِ تناولِ المَشروباتِ الكُحوليَّةِ وأعلى مُعدّلِ إِدمانٍ على الكُحولِ. وبِشكلٍ مُلفِتٍ للنَّظَرِ، يكون الأشخاص شديدو الإحساس بالطعم المرّ نَحيلينَ عادةً، بَينما يكون العكس صحيحاً لدى الأشخاص الذين يمتلكون عتبةً مرتفعةً للإحساس بالطعم المرّ.، فنجدُهُم أكثرَ وزناً من غيرِهم.
المصدر:
هنا