دور الحمية الكيتونية في علاج مرضى الصرع
الغذاء والتغذية >>>> التغذية والأمراض
ويعتبر النظام الغذائي الكيتوني نظاماً معتمداً أظهر فعاليةً عند تطبيقه على العديد من مرضى الصرع. ولكن في الحقيقة فهذا النظام صعب الاتباع لذا يوصى به فقط في حالة المرضى الذين يصَعُبَ ضبط النوبات لديهم عن طريق العلاج بالأدوية.
كما أنَّ بعض أولياء أمور الأطفال المصابين بالصَرَعِ يُشككون بفعالية هذا النظام الغذائي عند سماعهم عنه لأول مرة، حيث يعتقدون أنَّ اتباعَ نظامٍ غذائيٍ للسيطرة على النوبات الناتجة عن هذا المرض دون استخدام أي نوعٍ من أنواع الأدوية أمرٌ لا يمكن تصديقه.
ما هي الحمية الغذائية الكيتونية؟
الحمية الكيتونية عبارة عن حميةٍ غذائيةٍ عالية المحتوى من الدهون وقليلة المحتوى من الكربوهيدرات، تتطلب أن تكونَ السعرات الحرارية القادمة من الدهون في الوجبة الواحدة هي أربعة أضعاف السعرات القادمة من الكربوهيدرات أو البروتينات في هذه الوجبة. مثلاً يجب أن تتضمن الوجبة مصدراً بروتينياً قليلَ الكمية مثلَ قطعةٍ صغيرةٍ من الدجاج والقليل من الفاكهة وكميةً كبيرةً من الدهون والتي غالباً ما تكون الزبدة أو الكريما أو زبدة الفول السوداني، وبالتالي يمكن تصنيفها من الحميات القاسية وصعبة المضغ والبلع.
يبدأ المريض باتباع هذا النظام في المستشفى بإشراف طاقمٍ طبيٍّ مختص. كما يجب على المريض أنْ يصوم لمدة 36 إلى 48 ساعة قبل البدء باتباع النظام، بعد ذلك يتم زيادة الطعام تدريجياً، لذا فقد يحتاج المريض لأخذ فيتاميناتٍ خاليةٍ من السكر لتعويض النقص الحاصل نتيجة اتباع هذه الحمية.
آلية عمل الحمية الغذائية الكيتونية في الجسم:
تم تطوير هذه الحمية عام 1920 ميلادي ثم بدأ الأطباء بتطبيقها لعلاج النوبات الناتجة عن الصرع، لكن دون معرفة كيفية عملها في الجسم، وحتى الآن فإن آلية عمل هذا النظام في علاج مرض الصرع غير معروفة.
تُطَبق الحمية الكيتونية على الأطفال الصغار الذين لم تتطور لديهم المهارات الذوقية في الغذاء بشكلٍ جيد، وقد يشعر الأطفال الذين يتبعون هذه الحمية بالجوع الشديد على الأقل في البداية. لذلك على الأهل مراقبة أطفالهم حتى لا يأكلوا أي طعامٍ من خارج الحمية.
عند تقليل كمية الكربوهيدرات التي يتناولها الشخص، يضطر الجسم لاستقلاب (حرق) الدهون لإنتاج الطاقة، ويطلق على هذه العملية اسم الكيتوزية ketosis، وهي نفس العملية التي تحدث عندما يصوم الشخص لفتراتٍ طويلةٍ إما عن قصد أو بسبب مجاعة.
وقد قام الباحثون في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University بدراسة حالة 150 طفل يعانون من الصرع، وقد تم إخضاعهم لنظامٍ غذائيٍ كيتوني، وبعد سنة من العلاج تبين أن نصف عدد الأطفال الذين أجريت عليهم الدراسة قلت نسبة حدوث النوبات لديهم بنسبة 50%. بينما ربع عدد الأطفال قلَّ لديهم حدوث النوبات بنسبة 90%. وبعد بضع سنوات، كثيرٌ من هؤلاء الأطفال لم يعودوا بحاجةٍ للأدوية إطلاقاً.
سلبيات النظام الكيتوني:
هناك العديد من الصعوبات التي تواجه الأطباء المختصين عند تطبيق النظام الكيتوني منها:
• شعور الطفل بحالةٍ من التعب وفقدان الطاقة في الأيام الأولى من تطبيق الحمية.
• مشاكل في الجهاز الهضمي وتشمل: الإسهال، والإمساك، والغثيان، والإقياء، وحرقة بالفؤاد.
• زيادة نسبة كوليسترول الدم (بعض الأشخاص يضطرون للعلاج بالأدوية).
• حصى كلوية.
• بطء في النمو عند الأطفال.
• نقص في الفيتامينات والمعادن والتي تستدعي لأخذ مكملات غذائية.
قد يشعر الآباء بالقلق إزاءَ الآثار المترتبة على الحمية الغنية بالدهون. لكن دراساتٍ حديثةً أكدتْ أنَّ الأطفال الذين يتبعون نظاماً غذائياً كيتونياً لا يكون ارتفاع في نسبة الكوليسترول لديهم بشكلٍ كبيرٍ، غير أنَّ الأضرارَ الناجمةَ عن اتباع هذا النظام قد لا تظهر إلا بعد سنواتٍ عديدةٍ. عموماً هذا النظام لا يُطَبق إلا لبضع سنواتٍ فقط.
الاعتبارات اللازمة الواجبُ اتباعُها عند تطبيق هذا النظام:
• يجب على طفلك اتباع هذا النظام حرفياً، حتى تقل النوبات الناتجة عن هذا المرض، كمية ونوعية الوجبات لابد من اتباعها بدقة، وتحضير الوجبات قد يأخذ وقتاً طويلاً.
• هذا النظام قد لا يعمل على بعض الأطفال، بغض النظر عن مدى اتباعهم له.
الأنظمة الغذائية الأخرى التي يمكن أن يتبعها مرضى الصرع:
النظام الغذائي الكيتوني صارمٌ للغاية، وقد يصعب على بعض الأشخاص اتباعه، لذلك يمكن تطبيق أنظمةٍ أخرى أقلَّ صرامةً لعلاج مرض الصرع:
• حمية الدهون الثلاثية متوسطة السلسلة The medium chain triglyceride (MCT) diet: الأشخاص الذين يتبعون هذا النظام يتناولون مكملاتِ الدهون بدلاً من الاعتماد على الدهون الغذائية التي تأتي من الطعام. مما يجعل اتباعَ الحمية أكثرَ سهولةً، لأنَّ الشخصَ يمكن أن يتناول المزيد من البروتينات والكربوهيدرات دون الحاجة لتناول كمياتٍ كبيرةٍ من الدهون.
• حمية أتكنز المعدلة The modified Atkins diet: هي حميةٌ عالية المحتوى من البروتين وقليلة المحتوى من الكربوهيدرات. وهي تشبه الحمية الكيتونية لمن يعاني نوباتِ الصرع ولكنها أكثرُ مرونةً حيث إنها تسمح بزيادة كمية البروتين، والسوائل، والسعرات الحرارية.
• المؤشر الغلايسيمي المنخفض The low glycemic index: هذا النظام يعتبر الأقل تقييداً من بين أنظمة الصرع الغذائية الأخرى، فهو لا يقيد تناول السوائل والبروتينات، كما لا يفرض اتباع نظامٍ غذائيٍ صارمٍ من ناحية السعرات وكمية الدهون المتناولة. هذا النظام يشبه النظامَ الكيتوني من ناحية تناول كمياتٍ عاليةٍ من الدهون ولكن مع عدم التقييد بتناول الكربوهيدرات.
للمزيد حول مرض الصرع يمكنكم قراءة المقالات التالية:
الصرع: نوبات الصرع و أسبابها: هنا
الصرع: سُبُل التشخيص والعلاج: هنا
المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. Neal EG, et al. (2008). The ketogenic diet for the treatment of childhood epilepsy: A randomised controlled trial. Lancet Neurology, 7(796): 500-506.
4. Levy RG, et al. (2012). Ketogenic diet and other dietary treatments for epilepsy. Cochrane Database of Systematic Reviews (3).