هل يوجد اختلاف بين الجنسين من ناحية الرغبة الجنسية؟
التوعية الجنسية >>>> الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
من المعروف عموماً أنَّ النساءَ يعلّقنَ أهميةً أكبرَ على الرابطةِ العاطفيةِ كبدايةٍ للرغبة الجنسية، ولكن يبدو واضحاً التأثّر القويُّ للنساء أيضاً بالعوامل الاجتماعية والثقافية.
فيما يلي نسوق سبعةَ نماذجَ لاختلاف الغريزة الجنسية عند النساء والرجال التي تمَّ اكتشافُها من قبل الباحثين، وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الناس قد يختلفون عن هذه النماذجِ السائدة فيما يشكّل الطيفَ الواسعَ للغريزة:
1- يفكّر الرجال بالجنس بشكل أكبر:
بيّنت الدراساتُ أنَّ الرجالَ تحت عمرِ الستين يفكرون على الأقل مرّةً واحدةً يومياً بالجنس. في حين لا تفكر سوى ما يقارب 25% من النساء بالجنس بهذا المعدل. وعلى الرغم من قلّة الخيالات الجنسية عند الرجال والنساء على حدٍّ سواء مع تقدم العمر، إلا أن النسبة عند الرجال تبقى ضعفَها عن تلكَ عند النساء.
2- يبحثُ الرجالُ عن الجنس بشكلٍ أكثرَ تكراراً:
لخّص أحدُ الباحثينَ ذلك بقولِه أنَّ الرجالَ يسعون لإقامة علاقةٍ جنسيةٍ أكثرَ من النساء في بداية العلاقة وفي منتصفها وبعد عدّةِ سنواتٍ منها، وأشارَ إلى أنَّ ذلكَ لا يقتصرُ على غيريّي الجنسِ، حيث أنَّ الرجالَ المثليينَ يمارسون الجنس أيضاً بشكلٍ أكبرَ من النساء المثليات في كلِّ مراحل العلاقة. إضافةً إلى ذلك صرّحَ الرجال بأنهم يريدون عدداً أكبرَ من الشركاء الجنسيين خلال سنين حياتِهم كما أنَّهم أكثرُ اهتماماً بالجنس غير المرتبط بعلاقةٍ عاطفية.
تزداد احتمالية أن يسعى الرجالُ لإقامةِ علاقةٍ جنسيةٍ حتى عندما تكون في سياقٍ مكروهٍ أو حتى خارج القانون:
- يقول ما يقارب الثلثين بأنّهم يمارسون العادةَ السرية على الرغم أنَّ ما يقاربُ النصف يقولون بأنهم يشعرون بالذنب حيال ذلك. في حين صرحت ما يقارب 40% من النساء بأنهن يمارسن العادة السرية ويكونُ معدّل حدوثها أقل.
- ما يزال البغي (الجنس مقابل المال) بشكلِه الأكبر ظاهرةً مكونةً من رجالٍ يريدون ممارسة الجنس مع النساء أكثرَ منه بشكلهِ المعاكس.
- صرّح ما يقارب 62% من الرهبان بإقدامِهم على نشاطٍ جنسيٍّ مقابل 49% من الراهبات، فيما يُمكن أن يعدَّ فرقاً مهماً في الحفاظ على قَسَمِ العفّة المتخذ من قبلهم، كما أبلغَ الرجال عن متوسّطٍ أكبرَ من الشركاء الجنسيين بالمقارنة مع النساء.
3- تعد المثيرات الجنسية للنساء أكثر تعقيداً منها عند الرجال:
في الحقيقة تعدُّ المثيرات الجنسية للنساء غيرَ مفهومةٍ للنساء حتى، حيثُ أظهرت الدراسات التجريبيّة التي اعتمدت عرضَ الأفلامِ الإباحيّةِ على مجموعةٍ من الرجال والنساء الغيريين والمثليين أنَّ الرجالَ أياً كانت ميولُهم يستثارون جنسياً بما يصرّحون به، في حين صرّحَت النساءُ الغيريات على سبيلِ المثال بتفضيلِ الجنسِ بين ذكرٍ وأنثى فيما أظهرَ قياسُ الدرجة الحقيقية للاستثارة باستخدامِ أدواتٍٍ متصلة بالأعضاء التناسلية أنَّ تفاعلاً مشابهاً يحدث في حالات الجنس ذكر-أنثى أو ذكر-ذكر أو أنثى- أنثى.
يمكّنُ من ذلك الاستدلالِ عن أنَّ الرجالَ أكثرُ صرامةً وانتقائيّةً في ما يتعلق بالشركاء عندَ الاستثارة والجنس والوقوع في الحب، في حين أنَّ النساء على العكس من ذلك قد تكنَّ أكثرَ تقبلاً للعلاقاتِ مثلية الجنس بفضلِ رغباتهن الجنسية الأقلُّ توجّهاً. تمَّ تدعيم هذه الفكرة بدراساتٍ أظهرت أن المثلية الجنسية هي حالةٌ أكثرُ مرونةً عند النساء منها عند الرجال، حيث صرّحت العديدُ من النساء المثليات بممارسة الجنس مع الرجال مؤخراً بنسبةٍ كانت أعلى من السيناريو المشابه عند رجالٍ مثليين ونساء. إضافةً إلى أن النساء يعتبرن أنفسهن ثنائيات الميول الجنسي و يصرّحن بأنَّ الميول الجنسي مسألةُ اختيارٍ أكثرَ من الرجال.
4- تتأثّر الرغبات الجنسية للنساء بالعوامِل الاجتماعية والثقافية بشكلٍ أكبر:
تتأثّر السلوكياتُ والممارساتُ والرغبات الجنسيّة عندَ النساء بالبيئة المحيطة أكثرَ من الرجال:
- قد تتغيّر المواقفُ (والقابلية للممارسة) التي تتخذها النساء من العديد من الممارسات الجنسية بشكلٍ أكبرَ من الرجال مع مرورِ الوقت.
- تميلُ النساء اللواتي يرتدنَ الكنائسَ بانتظامٍ لإظهارِ سلوكياتٍ أقلَّ سماحاً بممارسةِ الجنس، في حين لا يظهرُ الرجالُ أيَّ رابطةٍ بينهما.
- تُعدُّ النساءُ أكثرَ تأثراً بالمواقف التي تتخذها مجموعةُ قريناتها فيما يتعلق بالقرارات الجنسية.
- تبينَ بالدراسةِ أنَّ ارتفاعَ المستوى التعليمي ترافَقَ مع تنوّعٍِ في الممارسات الجنسية في حين لم توجد رابطةٌ واضحةٌ لذلك عند الرجال.
- تبين أنَّ النساء كنَّ أكثرَ تناقضاً بين ما يظهرنه من قيمٍ عن النشاطات الجنسية مثل الجنس ما قبل الزواج وبين سلوكياتهنَّ الحقيقية.
قد يعود سببُ هذا التأثّرِ إلى القوّة السائدة للرجال في المجتمع، أو التوقّعات الجنسية المختلفة عند الرجال بالمقارنة مع النساء. في حين يذهب آخرون لتفسير ذلك بشكلٍ أقربَ للبيولوجيا الاجتماعية حيث يوجدُ لدى الرجال دافعٌ قويٌّ للمحافظة على مادّتهم الوراثية في الأجيال المتعاقبة، وعلى العكسِ من ذلك تتعلّم النساءُ أن يخترنَ شركائهنَّ بشكلٍ حذرٍ لأنّهن اللواتي يقمنَ بالحمل ويعتنين بالطفل. لذلك فمن الأرجح أن يكنَّ أكثرَ انتباهاً لجودةِ العلاقةِ لأنهنَّ يردنَ شريكاً يمكنه أن يبقى متواجداً معهن ويساعدهنَّ بالاعتناء بالطفل. كما أنه من الأكثر احتمالية أن يخترنَ رجلاً لديه المواردُ الكافيةُ لقدرته الأكبر على دعمِ الطفل.
5- تختارُ النساء طريقاً أقلَّ مباشرةً للوصول للرضا الجنسي:
يسلكُ النساء والرجال طرقاً مختلفةً قليلاً للوصول للرغبة الجنسية، حيث هناك حاجةٌ عند النساء لقصةٍ ما، وتتمحورُ الحكايةُ حولَ الترقّب وتكونُ طريقةُ الوصول هي ما يولّد الرغبة.
تعدُّ رغبةُ النساء أكثرَ ذاتيةً وأكثرَ تعقيداً من تداخل المشاعر في حين أنّ الرجال وعلى العكس من ذلك لا يحتاجون لهذه الدرجة من المخيّلة باعتبارِ أنّ الجنسَ بالنسبة لهم أكثرُ بساطةً ومباشرةً.
هذا لا يعني أنَّ الرجالَ لا يبحثون عن الحميمية والحب والتواصل في العلاقة بالطريقة نفسها عند النساء، إلا أنهم ينظرون لدورِ الجنس بشكلٍ مختلف. حيث يأتي الجنسُ متأخراً بعد التواصل والتحدث بالنسبة للنساء في حين يُعتبر هو الرابطةَ بالنسبة للرجل وهو اللغة التي يعبّرون من خلالها عن جانبهم المحبّ الضعيف.
6- تمر النساء بالنشوة بشكلٍ مختلفٍ عن الرجال:
يحتاجُ الرجال مدّة 4 دقائق وسطياً من الايلاج لحدوثِ القذف في حين تحتاجُ النساء حوالي 10-11 دقيقةً للوصول إلى النشوة، إن وصلنَ إليها، ويعدُّ الاختلافُ في تواترِ الوصول إلى النشوة اختلافاً شديدَ الأهمية بين الجنسين حيث صرح 75% من الرجال الموجودين في علاقة بأنهم يصلون دائماً للنشوة مقابل 26% من النساء. علماً أنَّ هذا الاختلاف ترافقَ باختلافٍ في معرفةٍ حالة الشريك حيث انَّ الشريكاتِ قدرن بشكلٍ دقيقٍ معدّل حدوثِ النشوة عند الشركاء على عكسِ الرجال الذين قدروا أنّ شريكاتهن تصلن للنشوة في 45% من الحالات.
7- الرغبةُ الجنسية عند المرأة أقلُّ استجابة للأدوية:
قد لا تبدو سهولةُ معالجةِ الرغبة الجنسية المنخفضة بالأدوية عند الرجال بالأمرِ المستغرب عند المقارنة مع النساء نظراً لارتباطها بالبيولوجيا بشكلٍ أوضح من مثيلتها عند النساء. استخدم الرجال أدوية كعلاج لاضطرابٍ الانتصاب بالإضافة للرغبة الجنسية المنخفضة أيضاً، إلا أن البحث عن أدويةٍ تحسن الرغبةَ الجنسية عند النساء لم يكن بالوضوح والبساطة نفسها.
يرتبط التستوستيرون بالرغبة الجنسية عند النساء والرجال. ولكنّه يعملُ بشكلٍ أسرعَ بكثيرٍ عندَ الرجال الذين لديهم رغباتٌ جنسيةٌ منخفضةٌ بالمقارنة مع النساء وليس فعالاً بالدرجة نفسها.
تمت الموافقة على لصاقة تستوستيرون في أوروبا للنساء ولكن تمَّ رفضُها من قِبل وكالةِ الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بسببِ المخاوف حولَ أمانِها على المدى الطويل. أحدثت اللصاقة ضجةً كبيرةً من قبلِ بعضِ الخبراء في الطب وعلم النفس فيما إذا كان يمكن اعتبارُ نقصِ الرغبة الجنسية عند النساء حالةً يمكن معالجتُها بشكلٍ أفضلَ بالأدوية، حيث تبينَ من الدراسة أنه وعلى الرغم من وجودِ نسبةٍ عاليةٍ من النساء اللواتي يشعرن بوجود مشكلة جنسية من نمط ما، فالقليلُ منهنَّ يشعرنَ بالإحباطِ بسبب هذه المشكلة، ويذهبُ البعضُ إلى اعتبارِ أن الدواءَ هو آخرُ ما يجب اللجوء إليه عند النساء في هذه الحالات.
قد يكونُ وضوحُ ومباشرةُ الرغبة الجنسية عند الرجل هي السبب في سهولةِ تظاهرها المتكرّر مجتمعياً مقابل الرغبة الجنسية لدى النساء التي من الواضح أنها لا تزال قيدَ المعالجة والدراسة، وقد يوفّرُ الفهمُ الأفضلُ لأصولها والعواملِ المؤثرة عليها الفرصةَ لفهمٍ أفضلَ للعقل البشري والسلوكيات والمشاعر المتولدة خلال عملية الرغبة والانجذاب الجنسي، التي تعدُّ واحدةً من أكثر المشاكل تعقيداً من الناحية النفسية والاجتماعية والصحية.
المصادر:
1 - هنا
2 - هنا