السّمك المعدَّل وراثيًّا، الآن في الأسواق!
البيولوجيا والتطوّر >>>> بيولوجي
وتُعدُّ هذه المرّةُ الأولى الّتي يُباع فيها حيوانٌ معدّلٌ وراثيًّا في الأسواقِ بهذا الشَّكل، والحيوانُ المذكورُ، هو سمكةٌ من أصنافِ سلمون المحيطِ الأطلسي (واسمه العلميّ Salmo salar)، تمَّ تعديلُها لتنمو بشكلٍ أسرعَ من نظيرتها الطّبيعيّةِ، بحيث يستغرقُ وصولها إلى الحجمِ التّجاريِّ ما يُقاربُ نصفَ المدّةِ الاعتياديّةِ فقط – أي نحوَ 18 شهرًا.
وصلت الأسماكُ هذه إلى الأسواقِ بعدَ معركةٍ طويلةٍ وقاسيةٍ لاجتيازِ القوانينِ التّنظيميّةِ من ناحية، وللحصولِ على رضا المُستهلكِ من ناحيةٍ أخرى، ولم تكن شركةُ AquaBounty هي الوحيدةُ الّتي تُطوِّرُ منتجاتٍ حيوانيّةٍ معدّلةٍ وراثيًّا للاستهلاكِ الغذائيِّ، إلّا أنَّ فشلَ جهودِها في إيصالِ منتجها إلى الأسواقِ كان سيعني موتَ هذه الصّناعةِ لفترةٍ طويلةٍ، بحسب أحد الباحثينَ العاملينَ في شركةٍ تسعى لإنتاجِ لحومِ أبقارٍ معدّلةٍ وراثيًّا.
مرَّت هذه القصةُ بعدَّةِ مراحل:
في البدايةِ، أثبتَ العلماءُ قدرةَ السَّمكِ على النّموِّ السّريعِ عام 1989، وذلكَ بعد إضافتهم جينةَ هرمونِ نموٍّ من سلمونٍ آخر، هو سلمونُ التشينوك Chinook، وإضافتِهم بعضَ العناصرِ الوراثيّةِ التّنظيميّةِ من سمكِ الِـ Pout. وقد مكَّنت هذه التّعديلاتِ الوراثيّةِ سمكَ السَّلمون من إنتاجِ مستوياتٍ منخفضةٍ متواصلةٍ من هرمون النّموِّ.
وبعد أن أنجزت شركة AquaBounty التّكنولوجيا خاصتها في مطلعِ تسعينيّاتِ القرن الماضي، سعت للحصولِ على موافقةِ المُشرِّعينَ في الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ، الأمرَ الّذي أدخلها في دهاليزَ تنظيميّةٍ خلالَ الِـ25 سنةً التّالية.
وأخيرًا وافقت إدارةُ الغذاءِ والدّواءِ الأمريكيّةِ على صلاحيّةِ المُنتجِ للاستهلاكِ في تشرين الثّاني من العامِ 2015، وتلتها السُّلطاتُ الكنديّةُ بعد ستّةِ أشهرٍ، دونَ أن يشترطَ أيٌّ من البلدَينِ أن تتمَّ عنونَةُ المُنتجِ بأنَّهُ معدّلٌ وراثيًّا.
رغم ذلك، وبعكسِ كندا، أجّلت المعاركُ السّياسيّةُ في الولاياتِ المُتّحدةِ دخولَ السّلمون إلى الأسواقِ. فالقانونُ النّاظمُ لموازنةِ الحكومةِ الأمريكيّةِ للسّنةِ الماليّةِ 2017 يتضمَّنٌ نصًّا يأمرُ منظَّمةَ الغذاءِ والدّواءِ بمنعِ بيعِ السَّلمون المعدّلِ وراثيًّا مالم تُطوِّرُ المنظَّمةُ برنامجًا لإعلامِ المستهلكينَ أنَّهم يشترونَ منتجًا معدّلًا وراثيًّا.
فضلًا عن ذلكَ، طالب النُّشطاءُ في الولاياتِ المتّحدةِ وكندا المُشرِّعين بإعادةِ النَّظر بقراراتهم، كما رفعَ بعضهم دعاوٍ قضائيّةٍ. فمثلًا قامَ مركزُ سلامةِ الغذاءِ The Center for Food Safety وهو مجموعةُ دفاعٍ بيئيّةٍ في واشنطن، بمقاضاةِ الِـ FDA في نهايةِ العامِ الماضي محاولًا تغيير قرارِها المُتعلِّقِ ببيعِ السّلمون. وتقولُ المجموعةُ أنّ الـFDA تفتقر إلى السُّلطةِ القانونيّةِ للإشرافِ على الحيواناتِ المُعدّلةِ جينيًّا، وأنّ الـ FDA تتّخذُ قرارها دونَ النّظرِ في العواقبِ البيئيّةِ بشكلٍ كاملٍ.
وبحسبِ مديرِ شركةِ AquaBounty، منَ المؤكَّدِ أنَّ وصولَ منتجِ شركَتِه إلى الأسواقِ الكنديّةِ سيلقى استنكارًا من المعارضين له، إلّا أنَّه يجد بأنَّ الأسماكَ المُعدّلَةَ وراثيًّا جيّدةٌ للاقتصادِ، بسببِ إمكانيّةِ إنمائِها قربَ المناطقِ السّكنيّةِ عِوضًا عن جلبها من مناطقَ بعيدةٍ، فضلًا عن توفيرِ فرصِ عملٍ للعمّالِ الّذين سيقومونَ بتربيةِ الأسماكِ، وبما أنَّ الأسماكَ تنمو في أحواضٍ خاصّةٍ، فإنّها لن تواجهَ الكثيرَ من العواملِ المُمرضةِ والطّفيليّاتِ الّتي تواجهها الأسماكُ النّاميةُ في أقفاصٍ بحريّةٍ. وأخيرًا، يرى أنَّ السّوقَ بالمُجملِ ينظرُ إلى أسماكِ شركتِهِ كمصدرٍ مأمونٍ ومُستمرٍّ للسّلمون، حيث أنَّ الكميّةَ المُباعةَ في أوّلِ دفعةٍ كانت إيجابيّةً ومُشجّعةً لشركته.
ما رأيك متابعُنا؟ هل تعتقدُ باِحتمالِ دخولِ الطّعامِ المُعدَّلِ جينيًّا إلى مائدتِكَ، وأنَّ موافقةَ منظّمةِ الغذاءِ والدّواءِ الّتي جاءت بعد 25 عامًاً مطمئنةً؟ أم أنّكَ تتّفقُ مع المنظَّماتِ المُدافعةِ عن البيئةِ؟
المصدر:
هنا