تطوُّر الخلايا الجذعية إلى نسيجٍ قلبيٍّ نابضٍ| نموذجٌ جديدٌ للتطوُّر الأوليّ للقلب
البيولوجيا والتطوّر >>>> التقانات الحيوية
استخدم الباحثون في تجاربهم التي تمَّ نشرها يومَ الثلاثاء في الرابع عشر من تموز في مجلة Nature Communications، منبهاتٍ كيميائية وفيزيائية حيوية لتحريض الخلايا الجذعية على التنظيم الذاتي والتمايز إلى نسيجٍ قلبيٍّ دقيق الحجم يتضمن حجراتٍ دقيقة.
وقال البروفسور Kevin Healy: "نعتقِد بأنَّ هذا النموذج هو الأول من نوعه، بحيث يوضِّح تطور حجرات قلب الإنسان مخبرياً، ويمكن لهذه التقنية أن تساعدنا في الكشف سريعاً عن الأدوية التي يمكن أن تُحدِثَ تشوهات خَلقيَّةً في القلب، وكذلك يمكن استخدامه كدليل حول الأدوية التي تشكل خطراً في حال تناولها أثناء الحمل".
الكشف عن سمية الدواء:
قام الباحثون من أجل اختبار قدرة هذا النظام كأداةٍ لكشف الأدوية بتعريض الخلايا المتمايزة لدواء الثاليدومايد thalidomide، وهو دواءٌ معروفٌ بقدرته على إحداث تشوهات خَلقيةٍ شديدةٍ. ووجدوا بأنَ إعطاء جرعاتٍ علاجيةٍ طبيعيةٍ من الدواء أدَّى إلى تطورٍ شاذٍّ في الحجرات الدقيقة، وتضمَّن ذلك تناقصاً في الحجم، مشاكلاً في التقلص العضلي وانخفاضاً في معدل النبض مقارنةً مع النسيج القلبي الذي لم يتعرّض لهذا الدواء.
وقال الدكتور Conklin: "لقد اخترنا الكشف عن التأثير السُمِّي لهذه الأدوية في التطور القلبي لإظهار التطبيق السريري للحجر القلبية الدقيقة، حيثُ تتعرَّض نحو 280.000 امرأةٍ حاملٍ كُلَّ سنةٍ لأدويةٍ ثَبُتَ خطرها المحتمل على الجنين. وتعتبر التشوهات الخلقية القلبية هي الأكثر شيوعاً، وبالتالي فإنَّ احتمال حدوث هذه التشوهات هو الأمر الأكثر أهمية في تحديد سلامة الأدوية أو عدم سلامتها أثناء الحمل".
يأتي هذا الإنجاز بعد نحو أربعة أشهرٍ من ظهور نظام "الخلايا القلبية البشرية النابضة على رقاقة" وذلك للكشف عن التأثير السمّي للدواء. وقد تمَّ في هذا الجهاز استخدام الخلايا القلبية المتمايزة مسبقاً لمحاكاة البنية النسيجية عند الإنسان البالغ.
قام الباحثون في هذه الدراسة الجديدة بمحاكاة بنية الأنسجة البشرية من خلال البدء ببرمجة الخلايا الجذعية وراثياً، والمأخوذة من نسيج جلدٍ شخصٍ بالغٍ لتشكيلِ حُجَرٍ صغيرةٍ مع خلايا قلبية بشرية نابضة. وتمَّ بعدها وضع الخلايا الجذعية غير المتمايزة على قالبٍ دائريٍّ ،الأمر الذي ساعد على تنظيم نمو وتمايز الخلايا النامية.
أهمية الموقع:
ومع نهاية الأسبوع الثاني، بدأت الخلايا التي تمَّ وضعها في بيئةٍ ثنائية الأبعاد باتخاذ هيكلٍ ثلاثي الأبعاد مشكّلةً حُجرٍ دقيقةٍ نابضةٍ. بالإضافة إلى ذلك، قامت هذه الخلايا بتنظيم ذاتها اعتماداً على موقعها على محيط المستعمرة أو في وسطها.
وجد أن الخلايا المحيطية تعرضت إلى إجهادٍ وتوترٍ أكبر مقارنةً مع الخلايا في الوسط، وبَدَت أشبه بالأرومات الليفية التي تشكِّل الكولاجين في النسيج الضام. وفي المقابل، تطوَّرت الخلايا المركزية إلى خلايا عضلية قلبية. وقد لوحظ هذا التنظيم المكاني للخلايا حالما بدأ تمايزها. فقدت الخلايا المركزية وبشكلٍ أسرع من الخلايا المحيطية قدرتها على التعبير عن كلٍّ من عامل النسخ OCT4 والبروتين E-cadherin، واللذان يعدّان ضروريان لتطور نسيج القلب.
قال الدكتور Zhen Ma: "يحدث هذا التمايز المكاني في الأحياء بشكلٍ طبيعي، ولكننا أثبتنا هذه العملية في المختبر. كما يؤمِّن هذا النموذج الهندسي المحدود المنبهات الفيزيائية والكيميائية الحيوية والتي توجه التمايز القلبي وتشكُّل الحجر القلبية النابضة."
هل يمكن في النهاية استبدال النماذج الحيوانية؟
قال معدّو الدراسة بأنَّ إنجاز نموذجٍ للتطور الأولي للقلب في طبقٍ بِتري وفي أطباق زراعة الأنسجة أمر صعب، كما يتضمَّن هذا المجال من الدراسة تشريح الحيوانات خلال مراحل مختلفة من تطوُّرها لدراسة عملية تشكُّل الأعضاء، وكيف يمكن لهذه العملية أن تتخذ منحناً خاطئاً.
وقال الدكتور Healy: "إنَّ استخدام الخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات والمستمدة من المريض يمثِّل تحولاً كبيراً في هذا المجال. فَقد استخدمَت الدراسات السابقة للأنسجة القلبية الدقيقة فئراناً بعد استئصال عضلة القلب بشكلٍ أساسيٍّ، وهو يعتُبر نموذجاً ناقصاً وغيرِ مُطابقٍ لأمراض الإنسان."
وأشارَ الباحثون إلى أنَّه على الرغم من تركيز هذه الدراسة على أنسجة القلب، إلَّا أنَّ هنالك إمكانيةً كبيرةً لاستخدام هذه التكنولوجيا لدراسة تطوُّر الأعضاء الأخرى.
وقال الدكتور Healy: "كان تركيزنا هنا حول التطور الأوليّ للقلب، ولكن يمكن توسيع المبادئ الأساسية في نمذجة الخلايا الجذعية البشرية متعدِّدة القدرات، ومن ثمَّ تمايزها، لِتشمُل مجموعةً واسعةً من الأنسجة وذلك لفهم التطور الجنيني وكيفية تشكُّل الأنسجة."
*عامل النسخ OCT4: وهو بروتينٌ معنيٌّ بشكلٍ خاص في التجديد الذاتي للخلايا الجذعية الجنينية غير المتمايزة.
*البروتين E-cadherin: هو بروتين موجود في أغشية الخلايا الظهارية، وهي الخلايا التي تبطِّن أسطح وتجاويف الجسم. ينتمي إلى مجموعةٍ من البروتينات تدعى cadherins، والتي تتمثَّلُ وظيفتها في مساعدة الخلايا المتجاورة على الالتصاق ببعضها وذلك من أجل تشكُّل أنسجةٍ منظَّمةٍ.
المصادر:
هنا
هنا
هنا