اكتشاف أيونات +CH للمرة الأولى في الكون البعيد
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ولكي تؤدّي المجرّةُ الولّادةُ مهمّتها فإنّها تحتاجُ إلى تدفّقِ كميّاتٍ كبيرةٍ من الغازِ الجزيئيّ الباردِ إلى مركزِ المجرّة، لكنّها ليست بالمهمّةِ السّهلةِ خصوصاً مع ردودِ الفعلِ القويّةِ لنجومِ المجرّةِ ونواةِ المجرّةِ النّشطةِ. لذلك تُعدُّ هذه المجرّاتُ مثاليّةً من أجلِّ دراسةِ هذا التّفاعلِ بينَ رغبةِ المجرّةِ المُلحّةِ بالنّموِّ والتّوسّعِ وتأثيرِ الموادِ المُحيطةِ بالمجرّةِ على نموِّها واستمرارِها بتشكيلِ النّجومِ بشكلٍ سريعٍ وطويلِ الأمد.
وظّفَ الباحثون في مرصدِ ألما ALMA جهودَهم للكشفِ عن الغازاتِ المُضطربةِ الباردةِ المحيطةِ بالمجرّاتِ النّجميّةِ الولّادةِ البعيدةِ، فاكتشفوا وجودَ أيوناتِ هيدريد الكربون +CH للمرّةِ الأولى في الكونِ البعيدِ. هذا الاكتشافُ يفتحُ نافذةً جديدةً تجعلنا نفهمُ عمليّةَ تشكُّلِ النّجومِ بطريقةٍ مختلفةٍ.
تمتاز أيونات هيدريد الكربون بأنّها تحتاجُ طاقةً كبيرةً جدًَا لكي تتشكّل، كما أنّها تتفاعلُ بسُرعةٍ ممّا يعني أنّها لا تنتقلُ لأماكنَ بعيدةٍ، هذه الخصائصُ تجعلها مفيدةً في كشفِ كيفيّةِ تدفُّقِ الطّاقة عبرَ المجرّةِ وما حولها، لأنّها تتواجدُ في الأماكنِ الّتي تزخَرُ بالطّاقةِ فقط. كيف ساعدت أيوناتُ هيدريد الكربون العلماءَ؟
حسنًا، دعني أشرح لك الأمرَ بشكلٍ مبسّطٍ.
مكّنَ رصدُ أيونات هيدريد الكربون العلماءَ من دراسةِ التّفاعلِ المؤدّي لتكوينِ النّجومِ بصورةٍ أفضلَ. حيثُ كشفَ العلماءُ وجودَ موجاتٍ صدميّةٍ كثيفةٍ نتجت بفعلِ رياحٍ مجرّيّةٍ من الغازاتِ الحارّةِ والسّريعةِ القادمةِ من مناطقَ ولادةِ النّجومِ في المجرّاتِ الولاّدةِ للنّجوم. تتدفّقُ هذه الرّياحُ عبر المجرّةِ دافعةً الموادَ للخروجِ منها، لكنّ عصفَ هذه الرّياحِ يجعلُ هذه المادّةَ تُجمَعُ في خزّاناتٍ ضخمةٍ من الغازِ الباردِ منخفضِ الكثافةِ، وتمتدُّ مسافةَ أكثرِ من 30 ألفَ سنةٍ ضوئيّةٍ من منطقةِ تشكيلِ النّجومِ المجرّةِ، في حين يعلَق جزءٌ من الموادِ في قبضةِ جاذبيةِ المجرّةِ نفسها.
بتتبُّعِ أيونات هيدريد الكربون +CH عرفَ العلماءُ أنّ الطّاقةَ تُخزَّنُ في رياحٍ مجرّيّةٍ وينتهي بها الحالُ في داخلِ الغازِ الباردِ المُحيطِ بالمجرّةِ، الأمر الّذي لم نكن نراهُ سابقًا.
هذا يشرحُ لماذا تكونُ المجرّاتُ الولّادَةُ قادرةً على تَمديدِ فترةِ الإنتاجِ السّريعِ للنّجومِ، أنّ الرّياحَ المجرّيّةَ تفعلُ ذلكَ عن طريقِ قيادةِ الاضطرابِ في الغازاتِ إلى مكانِ ولادَةِ النّجومِ، هذه الرّياحُ تَمُدُّ أجَلَ هذا الطّورِ من حياةِ المجرّةِ الّذي يتَمُّ فيه إنتاجَ النّجومِ بسرعةٍ بدلًا من أن تخمده.
إنّ اكتشافَ +CH المُصاحبِ لعمليّةِ تشكّلِ النّجومِ سيمكّننا من تتبُّعِ تدفُّقِ الطّاقةِ على مستوى المجرّةِ وربّما سيعطينا تفسيرًا جديدًا يتحدّى ما نعرِفه حولَ عمليّةِ تشكُّلِ المجرّاتِ.
المصادر:
1- هنا
2- هنا