سلسلة خرافات عن الدماغ - الموسيقا وذكاء الأطفال
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
بدأت خرافة "أثر موزارت" في بداية التسعينات، إذ قام العلماء "غوردن شو" و"فرانسيس راوشر" و"كاثرين كاي" بالقيام بدراسةٍ على مجموعةٍ من ستةٍ وثلاثين طالباً من جامعة كاليفورنيا، حيثُ قُسِّم الطُّلابُ إلى ثلاثِ مجموعات، استمعت المجموعة الأولى إلى سيمفونية موزارت على سلم ري الكبير D-major، واستمعت الثانية إلى مقاطع صوتية تُستَخدمُ للاسترخاء، أمَّا المجموعة الثالثة فلم تستمع لشيء. قاموا بعدها باختبارٍ لبعض مهارات التفكير المكانية لقياس مستوى ذكاء المجموعات الثلاثة، حصلت المجموعة التي استمعت إلى موزارت على 8 إلى 9 نقاط أعلى من باقي المجموعات، واستمر الأثر إلى خمسة عشر دقيقة.
قام العلماء الثلاثة بنشر دراستهم التي تحولت إلى حركةٍ باسم "الموسيقا تجعلك أذكى" والتي انتشرت إلى الأهالي، وبالرغم من عدم ذِكرِ العلماء وجودَ شيءٍ اسمه "أثر موزارت" وذِكرِهم أنَّ الدراسة تمَّت على طلاب جامعة وليس على أطفال، قام حاكم جورجيا بإقرار أن يُعطى كلُّ مولودٍ جديدٍ اسطوانةً للموسيقا الكلاسيكية، وتم توجيه دُورِ حضانةِ الأطفال في فلوريدا لإذاعةِ الموسيقا الكلاسيكية أثناء وجود الاطفال في الحضانة.
قدَّم العلماء ثلاثَ نظرياتٍ عن التحسن قصيرِ المدى الذي يتعرَّضُ له الأشخاص الذين يستمعون إلى موزارت:
- أثرٌ عصبيٌّ بسبب تحفيز الموسيقا المركَّبة أنماطَ الإطلاق اللحئي في الدماغ والمشابهة لتلك المستخدمة في المنطق المكاني.
- أثرُ "تحويل"، إذ تُنقل المهارات المطلوبة من منطقةٍ لُأخرى.
- أثرٌ "مزاجيّ"، إذ تقوم الموسيقا بتحفيز الدماغ، والذي يؤدي إلى تحسين العمليات الإدراكية.
وَجدت دراساتٌ أُخرى أنَّ هناك تأثيراً صغيراً من قِبَل كلِّ أنواع الموسيقا. في دراسةٍ لـ 8000 طفلٍ بريطاني، وُجِد أنَّ الاستماع لعشر دقائق من موسيقا موزارت، حَسَّن من القدرة على التعرف على الأشكال الورقية، ولكنْ أظهر الاستماعُ إلى موسيقا البوب تحسناً أكبر.
إذاً يبدو أنَّ الاستماع إلى الموسيقا يُحسِّن من مهارات التعرف على الأشكال المؤقت، ولكن لا يقوم بالتأثير الطويل المدى على مستوى الذكاء بشكل عام.
لدينا اليوم ما يُسمى بـ "بابي بود baby pod" وهو جهازٌ داخلَ مهبليٍّ صغيرٌ ومُصمَّمٌ ليُصدر الموسيقا داخل الرحم ليستمع إليها الطفل غير المولود. أظهرت الدراسات العلمية أنَّ هذا الجهاز يقوم بتحفيز اللفظ عند الأطفال في الرحم من خلال الموسيقا.
Image: http://wwwcmuseorg-lvzm5mr0z.stackpathdns.com/wp-content/uploads/2016/01/babypod.jpg
في مقابلةٍ مع مخترعة هذا الجهاز الطبيبةِ "ماريسا لوبيز تايجون"، قالت أنَّها تأملُ في تحفيز التنمية الداخلية داخل الرحم، والقضاءِ على عسر القراءة وما يشابهه. وعندما سُئِلتْ عن أفضل نوعٍ للموسيقا قالت أنَّهم قاموا بتجريب كلِّ الأنواع ولكنها تنصح بموسيقا موزارت.
إلى كل النساء الحوامل اللواتي يقلقن من أنَّ عدمَ امتلاكهن جهاز الـ "بابي بود" سوف يجعل أطفالهن كسالى أو غيرَ أذكياء، رجاءً اتَّبعنَ نصيحة "أمبليفون Amplifon"، وهي منظمةٌ تختصُّ في حاسة السمع، "عكسَ ما سمعتم، لا يجب وضع السماعات على بطن الحامل. توجيه الأصوات بشكلٍ مباشر إلى الطفل قد يؤدي إلى اضطرابٍ في أنماط نومه وإزعاجه." توضح المنظمة أنَّ هناك أصواتاً تُحفّز الأطفالَ في الرحم بالفعل، كأصواتِ تحرُّكِ الدم خلال الأوردة الدموية، وأصوات المعدة، وطبعاً صوتُ دقات قلب الأم. وبالطبع فإنَّ صوت الأم يخلق أثرَ ترابطٍ كبيراً يظهر بوضوح عند ولادة الطفل.
يشير بروفسور علم النفس "دانيال ويلينغهام" من جامعة فيرجينيا أنَّه قد أُثبِت أنَّ الأطفال يتعلمون أكثر عندما يقرأ لهم آباؤهم. وطريقة التعلم هذه تراكمية. إنَّ القراءة للطفل تساعد على التعلم المبكر، الأمر الذي يساعد خلال التعلم المتقدم.
الموسيقا هديةٌ جميلةٌ من أجل الطفل. الانضباط والمثابرة والاستمتاع هي من الأشياء التي يمكن أن يتعلمها منها. ولكنَّ جعلَ الطفل يستمعُ إلى الموسيقا بشكلٍ مستمر بسبب الاعتقاد أنَّ ذلك سيرفع من مستوى ذكائه هو اعتقادٌ خاطئ، لذلك من المؤكد أنه يمكن للطفل الاستماع إلى موسيقا Mozart وهو في رحم أمه ولكن لا يوجدُ أيُّ دليلٍ علميٍّ على وجوب الاستماع أو فعاليته.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
سوناتا موزارت على سلم ري الكبير: بالتفصيل. Sonata for Two Pianos in D major، K448.
هنا