الإسقاط النّجمي
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
يتكون الكائن البشري من قسمين اثنين؛ الأول: هو الجسد الذي وصلنا إلى مرحلة متقدمة جدّاً من فَهمه وتوصيف طريقة عمله، والثاني: النفسي الذي نتعرف إليه يوميّاً مع بعض المفاهيم المبهمة كالوعي مثلاً.
لكن يعتقد بعضهم (دون دليلٍ علمي) أنّ هناك شيئاً ثالثاً يُعدّونه مكوّناً رئيساً للكائن البشري، إضافةً إلى القسم العضوي والنفسي، ويطلقون عليه الجسم الأثيري أو الجسم النجمي، ويعتقد بعضهم أننا نتكون من أكثر من هذه الأقسام الثلاثة!
لماذا يُسمى الإسقاط النجمي بهذا الاسم؟
بكل بساطة لأنك تخرج من البعد المادي إلى البعد النجمي، فبحسب المعتقدين بهذا الشيء هنالك الكثير من الأبعاد أولها هو البعد المادي الذي نعيش فيه، أمّا البعد النجمي فهو البعد الّذي يلي البعد المادي ويحوي الأحلام والأفكار والذكريات لكل كائن حي ويحولها إلى حقائق وكائنات، كما أنّ البعد المادي لا يعترف بالزمن أو بالأحرى يصبح الزمن شيء يمكن التحكم فيه وبالتالي تمديده أو تقليصه، أي باختصار يمكن أن تعيش لمدة سنوات في البعد النجمي ولا يمر عليك سوى دقائق في البعد المادي
كيفية القيام به بحسب المؤمنين به
طقوسه لا تختلف كثيراً عن التأمل فيجب عليك أولاً أن تجلس في غرفة هادئة جداً دونَ أي إزعاج، أو بوجود موسيقا هادئة، يجب أن تكون حرارة الغرفة ملائمة والإضاءة مناسبة، ويجب أن تكون الجلسة مريحة، وكل الأشياء المشابهة التي تساعد في الاسترخاء والتأمل، مثل الملابس الخفيفة على سبيل المثال.
انتهينا من تحضير الجلسة، حان الوقت الآن للقيام بتمارين الاسترخاء وتمارين زيادة الطاقة، عندها سيبدأ الجسم بالتثاقل وهي ما يسميها ممارسي الاسقاط النجمي بحالة السمو. المرحلة التالية هي التركيز على التنفس إذ يساعد هذا الأمر في زيادة التركيز وهو ما ينعكس على نجاح الممارسة
يُجمع العديد من ممارسي الإسقاط النجمي على سماع أصوات مرعبة عند بدء عملية خروج الجسم الأثيري وهو ما يفسرونه بأن الخوف يتمثل لهم بتلك الأصوات، وكل ما كان خوفهم أكبر كلما زاد علو هذه الأصوات
وصلنا إلى مرحلة الخروج من الجسد، إذ يشعر الممارس حسب زعمهم أنه يسقط سقوطاً خفيفاً مع سماع أصوات تُشبه الأزيز أو شخير القطط
طبعاً هذا كان شرحاً للممارسة باختصار ولكن يفصّل البعض في هذه الخطوات بشكل كبير جداً، حتى أني قرأت شرحاً لهذه الخطوات في أكثر من 100 صفحة، ولكنه شرحاً مفصّلاً مبالغاً فيه، ولا يحمل في طيّاته أشياء مفيدة أكثر مما تحمله الأسطر الماضية
رأي العلم
فكرة ترك البشر لأجسادهم والإسقاط النجميّ ليست بالحديثة، وإنما قديمة جداً ترجع لعصور ضاربة في القدم، ومازال الاعتقاد بها مستمراً حتى يومنا هذا إذ تشير بعض الدراسات أن ما بين 8% و20% من الناس يدّعون أنهم مرّوا بتجربة خروج من جسدهم في مرحلة ما من حياتهم
بالرغم من كل هذه الشهادات فهي لا تساوي شيئاً بمنظور العلم الذي لا يعترف سوى بالدلائل الملموسة، وقد رفض العلماء موضوع الإسقاط النجمي وعدّوه من العلوم الزائفة ببساطة لأنه لم يستطع ممارسوه أن يقدموا ولو حتى دليلٍ ماديٍ واحد يمكن أن يدعم شهاداتهم. ولم يستطع كذلك أي ممارس للإسقاط النجمي أن يقوم بالخروج من جسده ضمن تجربة محكمة معدّة مُسبقاً.
يُفسر بعض العلماء الأشياء التي تحدث أثناء عملية الإسقاط النجمي -إن حدثت بالفعل- بأنّها مجرّد أوهام وتخيّلات، فبالرغم من أن ممارسي الإسقاط النجمي يفسرون ما يمرون به على أنه خروجٌ من الجسد إلا أنه يمكن تفسيره بشكل أبسط على أنّه تخيلات بكل بساطة. نتبع القاعدة العلمية البسيطة التي تقول بأنه علينا اختيار التفسير الأبسط لظاهرة ما بحال كان هنالك عدة تفاسير لها، فعلى سبيل المثال إذا سمعت صوت حوافر قادم من بعيد فالطبيعي أن تفكر بأن هناك حصان قادم، ولكن بالرغم من ذلك سيفسر البعض هذا الصوت بأنه صوت لكائن أسطوري مثل حصانٍ مجنّح يملك قرناً أو سيذهب البعض أبعد من ذلك ويفسرون الصوت على أنه صوتٌ لكائنات فضائية من مجرة أخرى مع أنه يوجد تفسيرات لا نهاية لصوت الحوافر فإن العلماء سيذهبون دائماً مع التفسير المنطقي والعلمي
مبدأ آخر مهم جداً وهو مبدأ الصور الموجّه، أي يقوم أحدهم بقراءة طريقة ممارسة الإسقاط النجمي، وعند التنفيذ يتخيل أنّه يمر بكل الخطوات التي قرأها حرفياً، ومن ثم يقول بأن الإسقاط النجمي حقيقي لأن التجارب كلها متشابهة في كل الثقافات والمناطق.
لكن هل يمكن أن يجزم أنّ ما مرّ به هو عبارة عن خداع عقلي بحيث يقوم عقله بتصوير كل الأمور التي قرأها على أنها حقيقية؟
مع كل التفاسير السابقة تبقى التجربة خير برهان، فعندما يدّعي أحدهم أنّه يخرج فعلياً من جسده وأن ما يمر به حقيقي وأن عقله لا يخدعه، يكفي أن تكتب ورقة وتضعها في غرفة أُخرى وتطلب منه أن يقرأها لك. لم يستطع أي شخص إلى هذه اللحظة أن يقوم بذلك، تخيل أنّه من بين آلاف من ممارسي الإسقاط النجميّ لم يثبت أحدهم ممارسته لها فعليًّا!!
هل العلم ضد الإسقاط النجمي؟
العلم ليس ضد أي شيء أو مع أي شيء، فالعالم حيادي تماماً هدفه فقط تفسير وتوضيح الأمور المبهمة، وهذا ما يجعله رائعاً. الإسقاط النجمي ليس شاذًا عن هذه القاعدة، فالعلم ليس عدوه كما يرى البعض، بل على العكس تماماً فالإسقاط النجمي إن صحّ وتمّ اثباته فهو يشكل أداةً رائعةً بيد العلم يمكن له أن يفسر من خلاله الكثير من الظواهر أو تجريب الكثير من الأمور، فعلى سبيل المثال يمكن لعالم ما أن يستخدم الإسقاط النجمي ويزور مجرات أخرى ويخبرنا عما رآه، أو أن يزور ثقباً أسوداً فالجاذبية لا تؤثر على الجسم الأثيري كما ذكرنا ولربما يُشفى عندها غليل البشرية عموماً وغليل ستيفن هوكنغ خصوصاً، كما يمكن لعالم ما أن يزور قاع المحيطات أو المناطق النائية، يمكن كذلك فحص المناطق المصابة بالأشعة والخطرة على الجسم المادي، ولكن كل هذا يظل ترهات وأحلام دونما إثبات.
الإسقاط النجمي عمل تجاري
ما يثير الريبة في العلوم الزائفة هو إمكانيّة تحويلها إلى نشاط تجاري مع الوقت، مثل الإدعاء بالقدرة على تحريك الأشياء عن بعد والبرمجة اللغوية العصبية، والتحكم بالطاقة والإسقاط النجمي، وإلى آخره من العلوم الزائفة، فيبيع البعض هذه الأوهام على أنها العلاج الشافي لكل مشاكل الحياة وأنها طريقهم المختصر للشهرة والنجاح والمال الوفير، مع أنّ هؤلاء لم يصلوا لا للمال ولا للشهرة ولا للنجاح إلّا من تقديم محاضرات وبيع كتب العلوم الزائفة، فلو كانوا صادقين فعلاً لاستطاعوا تقديم شيئاً مفيداً حقًا للبشرية خارج نطاق عملهم في العلوم الزائفة، فعلى سبيل المثال رجل يدعى مارك بريتشارد استطاع أن يجمع آلاف الدولارات من خلال محاضرات وكتب تتحدث عن الإسقاط النجمي وممارسته، ولا يخلو العالم العربي من العديد من النماذج التي تربح من خلال بيع محاضرات وكتب العلوم الزائفة.
يبقى السؤال البديهي إن كان هؤلاء يبحثون عن المال فلماذا يسلكون الطريق الطويلة ولديهم طريق قصيرة تمكنهم من ربح مليون دولار دفعة واحدة، وذلك من خلال دخول تحدي الساحر جيمس راندي والفوز به وربح هذه الكمية الكبيرة من النقود!
المصادر:
1-هنا
2- هنا