اكتشاف ما قد يكون أقدم النجوم المعروفة قد يخبرنا المزيد عن بدايات الكون
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ينتج ضوء النجم عن تفاعلات الاندماج الهيدروجينية التي تحدث داخله ويتسرب ماراً عبر الطبقات الخارجية للنجم، فتمتص ذرات العناصر الموجودة في النجم الضوء عند أطوال موجيّة معينة. يتضمن طيف النجم بصمة مميزة من خطوط الامتصاص التي تخبرنا ماهي العناصر الكيميائية الموجودة فيه و مدى وفرتها. بالنسبة للشمس هنالك ملايين من خطوط الامتصاص الناجمة عن مجموعة واسعة من العناصر ابتداءً من الهيدروجين والهيليوم وصولاً الى الحديد وعناصر نادرة كاليوروبيوم.
أما طيف النجم الذي تم اكتشافه لا يُظهر سوى القليل من العناصر كالهيدروجين والكربون والمغنيزيوم والكالسيوم. فمن الواضح ان مكوناته تختلف اختلافاً واضحاً عن مكونات شمسنا،و هذا يخبرنا الكثير عن زمن وكيفية تشكله.
نتيجة للانفجار العظيم ظهر الكون المملؤ بالكثير من الهيدروجين والهيليوم والقليل من الليثيوم، أما بقية العناصر الاخرى ومن ضمنها العناصر اللازمة لنشوء الحياة فقد تشكلت ضمن النجوم.
تتوازن النجوم بين قوتها الجاذبة التي تشد الذرات المكونة للنجم تحو المركز وبين قوة ضغط الاشعاع خارجا والناتج عن الاندماج النووي. تدمج النجوم في داخلها الهيدروجين محولة إياه للهيليوم وتدمج الهيليوم محولة إياه للكربون والاوكسجين،فان كانت النجوم ضخمة بشكل كافٍ فستكمل اندماجاتها لتنتج الحديد. وعند نهاية حياة هذا النجم الضخم فان مكوناته ستعود الى الغاز المحيط مرة أخرى عند انفجار النجم كسوبرنوفا.
بتوالي أجيال من النجوم التي تولد وتموت يزداد مستوى الحديد في الكون مع الوقت،ويمكننا استخدام نسبة توافر الحديد في نجم ما كساعة زمنية تخبرنا متى تشكل هذا النجم.
بالنسبة للنجم SMSS J031300.36-670839.3 فان كمية الحديد الحالية أقل من واحد على مليون من الحديد الذي في الشمس،وهي نسبة أقل بـ 60 ضعفاً من كمية الحديد في أي نجم آخر،مما يدل على أنه من أقدم النجوم المكتشفة حتى الان.
تشبه النجوم كبسولات الزمن فهي تحتجز عينة من الغاز -في زمن ما- بعيداً عن بيئته المحيطة. وبفضل نجمنا الاخير أتيحت لنا فرصة دراسة الغازات التي كانت موجودة في مجرتنا منذ 13.6 بليون سنة. وقد حصل هذا منذ زمن بعيد لدرجة أن النجم تشكل قبل تشكل مجرة درب التبانة،فمن المحتمل انه تشكل ضمن سحابة من الغاز و في نهاية المطاف تجاذبت العديد من السحب المشابهة أيضا بتأثير قوة الجاذبية فتشكلت المجرة اللولبية التي نعيش فيها.
مم تشكلت النجوم القديمة؟
المكونات الكيميائية للغاز تظهر ان النجم SMSS J031300.36-670839.3 تشكل عقب انفجار سوبر نوفا لنجم أساسي كتلته أكبر من الشمس ب60 ضعفاً، انفجار السوبرنوفا هذا مختلف جذريا عن انفجارات السوبرنوفا التي تحدث في وقتنا هذا. كان الانفجار ذو طاقة منخفضة بشكل ملفت فبالرغم من أن النجم قد تفكك تماماً، فكل العناصر الثقيلة التي خلّفها (كالحديد الذي يتكوّن قرب نواة كل نجم) كان قد ابتُلعت من قبل ثقب اسود تشكل في قلب الانفجار.
موجة الصدمة التي حصلت بسبب الانغجار الناجم عن موت النجم الأساسي قد تسببت بتبعثر طبقته الخارجية الغنية بالكربون والمغنيزيوم ضمن الغاز المحيط، فتكاثف بعض من هذا الغاز مشكلا النجم الذي تم اكتشافه مؤخراً.
في هذه الحالة نستطيع أن نعتبر هذا النجم جيلا ثانياً من النجوم في الكون، وهو جيل فريد من نوعه كونه يشتمل على نحو لا بأس به من مواد الجيل النجمي الاول.
يختلف الجيل الأول من النجوم جذرياً عن الجيل الثاني، فنجومه تشكلت من الهيدروجين والهيليوم النقيين الصافيين الناتجين عن الانفجار العظيم. كما ان نجوم الجيل الاول كانت أكبر كتلة بمئات الاضعاف من كتلة الشمس. وقد عاش هذا الجيل من النجوم العملاقة بسرعة ومات خلال بضعة ملايين من السنين وهو زمن قصير مقارنة بالزمن الكامل لحياة الشمس المقدر بـ 9 مليارات عام.
لذلك لا يتوقع العلماء وجود أي من هذه النجوم في ايامنا هذه. ولكن يمكننا الاستفادة من الادلة التي تركتها النجوم عقب موتها الانفجاري لمعرفة كيف كانت هذه النجوم. ولكن العثور على اقدم النجوم كالبحث عن إبرة في كومة قش، فالنجم المكتشف هو واحد من 60 مليون نجم ضمن مجال البحث.
ولكن كان لتلسكوب SkyMapper التابع للجامعة الاسترالية الوطنية فضلا كبيراً لكي نفصل بوضوح اقدم النجوم عن الغالبية العظمى من باقي النجوم. تمكّن المرشحات البصرية التي استخدمت في SkyMapper العلماء من ايجاد نجوم ذات نسبة حديد منخفضة في طيفها، وبفضل كاميرا هذا التلسكوب يستطعيون مسح حتى 100 ألف نجم في الساعة. ثم يتم فحصل أفضل المرشحين باستخدام احد تليسكوبيّ ماجلان بقطر 6.5 متر والموجودان في التشيلي.
يتوقع العلماء أن هناك العشرات فقط من النجوم القديمة الاخرى لتُكتَشَف،ودراسة هذه النجوم ستسمح بتحديد خصائص نجوم الجيل الاول والحصول على فكرة واضحة أحد حقبات التطور الكوني التي تتوارى عن عدسات التلسكوبات الحديثة.لقد كانت هذه الحقبة نقطة تحول في تاريخ الكون،تشير إلى تحول الغاز الحار المظلم إلى نجوم قادرة على تشكيل المواد اللازمة لوجود الكواكب الصخرية وأيضا لوجود الحياة.
المصدر: هنا
حقوق الصورة: Stefan Keller