البكتيريا في خدمة نهر بردى الدّمشقيّ
البيولوجيا والتطوّر >>>> الأحياء الدقيقة
يستحوذ التّلوّث بالموادّ الهيدروكربونيّة (مثل زيت القلي والنّفط الخام) في المسطّحات المائيّة على أهمّيّةٍ كبيرةٍ، لا سيّما ضمنَ الظّروف الحاليّة، وفي غياب الرّقابة في عديدٍ من المنشآت الّتي تهدف إلى تقليل التّأثيرات السّمّيّة لهذه الملوّثات، ويُعدّ نهر بردى أحد هذه المسطّحات المائيّة الّتي تعاني واقعاً بيئيّاً سيّئاً؛ إذ يتعرّض لأنواعِ الملوّثات كافّةً بما فيها الموادّ الهيدروكربونيّة الواصلة إليه مع مياه الصّرف الصّحّيّ للمدينة وما حولها، وانطلاقاً من أهمّيّة نهر بردى كان لا بدّ من البحث عن حلولٍ نوعيّةٍ لتلوّثه، وللتّقليل من مستوى خطورة الملوّثات ضمنه. فكان الحلّ بالمعالجة الحيويّة، وهي من أشدّ الحلول فعاليّةً من النّاحية البيئيّة والاقتصاديّة، فهي تهدف إلى الاعتماد على النّشاطات الحيويّة لإعادة التّوازن للنّظم البيئيّة بأقلّ الأضرار الممكنة، ومن أهمّ الأحياء المستعملة في هذه العمليّات الجراثيمُ؛ فهي من المفكّكات الأساسيّة القادرة على التّكيّف مع عديدٍ من الظّروف البيئيّة الحدّيّة. أحد الأنواع المستعملة في مجال المعالجة الحيويّة جراثيم المكوّرات الدّقيقة Micrococcus sp؛ نظراً إلى ما تتمتّع به من ميّزاتٍ تجعلها قادرةً على تحمّلِ العديد من الملوّثات. واستُعملت أوساطٌ اختياريّةٌ لعزلها من مياه النّهر الملوّثة، فأمكن الحصول على 56 عزلةً جرثوميّةً تابعةً لهذا الجنس. انتُخبت بعد ذلك 10 سلالاتٍ لتمثيل كافّة الأنواعِ المعزولة لتحديد قدرتها وكفاءتها في التّعامل مع أنواعٍ وتراكيزَ مختلفةٍ من الهيدروكربونات كزيت قليٍ مستعملٍ أو نفطٍ خامٍ، بالاعتماد على مجموعةٍ من المؤشّرات الحيويّة المتغيّرة تبعاً لدرجة نشاط الجراثيم في وسط التّفكيك وقدرتِها على التّعامل مع الملوّث. فماذا عن النّتائج؟ أظهرت السّلالات المُنتخبة قدراتٍ متباينةٍ في التّعامل مع أنماط الموادّ الهيدروكربونيّة المدروسة وتراكيزها المختلفة، ولكنّها كانت أعلى كفاءةً في تعاملها مع زيت القلي المستعمل بجميع التّراكيز، وذلك مدعومٌ بالإحصاءات؛ ما يؤكّد قدرة الأنواع المختلفة من جنس المكوّرات الدّقيقة على التّعامل مع الموادّ الهيدروكربونيّة على نحوٍ جيّدٍ. هل ما زال الطّريق طويلاً؟ تمثّل النّتائج المذكورة توّاً دافعاً لتوسيع الدّراسة حول جنس المكوّرات الدّقيقة، وتحديدِ المورّثات المسؤولة عن عمليّة التّفكيك الحيويّ لهذه المركّبات، وتحديد أنماط المركّبات الّتي تستهدفها أنواع هذا الجنس، ولعلَّ الأبحاث القادمة ستدفعنا خطوةً نحو الأمام في سبيل تحسين واقع نهرنا وربّما غيره من المسطّحات المائيّة الملوّثة بهذه الموادّ. يجدر بالذّكر أنَّ هذا المقال ملخّص بحثٍ أُعِدّ استكمالاً لنيل درجة الماجستير باختصاص علم الحياة النباتية في جامعة دمشق وجاء بعنوان: تقييم قدرة المكوّرات الدّقيقة المعزولة من نهر بردى على المعالجة الحيويّة للمياه الملوّثة بالنّفط وزيت القلي Evaluating Ability of Micrococcus Sp. Isolated from Barada River to Bioremediation Of Water Contaminated with Petroleum and Frying Oil المصدر:
إعداد الطالبة: أمل عبد الجواد سليمان وإشراف الأستاذ الدكتور عدنان علي نظام