الموسيقا والعدالة الاجتماعية
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة السياسية
شُنَّت احتجاجات للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية طمعاً بتغيير الوضع غير المقبول، وردَّ فعلٍ على الحرب آنذاك وانعدام المساواة الاجتماعية والسياسية، وردّاً على الفقر والقيود الأخرى على الفرص الاقتصادية والتنموية. المصدر: هنا
تُعرّف العدالة الاجتماعية عادةً على أنّها برنامج سياسيّ، لكنّ كثيراً من حركات العدالة هذه قد استخدمتِ الموسيقا كأداة تدعو بها الناس للانضمام والحفاظ على مشاركة واسعةِ النطاق في مبادراتها، وأصبح هذا الاندماج بين كلٍّ من الموسيقا والعدالة الاجتماعية مترسّخاً بعمق في أُطرِ الهوية والثقافة عند بعض المجموعات، والذي يُفهم اليوم أساساً على أنه قَوامٌ ثقافيّ.
وعلى سبيل المثال؛ تُعرف الـ Blues التقليدية على نحو واسع النطاق لكونها مساهمةٌ من الأمريكيّين الأفارقة في الموسيقا، ولكنّ دورها في تشكيل الوعي السياسي غير معروفٍ داخل المجتمعات الأمريكية الإفريقية، ذلك الدور الذي انبثق من عصر إعادة الإعمار في القرن التاسع عشر، ومن الهجرة إلى خارج أمريكا الجنوبية في القرن العشرين.
وينطبق الأمر ذاته على التفاعل المتبادل بين الجاز الحرّة في ستينيّات القرن التاسع عشر و حركة السود القومية، إذ ساهمتِ موسيقا الجاز في تغذيتهما.
وتتجلّى في الروايات التاريخية والاجتماعية لحظاتٌ تندمج فيها الموسيقا مع العدالة الاجتماعية، لكنها قليلةٌ مقارنةً مع تلك الأوقات الّتي نجد فيها أنّهما التقيتا؛ إنّما من غير قصد، وهي لحظاتٌ قلّما نذكرها أو نلحظها.
ومن الأمثلةِ عن انقطاع الموسيقا عن السياسة – بدلاً من انقطاع السياسة عن الموسيقا – نجد الغفلةَ الثقافيةَ حيال الدور الذي أدّته الموسيقا في الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة، والتي جرت تحت لافتاتِ حركة Occupy و الـ UK-Uncut، وكذلك حيال الدور المصيريّ الذي أدّته الموسيقا في حركةِ مناهضةِ التمييزِ العنصري في جنوب إفريقيا.
ومن ناحية أخرى؛ فإنَنا نجد نموذجاً عن التبادلية بين كلٍّ من التعبير الموسيقيّ والتمسّك بالعدالة الاجتماعية؛ خصوصاً في ثقافة الاحتجاج السياسيّ للولايات المتّحدة الأمريكية في الستّينيّات (حركة الحقوق المدنية، والحركة المناهضة لحرب فييتنام).
ويُلاحِظ Ray Pratt في كتابه "الإيقاع والمقاومة"؛ أنّه لا يمكن للموسيقا وحدَها أن تضبطَ قدرةَ أحد من أجل استثمار فعّالٍ ما في هذا العالم، لكنْ يمكنُ ملاحظةُ المساهماتِ الجبّارة التي أنجزتها الموسيقا في حالات انفعالية مرحلية.
ويعود السببُ في ذلك إلى الطريقة التي تغذّي فيها الموسيقا حياتنا العاطفية، وكذلك الإحساس بالرخاء الاجتماعيّ الذي ندركه عندما نشارك حالاتنا العاطفية مع الآخرين، إذ نجدُ الموسيقا كثيراً في تلك الحركاتِ التي تُبنَى وتعتمد على التضامن.
تعدّ هذه الرابطة تصادفية بكلّ تأكيد، لكنّ غياب الحاجة المنطقية لا يقلّل من الدور القويّ الذي تؤدّيه الموسيقا في جهودنا نحو بناء عالم أفضل.