التاريخُ الصينيُّ والطاقة: مدرسةُ يين و يانغ
منوعات علمية >>>> منوعات
تعتمد الكثيرُ من الممارساتِ الشرقيّةِ على المفاهيمِ الحيويّةِ، ففي الهند مثلًا تتضمّن اليوغا كُلّاً من "البرانا" (طاقة التنفس) و"الشاكرا" (مراكز الطاقة في الجسم)، وتختلف هذه المفاهيمِ من دولةٍ أو منطقةٍ إلى أٌخرى، لذلك سنركّز قليلًا على الأفكار التي ظهرت في الصين، لما لها من تأثيرٍ عميقٍ على تطوّرِ وتشكيلِ العلاجِ بواسطةِ الطاقةِ. المصادر: 1 - هنا 2 - كتاب العلم الزائف وادعاء الخوارق (أدوات المفكر النقدي)، جوناثان سي. سميث، ترجمة محمود خيال، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2010، صفحة 467.
تعود مدرسةُ يين ويانغ الفلسفيّة إلى أكثر من 2000 عامٍ، وتعدُّ مدرسةً أساسيّةً في الفِكرِ الصينيّ القديمِ، وتعرِض هذه المدرسة رؤيةً حيويّةً للطّاقةِ تغلغلت في الحضارة الصينيّة بما في ذلك الفنُّ والزواجُ والسياسةُ و الطِبُّ و قراءةُ الطالِعِ. وكان المؤيّد الرئيسُ لهذه النظريّة هو عالِم الكون زو يان (أو تسو ين) الذي يعتقد أنَّ الحياة تمرُّ عبرَ خمسِ مراحلَ تتغيّر باستمرارٍ هي: النار والماء والمعادن والخشب والأرض.
تُركّز مدرسةُ يين ويانغ على أنَّ جميعَ الأشياءِ في الكونِ موجودةٌ كضِدّين لا ينفصلان على سبيل المثال: الإناث والذكور، والظلام والضوء. فالضِدّان ينجذبان ويكمّلان بعضهما البعض، وكما يوضّح رمزُها فإنَّ في جوهرِ كُلِّ جانبٍ عنصرٌ من العناصرِ الأخرى، ولا يوجد قطبٌ أعلى من الآخر، كما أنَّ الزيادةَ في واحدٍ تؤدّي إلى انخفاضٍ مماثِلٍ في الآخر، لذلك يجب التوصّلُ إلى توازنٍ صحيحٍ بين القطبين من أجل تحقيقِ الإنسجامِ.
يين هو المؤنّثُ والأسودُ والظلامُ والشمالُ والماءُ(التحوّل) والخمولُ والقمر(الضعف والإلهة تشانغكسي) والأرضُ الباردةُ والأرقامُ الزوجيّةُ والوديانُ والفقرُ ويوفّر روحاً ليّنةً لجميعِ الأشياءِ. يرتفع تأثيرُ يين مع حدوثِ الانقلابِ الشتويّ، ويمكن أن يمثّل يين أيضاً النمرَ واللونَ البرتقاليَّ والخطَّ المكسورَ.
يانغ هو المذكّرُ والأبيضُ والضوءُ والجنوبُ والنارُ(الإبداع) والنشاطُ والشمس(القوة والإله زيه) والسماءُ الدافِئةُ والشباب والأرقامُ الفرديّةُ والجبالُ والغنى ويوفّر روحاً صعبةً لجميعِ الأشياءِ. يرتفع تأثيرُ يانغ مع حدوثِ الانقلابِ الصيفيّ، ويمكن أن يمثّل يانغ أيضاً التنينَ واللونَ الأزرقَ والخطَّ المتّصلَ.
يعمل كُلّاً من يين ويانغ من خلال طاقةِ حيويّةٍ تدعى "تشي". في البدايةِ كان ل"تشي" معنىً بسيطًا جدًا وهو الأبخرةُ الضارّةُ الصاعدةُ من جثةٍ لم تُدفن بعمقٍ كافٍ، ومن ثمّ تطوّر المصطلحُ ليشمل طاقةً حيويّةً جامِعةً تملأ الكونَ بأكمله، ومسؤولةٌ في نفسِ الوقتِ عن جميعِ أشكالِ الحياةِ، وهي موجودةٌ في البيئةِ وضوءِ الشمسِ وحتّى في الطعام الذي نأكله.
يرتحل تشي في الجسم من خلال اثنتا عشرة قناةٍ رئيسةٍ تُسمّى بدوائر الخطوطِ الطوليّةِ أو ميريديان. لماذا إثنتا عشرة؟ لأنّ هناك إثنا عشرة عضواً أساسيّاً في الفكرِ الصينيّ هي: القلبُ والرئتينُ والمعدةُ والأمعاءُ الدقيقةُ والأمعاءُ الغليظةُ والطحالُ والمثانةُ والكِلى والكبدُ والمرارةُ والتامورُ(الغشاءُ المغلّفُ للقلب) والجذعُ العلويُّ.
عندما يمرض المرءُ يكون يين ويانغ غير متوازنين فعلى سبيل المثال: عندما يعاني شخصٌ من ارتفاعِ ضغطِ الدمِ فقد يكون لديه الكثيرُ من يانغ في القلب، ويتطلّب ذلك علاجًا لخفضِ اليانغ في القلب أو زيادة اليين. وللتوضيح فإنَّ سببَ المرضَ هو إعاقةُ تشي أو تدفّقها بطريقةٍ غيرِ صحيحةِ من عضوٍ إلى آخرَ، ويشمل التدخّلُ الصيني لتعديلِ يين و يانغ وتشي عقاراتٍ عشبيّةٍ مختلفةٍ ونظاماً غذائياً وتمارينَ بدنيّةٍ وممارسةَ رياضةِ فنِّ الدفاعِ عن النفسِ والتدليكِ.