هل أنتَ ذكيٌّ بقدرِ ما تبدو عليه؟!
الطب >>>> مقالات طبية
وقد اعتمدَتِ الدّراسةُ الأولى على 160 مُشترِكاً (75 رجلاً و85 امرأة) طُلِبَ منهم تقييم صورٍ قريبةٍ لـ 80 طالباً جامعيّاً في كليّة العلومِ في جامعة تشارلز في براغ - التشيك، (40 ذكراً و40 أنثى) يُبدون ملامحاً محايدة دون ابتسامٍ ودون ارتداءِ مجوهراتٍ أو زينة؛ وكانوا مُسبَقاً قد خضعوا لاختباراتٍ قياسيةٍ لتقييم أنماطِ ذكائهم المختلفة تبعاً للبرنامج التشيكي، وذلك بغرضِ اختبارِ وجودِ علاقةٍ بين معدّل الذّكاء المُقاس وشكلِ الوجه.
لم يكن للنَّاسِ المُشترِكين في تطبيق الدّراسة أيّةُ علاقةٍ بطلّابِ الجامعةِ المُقيَّمين أو بكليّة العلوم، وقد قَيَّمَ 43 من النساءِ المُشترِكات و42 من الرّجال المشتركين الصّورَ من حيث الذّكاء، في حين قيّمها الآخرون من حيث الجاذبيّة.
نجحَ المشتركون سواءٌ أكانوا رجالاً أم نساءً في تقييم صورِ ذكاءِ الطّلاب الذّكور بدقّةٍ بمجرّد النّظر إلى صورهم، إذ قُيِّمَ الذكور ذوو معدّلات الذّكاء المرتفعة حسب اختبار الذّكاء الّذي أُجري لهم سابقاً على أنّهم أذكياءٌ فعلاً من قبل المُشترِكين؛ في حين لم ينجح هذا الأمر على الإناث ذوات معدّل الذّكاء المرتفع، علماً أنّ تقييم الجاذبيّة لم يُظهِر أيّ ارتباطٍ إحصائيّ بالذّكاء المقاس.
كيف استطاع المشتركون التقييم بهذه الدّقة؟ وماهي العناصر الشكليّة الّتي قادتهم إلى هذا التقييم؟
يقول العلماءُ في هذه الدّراسة أنّنا نمتلك بطريقةٍ ما صورةً ذهنيّة مُسبَقةً لِما يجبُ أن يبدو عليه وجهُ شخصٍ ذكي - سواءٌ لدى الّذكور أم الإناث - فالوجه الضّيقُ والذّقنُ النحيف والأنف الطويل العريض توحي جميعُها بصورةٍ نمطيّة أو شكلٍ خارجيّ ظاهرٍ للذكاء.
وأمّا الوجوهُ المدوَّرةُ والعريضةُ مع ذقنٍ كبير وأنفٍ صغيرة فقد ارتبطت مع تقييم المشتركين بمعدّل ذكاءٍ منخفضٍ لأصحابها، فضلاً عن أنّهم اقترحوا أيضاً أنَّ هناك علاقةً ما بين تعابيرِ الوجه ومعدّلِ الذّكاء؛ إذ بدا لهم أنّ الوجوهَ "الأذكى" تميلُ للابتسام أكثرَ من الوجوهِ "الأقلّ ذكاءً".
Image: http://journals.plos.org/plosone/article/figure/image?size=inline&id=info:doi/10.1371/journal.pone.0081237.g002
Image: http://journals.plos.org/plosone/article/figure/image?size=inline&id=info:doi/10.1371/journal.pone.0081237.g003
هل يوجد ارتباط حقيقيٌّ بين شكل الوجه ومعدّل الذّكاء؟
في الدراسةِ الأُخرى وجدَ الباحثون أنّ أبحاثهم أشارت مجدّداً إلى وجود علاقةٍ بين شكل الوجه ومعدّل الذّكاء المتوقَّع؛ أي إنّه من الممكن فعلاً توقُّعُ معدَّل ذكاءِ شخصٍ ما تبعاً لمظهره.
فقد وجدوا أنَّ ارتفاعَ الوجهِ والبُعدَ بين الحدقتين وحجمَ الأنف ترتبط جميعُها بمعدّل الذّكاء المُقاس؛ دون معرفة السبب الحقيقيّ خلف هذا الارتباط! ويُفسّرُ الباحثون ميلَ الأفراد إلى هذا التصنيفِ تبعاً للخبرة الّتي يكتسبها الأفراد في تعاملُهم اليومي مع عالَمهم المحيط ومع الأفراد الآخرين، إذ بدا واضحاً أنَّ الأنفَ القصيرَ ارتبط بتقييمٍ أخفضَ للذكاء، علماً أنّ الأنف القصير يرتبط مع عددٍ من المتلازمات التي تؤثّرُ على التطوُّر المعرفي وعلى معدّلِ الذكاء؛ مثل متلازمةِ الجنين الكحولي (Fetal alcohol syndrome) و متلازمة داون (Down syndrome) ومتلازمة ويليامز( Williams syndrome) وغيرها...
"وقد يكون الارتباطُ بين شكلِ الوجه ومُعدِّلِ الذكاء المُقاس دليلاً على وجودِ اضطرابٍ طفيفٍ في المسار التطوّري نفسِه الّذي أُصيب بالمَراضةِ الشديدةِ في المتلازمات السابقة " يقول الباحثون.
لِمَ استطاعَ المشتركون تقييمَ الذكاءِ لدى الذّكورِ لا الإناثِ في الدّراسة الأولى؟
على فرضِ أنّ المُشعِراتِ الوجهيّة أو (الشكلَ الموحي بالذّكاء) تنتقلُ بصفةٍ وراثيّة؛ ثمَّ لم تكنِ المورثاتُ الخاصّةُ بها محمولةً على الصبغي الذكريّ (Y)، فسوف يحصلُ كلٌّ من أبناء الرّجلِ - الّذي " يبدو ذكيّاً" - وبناتِه على هذهِ الجينات، ولتفسيرِ عدم ظهور هذه الصفات عند الإناث؛ يقول العلماء الّذين أعدّوا الدّراسةَ بوجودِ عدّةِ احتمالاتٍ تُفسّرُ ذلك؛ أحدُها يناقشُ كونَ هذه الصفات الشكليّة الدّالة على الذّكاء صفاتٍ جنسيّةً ثانويّةً تظهرُ في وجوه الرّجال فقط تحتَ تأثير الهرموناتِ الجنسيّة الذّكرية خلال البلوغ، ويتحدّث احتمالٌ آخر عن أنَّ النساء غالباً ما يُحكَمُ عليهنَّ مُسبَقاً تبعاً لجاذبيتهنّ، وقد تُعيقُ هذه الجاذبيةُ وضعَ تقييمٍ دقيقٍ وموضوعي لذكاءِ النساء تبعاً لمظهرِهنّ.
إذاً يمكننا أن نقولَ في النّهاية أنّه بإمكاننا تقديرُ ذكاءِ الأفراد أو التنبُّؤُ به تبعاً لمظهرهم؛ لكن - للأسف - فهذا الأمرُ ينطبقُ على الرّجال أكثر منه على النّساء!
المصدر:
هنا
هنا