حاول العلماء على مدى القرن الماضي استكشاف مختلف مناطق الدماغ، وتحديد خواصها ووظائفها، وذلك باستخدام التنبيه الكهربائي لإيقاف عمل كل منطقة على حدة وملاحظة الوظيفة المسؤولة عنها. ولكن لم يستطيعوا قبل تاريخ هذه الدراسة إيقاف المنطقة المسؤولة عن الإدراك.
تتفق معظم الفرضيات على أن الوعي يتطلب تنسيق الأحاسيس والنشاطات الدماغية المختلفة الناتجة عن العديد من المناطق الدماغية، وتجميعها على شكل أفكار وأحاسيس ومشاعر متكاملة، وذلك من أجل تحقيق فهم متكامل للبيئة المحيطة.
في هذه الدراسة التي نشرت حديثاً، استطاع العلماء – وللمرة الأولى- الانتقال من حالة الوعي إلى غياب الوعي بالتنبيه الكهربائي لمنطقة واحدة من الدماغ، حيث تقترح هذه الدراسة أن العائق) claustrum بنية تشريحية في الدماغ) قد يكون هو المسؤول عن تحقيق هذه الوظيفة.
استطاع الطبيب محمد القبيسي (بروفيسور مساعد في طب الأعصاب في جامعة جورج واشنطن) مع زملائه إيقاف الوعي لدى امرأة وذلك بالتنبيه الكهربائي للعائق claustrum. حيث أنه بمجرد أن قاموا بتنبيه العائق بنضبات كهربائية ذات توتر عالٍ، توقفت المريضة عن القراءة وحدقت في الفضاء وتوقفت استجابتها للتنبيهات السمعية والبصرية وانخفض معدل التنفس لديها. وعندما توقف التنبيه استعادت فوراً وعيها دون تذكر أي شي من الذي حدث. وعند تكرار التجربة نفسها على المنطقة نفسها حدثت النتيجة ذاتها.
لكي يتأكدوا أنهم أفقدوا المريضة وعيها، وليس فقط قدرتها على الكلام والحركة والتعبير، طلب الفريق منها ترديد كلمة معينة وتحريك أصابعها قبل بداية التنبيه. فلاحظوا أنه عندما بدأ التنبيه انخفض صوتها وبطئت حركتها تدريجياً حتى توقفت، الأمر الذي أكد حدوث حالة غياب الوعي. (لو كان التنبيه يؤثر على القدرة على التعبير، لتوقف الكلام والحركة فوراً عند تطبيقه).
يقول القبيسي أن هذه النتائج تشير إلى أن العائق claustrum يلعب الدور الرئيسي في إثارة الوعي، ولكن في المقابل فإن بعض الأطباء يقولون أن هذه النتائج غير كافية لحد الآن، فقد طبقت على امرأة مريضة بالصرع، وبالتالي قد لا تمثل الحالة الطبيعية، ولكن مع ذلك، فهي تقدم معلومات هامة جداً تؤثر على فهمنا للوعي، وتفتح مجالاً واسعاً للدراسات المستقبلية عن هذا الموضوع. فعلى سبيل المثال، يخطط الفريق الآن لبحث فيما إذا كان تنبيه العائق claustrum بمنبه منخفض التردّد يؤدي إلى إعادة الوعي، وذلك في محاولة لإخراج المرضى الذين يعانون من غيبوبة من حالتهم هذه.

المصدر:
هنا

مصدر الصورة:
هنا