الموسيقا لِحديثيّ الولادةِ أيضاً
الطب >>>> طب الأطفال
أُعِدَّت مؤخراً العديدُ من الدراساتِ عن قدرة الموسيقا على تحسينِ مهاراتِ الطفلِ في المستقبلِ في حالِ تلقّيهِ التدريباتِ الموسيقيّةَ منذُ ولادتِه، وكانَ التساؤلُ عن تأثيرِها على قدراتِ الطفلِ اللّغويةِ أيضاً، ومن أهمِّ هذهِ الدراساتِ تلك التجاربُ التي أُجريَت تحتَ إشرافِ معهدِ review board التابعِ لجامعةِ واشنطن university of washington، إذ كانتِ التجربةُ على الشكل الآتي:
اختِير سبعةٌ وأربعون طفلاً بعمر الـ 9 أشهر وفقاً لمعاييرَ محدّدةٍ، وحَرصَ الباحثون على أن تكونَ بيئتُهم الموسيقيةُ متماثلةً نوعاً ما، ومِن ثَمَّ قُسِّمَ الأطفالُ إلى مجموعتَين؛ إحداهُما "المجموعة الموسيقية" والثانيةُ "مجموعة اللعب"، وخضعَ الأطفالُ منَ المجموعتَين لـ 12 جلسةً خلالَ مدَّةِ 4 أسابيع، وقد شملتْ جلساتُ "فئة الموسيقا" إجراءَ الأنشطةِ التي تتضمنُ تجاربَ اجتماعيةً بوجودِ الرُضّعِ بعضِهِمِ مع بعض، وتحوي أنشطةً متعددةَ الوسائط من دُمىً أو آلاتٍ بسيطةٍ، وقد جرتْ هذهِ الجلساتُ مع تشغيلِ نماذجَ موسيقيةٍ قدِ اختارَها الباحثون من الميزان الثلاثي (كموسيقا الفالس) نظراً لصعوبةِ تحليلِها في عمر ال 9 أشهر، وقد دُرِّبُ الأطفالُ على استخدامِ "الخشاخيش" وعلى النقرِ بأقدامِهم تزامناً مع اللّحن، وذلكَ بمساعدةٍ من أهالي الأطفال.
أما المجموعةُ الثانيةُ فهيَ مجموعةُ "اللعب" التي شملتْ أنشطتُها ما سبقَ ولكن مِن دونِ تشغيلِ أيّةِ موسيقا.
وقد دُرِسَتِ الاستجابةُ العصبيةِ لهؤلاءِ الرُّضَّعِ بعد انتهاءِ الجلساتِ الاثني عشر، إذ استخدمَ الباحثون تقنيةَ تصويرِ الدماغِ المغناطِيسي MEG magnetoencephalography، وقاموا أثناءَ ذلكَ بتشغيلِ مقاطعَ موسيقيةٍ؛ ثمَّ إيقافِها بفواصلَ مدروسةٍ، واستخدموا كلمةً غريبةً تتألفُ من مقطعَيْن - ساكنٍ وصوتي - وشغَّلوها مع التشديدِ على أحدِ المقاطع.
لاحظَ الباحثونَ في كِلتا الحالتين (توقيفِ الموسيقا أو الكلمة) استجابةً عصبيةً أفضلَ وأعلى لدى الرُضَّعِ الذين تلقََّوا التدريبَ الموسيقي (فئة الموسيقا)، فقد وجدُوا إشاراتِ التحليلِ أعلى مع بدايةِ الفاصلِ الزمنيِّ لكلٍّ من الموسيقا أو الكلمة، وذلكَ في كلٍّ من الباحةِ السمعيةِ في الفصِّ الجداريِّ والباحةِ أمامَ الجبهية (باحة الإدراك).
وسلَّطتِ التجربةُ السابقةُ الضوءَ على الآليّة التي يعملُ بها الدماغُ في تحليلِ الأصواتِ إن كانتْ موسيقيةً أم لغويةً، فوجدُوا أنها آليةٌ متماثلةٌ، إذ كانَ لجلساتِ الموسيقا الأثرُ الفعّالُ في قدرةِ الرُّضّعِ على تحليلِ الأصواتِ اللّغويةِ أيضاً.
وتجدرُ الإشارةُ إلى "تأثير موزارت" الذي قدْ شاعَ في الآونةِ الأخيرةِ؛ ويعني الاعتمادَ على موسيقا موزارت الكلاسيكيّةِ في تطويرِ مهاراتِ الأطفالِ، ولكنْ؛ قد أظهرتِ الدراساتُ تفسيراتٍ مختلفةً لهذهِ الفرضيّة؛ إذ وجدوا أنهُ من الصّعبِ على الرُضَّعِ تحليلُ موسيقاه في بدايةِ الأمر، ممّا أثارَ الشكوكَ حولَ فعاليّةِ تخصيصِ موسيقا موزارت عن سواها .
إضافةً إلى ذلك؛ فإنَّ التّساؤلَ عن فترةِ التدريباتِ الموسيقيّةِ اللّازمةِ لتطويرِ مهاراتِ الطفل، وإذا ما كانتْ هذه التأثيراتُ مستمرةً على المدى الطويل؛ قد بقيا موضوعاً للدراسةِ من قبلِ الباحثين.
نجدُ ممّا سبقَ أنّ جلساتِ الموسيقا تلك تُعدُّ أمراً يستحقُ التجربة، فقد لُوحظ تأثيرُها الإيجابيُّ على الأطفال، فضلاً عن إمكانيّةِ لجوءِ الوالديْن إلى هذه الجلساتِ للتدرُّبِ على الأساليبِ المُتَّبعةِ في تعليمِ أطفالِهم وإدخالِ الموسيقا إلى نمطِ حياتِهِم اليومي؛ ليستفيدَ أطفالُهم من ذلك قدرَ الإمكان.
المصادر:
هنا
هنا