إثباتُ فرضيَّة لنديلوف الوثيقةِ الصِّلةِ بمخمنة زيتا ريمان
الرياضيات >>>> الرياضيات
أعلنَ اثاناسيوس فوكاس -عالِمُ الرِّياضيَّات من قسمِ الرِّياضيَّاتِ التَّطبيقيَّةِ والفيزياءِ النَّظريَّةِ في جامعةِ كامبريدج والأستاذُ الزَّائرُ في مدرسةِ فيترباي Viterbi- عن نجاحِهِ في إثباتِ فرضيَّةِ لنديلوف الوثيقةِ الصِّلةِ بمخمنة زيتا ريمان الشَّهيرة، ونشرِ البُرهانِ في موقعِ اركايف المشهور، وللبرهانِ إذا ما صحَّ تَبعاتٌ عميقةٌ وواسعةٌ في مجالاتٍ متعدِّدةٍ منها الحوسبةُ الكوانتيَّةُ ونظريَّةُ الأعدادِ و التَّشفيرِ وغيرها. المصدر: هنا
وتُنسَبُ فرضيَّةُ لنديلوف إلى عالِمِ الرِّياضيِّات الفنلندي إرنست لنديلوف الذي وضعَها عام 1908، وهي مخمنة عن معدَّلِ نموِّ تابع زيتا ريمان على الخطِّ الحدِّي -سنعودُ لشرحِه لاحقًا- وتابع زيتا ريمان هو التَّابع المرتبطُ بـ مخمنة ريمان؛ وهي واحدةٌ من أشهرِ المسائلِ غيرِ المحلولة في الرِّياضيَّات، وقد وضعَ مخمنة زيتا ريمان عالمُ الرِّياضيَّات ريمان عنِ الأعدادِ الأوَّليَّة، ويُعدُّ تابع زيتا ريمان أداةً سحريةً في نظريَّةِ الأعداد إذ تُستخدَم لدراسةِ خواصِّ الأعدادِ الأوَّليَّة، وعلى الرُّغم من عدمِ توفُّر برهانٍ كاملٍ لها إلى هذه اللَّحظة لكنَّها ساعدت كثيرًا في بناءِ فهمٍ علميٍّ لمجالاتٍ متفرِّقةٍ لا تقتصرُ على نظريَّةِ الأعدادِ فحسب، بل تشملُ البيولوجيا والكيمياءِ والفيزياء، وفي حالِ دحضِ صحَّةِ تلك المخمنةِ ستتولَّدُ فوضى عارمة وتعارضٌ كبيرٌ عن كيفيَّةِ توزُّعِ الأعدادِ الأوليَّة، وتُعدُّ فرضيَّةُ لنديلوف التي أثبتَها فوكاس حالةً خاصةً من فرضيَّة زيتا ريمان لأنَّها تختصُّ بالخطِّ الحدِّي فقط وليسَ المستوي العقدي كاملًا.
كانَت ولا زالَت فرضيَّةُ ريمان التي نشرَها بيرنارد ريمان عام 1986 مبحثًا مُهمًّا في نظريَّة الأعداد، ومخمنة ريمان عن معدَّلِ نموِّ الأعدادِ الأوليَّةِ مازالت إلى اللَّحظة عصيةَ البرهان، ويعودُ ذلك إلى أنَّها تعتمدِ على متحوِّلاتٍ عقديَّةٍ ولا يمكنُ كتابةُ تابع زيتا ريمان بصيغةٍ واضحة، بدلالةِ توابع ذات صيغةٍ قياسيَّةٍ مشهورة، وإذا أُثبتَت تلك المخمنة سنفهمُ توزُّع الأعدادِ الأوليَّةِ ضمنَ مجموعةِ الأعداد، ونظرًا لأهميَّتها أعلن معهد كلاي عن جائزةِ مليون دولارٍ لمن ينجحُ في إثباتها.
ويصبحُ تابعِ ريمان على الخطِّ الحدِّي معتمدًا على المتحوِّل t، وعلى ذلكَ الخطِّ باستخدامِ الحواسيبِ المتوفِّرةِ حاليًا، ويمكن إثباتُ مخمنة ريمان إلى القوَّة 13^10 ولكنَّ ذلك يبقى برهانًا غير كاملٍ مقارنةً باللانهاية، لأنَّنا لا نعرفُ سلوكَ تابعِ زيتا ريمان على الخطِّ الحدِّي من أجلِ قِيمٍ كبيرةٍ لـ t.
أثاناسيوس فوكاس عالِمُ رياضيَّاتٍ متمرِّسٍ في دراسةِ سلوكِ التَّوابعِ من أجلِ قيمٍ كبيرةٍ لمتغيِّراتها، واتَّبع في إثبات مخمنة لنديلوف أسلوبًا فريدًا يعتمدُ على تضمينِ تابع زيتا ريمان ضمنَ مسألةٍ أكبر وهي مسألةُ ريمان-هلبرت إذ يحقِّق تابع زيتا ريمان خواصًا إضافيَّةً كثيرة، ومن ثمَّ فقد درسَ سلوك التَّابع من أجلِ قيمِ متغيِّراتٍ كبيرة.
يُعدُّ فوكاس وريث عالِمِ الرِّياضيَّات الرُّوسيِّ الأمريكيِّ غيلفاند، وهو من الأمثلةِ القليلةِ حاليًا على مفهومِ العالِم الرِّياضي الذي كان شائعًا في عصر النَّهضة، فهو الحائِزُ على درجةِ البكالوريوسِ في هندسةِ الطَّيرانِ من الجامعةِ الإمبرياليَّةِ في لندن، ودرجةِ الدكتوراه من جامعة كالتك، ومن ثمَّ فقد درَسَ الطِّب في جامعة ميامي لاحقًا، ولكنَّه يشغلُ كرسيَّ علوم الرِّياضيَّات اللَّاخطيَّة في كامبريدج، وفي عام 2000 حازَ جائِزةَ نايلور التي نالَها قَبلَه ستيفن هوكينغ عام 1999، وكان قد طرَحَ طريقةً جديدةً في حلِّ المعادلاتِ التَّفاضليَّة الجزئيَّة والتي حلَّت محلَّ الأساليبِ التي كانت تُستخدَمُ منذ القرن 18.
وتَوَّجَ مسيرةَ حياتِهِ الأكاديميَّةِ ببرهانِ مخمنة لنديلوف الذي يُعدُّ حالةً خاصَّةً من مخمنة زيتا ريمان، مما قد يمهِّدُ الطَّريقَ لبرهانِ مخمنة زيتا ريمان عمَّا قريب، ومن الجديرِ بالذِّكرِ أنَّ برهانَهَ تحقَّق بالتَّعاوُنِ مع العديد من الرِّياضيِّين الشَّبابِ حولَ العالَم.