هل يمكننا أن "نخترع" لغة جديدة؟
التعليم واللغات >>>> اللغويات
اختراعُ لغةٍ جديدة ليس ظاهرة جديدة، لكنه ليس أمراً في غاية البساطة؛ إذ إن مجرد التوفيق بين مجموعة قواعد صوتيات غريبة لا يكفي لإنشاء هذه اللغات، لذا تكون هذه المهمة في الكثير من الأحيان من نصيب خبراء في علم اللغويات.
فربما يعتقد معظم متابعي فيلم The Minions بأن هذه الكائنات الصفراء تتمتم بكلمات غير مفهومة مع ذكر كلمة banana "موز" من وقت لآخر، ولكن الأمر على العكس تمامًا، فهذه الكائنات اللطيفة تتكلم لغة تدعى Minionese، وهي عبارة عن خليط من عدة اللغات، كالفرنسية والإنكليزية والإسبانية والصينية والإيطالية وغيرها، كما يوجد لها قاموس متاح على الإنترنت.(1)
أنشأ مارك أوركند الاختصاصيّ في علم اللغويات لغةَ كلينغون Klingon المحكيةَ في فيلم Star Trek، وذلك عن طريق معاكسة لغته بالكامل مع لغات أخرى موجودة؛ إذ اعتمد ترتيباً غير شائع للكلمات، كترتيبها وفق تسلسل مفعول به – فعل – فاعل.(1) كما تُرجمت بعض الأعمال الأدبية المعروفة مثل هاملت وملحمة جلجامش إلى لغة كلينغون. وعلى الرغم من ذلك، عندما حاول أحد مختصي علم اللغويات تعليمَ ابنه لغةَ كلينغون، انتهت التجرية بأن رفض الطفلُ هذه اللغة وفضَّل عليها اللغة الإنكليزية لكونها أشمل وأوسع استخداماً.(2)
أما لغة دوثراكي Dothraki التي استُعملت في مسلسل Game Of Thrones الشهير، فقد أُنشئت بالأصل لسلسلة كتب تدعى A Song of Ice and Fire من تأليف جورج م. مارتن، ومن ثم طوَّرها ديفيد ج. بيترسن لتلائم المسلسل على الرغم من الصعوبات التي واجهته، كضرورة أن تكون اللغة قابلةً للتعلم؛ إذ سيتحدث بها الممثلون بعد حفظهم لمفرداتها. تحتوي هذه اللغة على 23 حرفاً ساكناً و4 حروف صوتية و4 حروف صوتية ثنائية مدمجة.(2)
كما عمل البروفسور بول ر. فرومر على اختراع لغة نافي Navi المستخدمة في فيلم Avatar وطورها على مدى عدة سنوات، فعند عرض الفيلم عام 2009 احتوت اللغة على ما يقارب 1000 كلمة، وتابع البروفيسور العمل عليها وتضاعف عدد كلماتها منذ ذلك الحين، كما يمكن متابعة التحديثات والإضافات الجديدة عليها عبر مدونة المؤلف الخاصة.(2)
وبعيداً عن الأفلام والمسلسلات التلفزيونية وإيجادِ لغات جديدة لأهداف فنية، فإن فكرة اختراع لغة جديدة لتسهيل التواصل بين الأفراد ليست أمرًا غريبًا، فلغة إسبرانتو Esperanto تُعدُّ المثال الأكثر تداولًا. أُوجدت هذه اللغة المحكية بهدف تجاوز حواجز التواصل كافة، فهي لغةٌ سهلةُ التعلم؛ إذ إن قواعدَها لا تحتوي على أي استثناءات، وعلى الرغم من أنها لا تُعدُّ ناجحة تمامًا يتحدث بها بعض الأشخاص في نحو 120 بلدًا.(1)
يتطلب اختراعُ لغة جديدة خيالًا واسعًا بالإضافة إلى الدقة الكبيرة في العمل؛ إذ يجب اختراعُ أبجدية جديدة مع طريقةٍ لغويةٍ للّفظ، كما يجب وضع قواعد النحو والمفردات اللغوية، بالإضافة إلى الأمر الأهم وهو إيجاد أشخاص آخرين للتحدث معهم باللغة الجديدة.(1)
الآن وبعد معرفة مقدار الجهد والإبداع اللازمَين لابتكار هذه اللغات، لا يسعنا، عزيزي القارئ، سوى أن نتساءل لِمَ لا نُقدِم على تعلم هذه اللغات الجديدة والتحدث بها؟ ولِمَ لا نخترع نحن لغاتٍ جديدة؟(1)
المصدر:
(1) هنا
(2) هنا