اكتشاف مجرة صغيرة مجاورة قد تعكس محتوياتها حالة الكون بُعيد الانفجار الكبير
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
الفيزيائيان هما جزءٌ من فريقِ بحثٍ دولي اكتَشَفَ مجرّة Leo P, وهي مجرةٌ صغيرةٌ في كوكبةِ الأسد تحتوي على عدد قليلٍ نسبياً من النجوم, و لكنها تمتلك غيوما كبيرة من الهيدروجين و الهيليوم. نسبة العناصر في هذه الغيوم لها اهميةٌ كبيرة, لأنها من الممكن أن تعكس الأوضاع التي كانت سائدة في الكون خلال الدقائق الأولى بعد الانفجار العظيم.
تصف نظرية الإنفجار العظيم كيفيّة تشكل ذرات الهيدروجين في المراحل الأولى من عمر الكون، واندماج بعض هذه الذرات لتشكّل أوّل ذرات الهيليوم في الكون. لكن انخفاض حرارة الكون أوقف هذه العمليات بعد خمس دقائق فقط, تاركاً كمياتٍ هائلةٍ من الهيليوم و الهيدروجين.
تُعَدُّ الوفرةُ الأصلية للهيليوم مقارنةً مع وفرةِ الهيدروجين واحدةً من المقاييسِ القليلةِ التي تتقصّى حالة الكون في مراحله الاولى بشكل مباشر، فالفترة التي كانت فيها حرارة الكون ملائمة لكي تندمج ذرات الهيدروجين و تشكل الهيليوم هي فترةٌ قصيرةٌ جداً كما يشرح مكوين. فإذا كانت وفرةُ الهيليوم بعدَ هذه الفترة القصيرة قابلة للقياس و مطابقة لتوقعات النظرية فإن هذا يدعم النظرية.
على أي حال فإنَّ هذه "البِركة" من الهيليوم و الهيدروجين النقيَّين كانت قد لُوثت بعد الإنفجار العظيم بملايين السنين، وذلك حينما ظهر أول النجوم وفعل ما تفعله سائر النجوم:حرق الهيدروجين و الهيليوم وحولها بذلك الى عناصر أثقل.
و لكن المجرات الصغيرة, كمجرة Leo P, هي مجرات غير فعالة في تشكيل النجوم, لذا تلوثت بأقل قدر ممكن من العناصر الثقيلة فكانت بذلك نماذجاً مثالية ونادرة من برك الهيدروجين والهيليوم.
كريستين مكوين وإيفان سكيلمان مع مجموعة من زملائهم قاسوا وفرة الهيليوم في المجرة Leo P, فوجدوا ذرة هيليوم مقابل كل 12 ذرة هيدروجين, وهي نسبة متفقة بشكل جيد مع النظرية.
توفر دراسة الهيليوم و العناصر الأُخرى في النجوم و المجرات معرفةً أساسية بالعمليات النووية و تساعدنا على فهم أصل ومنشأ العناصر، كما أنها تكشف كيفية عمل قوانين الفيزياء، إنها الركيزة الأساسية لكل التقنيات الحديثة.
على الرغم من الدراسات الإستقصائية التي تدرس ملايين المجرات، هناك القليل فقط من المجرات التي تملك خواصا تشبه خواص المجرة Leo P, وقد تم اكتشافها بمعدل واحدة كل عشر سنوات.
تُصنَّف المجرة Leo P ضمن المجرات القزمة فمحورها الطولي يبلغ فقط 3900 سنة ضوئية, أي ما يقارب 4% من قطر درب التبانة، فإذا تخيلنا أنَّ درب التبانة بحجم كرة طائرة فإن Leo P هي مجرد حبة بازلاء, لذا فليس من الغريب أنه لم يتم الكشف عنها سابقا.
كما وجد الباحثون أن بُعد Leo P عنا يبلغ تقريبا 5.7 مليون سنة ضوئية، أي فقط ثلاثة اضعاف بُعد أقرب جار لنا وهي مجرة المرأة المسلسلة-اندروميندا Andromeda التي يمكن أن ترى جنوب قرص مجرتنا،بينما تقع Leo P شمال قرص درب التبانة. قريباً سيكون لدينا صور افضل لجارتنا الصغيرة التي يقوم فريق البحث برصدها بواسطة تلسكوب هابل. من يدري خلال دراستهم لبقايا الانفجار العظيم ما سيتكشف لهم من أسرار.
المصدر: هنا
الصورة: صورة للمجرة Leo A أحد المجرات التي يمكن رؤيتها أيضا في كوكبة الأسد.
حقوق الصورة: en:NASA، en:STScI، en:WikiSky