لماذا يجب أن يكون علم اللغة متعدد التخصصات؟
التعليم واللغات >>>> اللغويات
أهم فروع علم اللغة
يهتم علم اللغويات بطبيعة اللغة والتواصل ويتفق مع كلٍّ من دراسة لغة معينة والبحث عن الأولويات العامة والشائعة لكل اللغات أو مجموعة كبيرة من اللغات، ويتضمن علم اللغويات الفروع الآتية:
1) الصوتيات: دراسة كيفية إنتاج أصوات الخطاب وسماعها.
2) الصرف: دراسة بنية الكلمة.
3) النحو: دراسة بنية الجملة.
4) دراسة معاني الألفاظ والعبارات والتراكيب اللغوية.
5) استعمال اللغة في سياق ما.
ويتضمن أيضًا الاستكشافاتِ في طبيعة تنوع اللغة مثل اللهجات المحلية وتغيُّر اللغة عبر الزمن، وكيفية معالجة اللغة وتخزينها في الدماغ، وكيفية اكتساب الأطفال للُّغة. في مقالنا هذا سنركز على فروع أخرى وجديدة لعلم اللغويات ظهرت حديثًا لتواكب التغييرات الجديدة والحاجة إلى هذا العلم في الاختصاصات ومجالات الحياة المختلفة.
1) علم النفس اللغوي: هو دراسة العوامل النفسية والعصبية التي تمكِّن الإنسان من اكتساب اللغة واستخدامها وفهمها. كانت بداياتُ علم اللغة النفسي اللغوي مغامراتٍ فلسفيةً ويعود ذلك إلى النقص في البيانات المنسجمة بخصوص السؤال الآتي: كيف يعمل الدماغ؟
يستفيد البحث الجديد من العلوم الطبيعية وعلم الأعصاب والعلوم المعرفية لدراسة كيفية معالجة اللغة في الدماغ، ويغطي علمُ النفس اللغوي العملياتِ المعرفيةَ التي تجعل من الممكن تفعيلَ الجملة ذات المعنى أو القواعديةَ بعيدًا عن المفردات والبنى القواعدية وأيضًا تفعيلَ العملياتِ التي تمكِّن من فهم الكلام والكلمات والنص...إلخ. يَدرُسُ علم النفس اللغوي التطوري قدرةَ الأطفال على تعلم اللغة عادة من خلال طرق تجريبية أو على الأقل من خلال طرق كمية (على عكس الملاحظات الطبيعية مثل ملاحظات (جان بياجيه) في بحثه الذي تناول التطور المعرفي عند الاطفال)، وعلم النفس اللغوي هو علم متعدد التخصصات بطبيعته ويُدرِّسه أناسٌ متعددو الاختصاصات مثل علم النفس والعلوم المعرفية واللغويات، كما توجد عدة أقسام ضمن علم النفس اللغوي تتمركز حول العناصر التي تُشكِّل اللغةَ البشرية.
2) علم اللغة التطبيقي: يشير مصطلح "اللغويات التطبيقية" إلى نطاق واسع من النشاطات التي تتضمن حلَّ بعض مشاكل اللغة أو مناقشةَ بعض اهتمامات اللغة، ويبدو كما لو أن علمَ اللغة التطبيقي قد اعتُرف رسميًا به على الأقل في أمريكا الشمالية بصفته منهجًا مستقلًا في جامعة ميشيغان عام 1946، فقد استُخدم المصطلح حينها في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى للإشارة إلى تطبيق ما يسمى "المنهج العلمي" لتعليم اللغات الأجنبية بما في ذلك اللغة الإنكليزية للمتحدثين غير الأصليين. تحسنت جودةُ تعليم اللغات الأجنبية من خلال الأعمال الأولية للبروفسور تشارلز فرايز (من جامعة ميشيغان) والبروفسور روبرت لا دو (من جامعة ميشيغان ثم انتقل إلى جامعة جورج تاون)؛ إذ ساعدت هذه الأعمال في وضع تعريف لهذا الاختصاص في عام 1948 في منشور صحيفة "تعلُّم اللغة" الفصلية التي تتناول علم اللغة التطبيقي وكانت تصدر أواخر الخمسينات ومطلع الستينات، ثم توسع استخدامُ المصطلح تدريجيًا ليتضمن ما أشير إليه حينها بـ"الترجمة الآلية"، وفي عام 1946 بعد سنتين من العمل التمهيدي الممول من قبل مجلس أورُبَّا أُسست الجمعيةُ العالمية لعلم اللغة التطبيقي the Association Internationale de Linguistique Appliquée) AILA) وعقدت اجتماعها الأول في مدينة نانسي الفرنسية، وتضمنت ملفات الاجتماع نقاش فكرتين: تعليم اللغات الأجنبية والترجمة الآلية.
علم اللغة التطبيقى اليوم:
على مدى السنوات توسعت بؤرة الاهتمام؛ إذ يصف مجلس إدارة AILA اليوم علمَ اللغة التطبيقي بأنه أداةٌ تساعدُ في حل مشاكلَ محددةٍ في المجتمع، ويركز علمُ اللغة التطبيقي على أجزاءٍ واسعةٍ ومعقدةٍ في المجتمع حيث تؤدي اللغة دورًا، ويبدو أن هناك إجماعًا على أن الهدف هو تطبيقُ النتائج والتقنيات الصادرة عن الأبحاث في اللغويات والاختصاصات المتعلقة بها من أجل حل مشاكل عملية، ويرى مراقبون أن التغيُّرَ الأبرزَ في علم اللغة التطبيقي هو نموُّه السريع بصفته فرعًا متعدد التخصصات، بالإضافة إلى تعليم اللغات الأجنبية والترجمة الآلية. يُعدُّ التجريب الجزئي للقضايا محوريًا بالنسبة إلى علم اللغة التطبيقي اليوم متضمنًا موضوعات وأفكارًا مثل اللغة من أجل أهداف خاصة كاللغة ومشكلات التواصل المتعلقة بالطيران، واضطرابات اللغة، والقانون، والطب، والعلوم وسياسة اللغة والتخطيط واللغة ومشكلات القراءة والكتابة. على سبيل المثال، بعد تبني اللغة الإنكليزية لغةَ العمل لجميع اتصالات الطيران الدولية من قِبل منظمة الطيران الدولية ICAO اهتم بعض اللغويين بفهم أنواع المشكلات اللغوية التي تحدث عندما يتواصل طيارون ومهندسو طيران من خلفيات متنوعة باستخدام لغةٍ غير لغاتهم الأم وكيفية تدريبهم تدريبًا أفضل ليتواصلوا باللغة الإنكليزية بفعالية أكبر، كما اهتم علماءُ لغة أخرون بتطوير برامجَ أكثر فعاليةً لمساعدة البالغين الآتين حديثًا إلى الولايات المتحدة أو دول أخرى، ويملك الكثير منهم مستوى تعليميًا محدودًا ويطورون مهارةَ القراءة والكتابة في اللغات التي يحتاجونها من أجل الحياة أو من أجل أهداف مهنية. بالإضافة إلى المنظمة الدولية AILA يوجد أيضًا جمعياتٌ وطنيةٌ كبرى مختصة بعلم اللغة التطبيقي مثل الجمعية الاميركية لعلم اللغة التطبيقي AAAL والجمعية البريطانية لعلم اللغة التطبيقي BAAL.
3) علم اللغة التاريخي: يستكشف هذا العلمُ نواحيَ مختلفةً من تغيُّر اللغة، ومن أكثر المجالات اللغوية التاريخية شعبية وخضوعاً للدراسة:
1- دراسة تاريخ الكلمة ومعانيها (دراسة تركيب الكلمات وأصلها).
2- تحليلُ مجموعاتِ الخطاب المتعددة ووصفُها.
3- تعقُّب تاريخ اللغة، ويتضمن ذلك اللغة السنسكريتية واللاتينية والإنكليزية القديمة ولغاتٍ حديثة كالألمانية والإيطالية واليابانية، كما تتضمن هذه العملية أيضًا تجميعَ اللغات في فئاتٍ أو أُسرٍ تبعًا لدرجة تشابهها بين بعضها بعضاً.
4- وصفُ وتحليلُ أي تغيُّرات حدثت بين اللغات أو ضمن اللغة نفسها؛ إذ قد تحدث التغييرات في أي مجالٍ من مجالات اللغة كالصوتيات والنحو والصرف والإملاء.
5- تشكيل إطارٍ للنظريات التي قد تفسِّر كيفيةَ تغيُّر اللغات والأسباب وراء هذه التغيرات.
حقول فرعية:
تهتمُ دراسةُ اللغويات التاريخية كما هو واضح بالكثير من المواضيع المختلفة، ولهذا السبب فإنها تشتمل على حقول فرعية مختلفة:
1- فقه اللغة التاريخي والمقارن أو (اللغويات المقارنة): يهتم بمقارنة المزايا اللغوية من أجل تحديد مدى ارتباط اللغات.
2- دراسة أصول الكلمة ومعانيها: يهتم بدراسة تاريخ الكلمة، وربما تتضمن هذه العملية الجواب عن الاسئلة التالية: لماذا تدخل كلمة معينة إلى لغة ما؟ من أين يأتي جذر تلك الكلمة؟ كيف تغيرت قيمتها الإملائية والصوتية ومعناها عبر الزمن؟
3- علم اللهجات: يهتم بالدراسة التاريخية للهجات المحلية، والمزايا التي هي عادة موضوع نقاش هي الاختلافات القواعدية بين لهجتين محليتين والتغيُّرات الصوتية ضمن لهجةٍ محلية عبر الزمن.
4- علم الأصوات: يهتم بدراسة النظام الصوتي الذي يوجد (أو وجد) في لغة محددة، ويمكن أن تكون الدراسات في علم الأصوات ذات أهمية للمنهجيات المقارِنة لدراسات اللغة بين مُددٍ زمنية ولهجات محلية ولغات مختلفة.
5- علم الصرف: يهتم بكيفية تطور وسائل التعبير الخاصة بلغة ما عبر الزمن، وعادة ما يركِّزُ على النظام الصرفي والبنى القواعدية وترتيب الكلمات.
4) اللغويات الحاسوبية: تتضمن اللغويات الحاسوبية دراسةَ الطرق التي تعالِج فيها الآلة اللغةَ الطبيعية أو -بتعبير أخر- دراسةَ نماذجٍ لغوية أو إنشاءها لمحاولة الوصول إلى أهدافٍ مثل الترجمة الآلية الدقيقة أو محاكاة الذكاء الصنعي. كما تعمل اللغوياتُ الحاسوبية على دراسة طبيعة لغة ما وصرفِها ونحوِها واستخدامِها الحيوي والتوصل إلى أية نماذج ممكنة ومفيدة من هذه الدراسة لمساعدة الآلات في التعامل مع اللغة، ويشيرُ الخبراءُ إلى أن النماذجَ المتطورة للُّغويات الحاسوبية أصعبُ بكثير من الاستخدامات التي طُبِّقت على الحواسيب أول مرة، والتي تتمثل على نحو أساسي بمعالجة البيانات الكمية.
تتضمن التطبيقاتُ العملية للُّغويات الحاسوبية برمجةَ تحويل النص إلى كلام والتي تحاول فهمَ ماذا سيقول شخص ما لكي تترجمه إلى نص رقمي، وتوجد نماذجُ متنوعةٌ سمحت باستخدام الآلات لاستيعاب كيفية اكتساب اللغة، ولكن الهدفَ النهائي المتمثلَ بتمكينِ الآلات من محاكاة الاستجاباتِ اللغوية البشرية المنسجمة مع تفكيرٍ عالي المستوى ما يزال قيد التطوير ومن ثمَّ ما يزال هناك مجال لتحسينه. تقول إحدى النظريات إن الآلاتِ سوف تكتسب أخيرًا القدرةَ على محاكاة حوار بشري حقيقي ومعها ستصبح عمومًا أكثرَ ذكاء من خلال النماذج التوجيهية والعمليات الأخرى التي لا تقف عند مجرد تجميع البيانات وإجراء الحسابات الكمية عليها.
5) اللغويات الاجتماعية: تهتم اللغوياتُ الاجتماعية بكيفية تأثُّر اللغة بالعوامل الاجتماعية مثل الجنس أو العرق أو العمر أو الطبقة الاجتماعية، ويُعرِّف (كالماس) اللغويات الاجتماعية بأنها دراسةُ الخيار ومهمتُها الأساسية كشفُ الخياراتِ المحفَّزة اجتماعيًا التي يتخذها الفرد ووصفُها وتفسيرُها. وتهتم اللغوياتُ الاجتماعية بكيفية تكلمنا بطريقة مختلفة في مقاماتٍ اجتماعيةٍ متنوعة وكيفية استخدامنا أيضًا لوظائفَ محددةٍ في اللغة لنقل المعنى الاجتماعي أو سمةٍ من سمات هُويتنا، كما تُعلِّمُنا اللغويات الاجتماعية عن مواقفَ وحالاتٍ اجتماعية حقيقية.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا