الكائناتُ الحيّة الدقيقة.. بطاريّات المستقبل
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> الطاقات المتجددة
وكذلك دفعَ التلوُّث الهائل والخوف من نفاذ هذه المصادر في وقتٍ قريب - دون وجود بدائلَ أُخرى كافية تسدُّ حاجتنا الكبيرة إليها - العلماءَ إلى البحث عن مصادر طاقةٍ جديدة بديلة، فانتشرت استخدامات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها..
وسنستعرض في هذا المقال إحدى الدراسات عن طاقة بديلة جديدة وإمكانية استخدامها فتابعوا معنا.
شجَّعُ تزايد التلوُّث وانخفاض مصادر الطاقة الأحفورية العلماءَ على البحث عن مصادر طاقة بديلة جديدة نظيفة ومستدامة؛ إذ نجد في السنوات العشرين الماضية أنَّ قرابة 75% من الانبعاثات الناجمة عن النشاطات البشرية قد نتجت من حرق الوقود الأحفوريّ.
تمتاز خلايا الوقود الميكروبية (MFC: microbial fuel cells) بإمكانيَّات استخدام واسعة وتُعدُّ إحدى مصادر الطاقة الأكثر نظافة، وتُزوَّد خلايا (MFC) بالطاقة عن طريق كائنات حيَّة مجهرية ذات ميزات نظيفة ومستدامة؛ إذ تستطيع هذه الكائناتُ إنتاج الكهرباء من مجموعة واسعة من الركائز العضويَّة في الظروف الطبيعية.
يُعدُّ إنتاج الوقود الميكروبيِّ التقنيةَ الوحيدة التي تُولَّد فيها الكهرباء من أكسدة المركَّبات العضوية في درجة حرارة الوسط. وبعبارةٍ أُخرى؛ لا حاجة إلى حرق أيّ شيء، وكذلك فالعملية لا تعتمد على ضوء الشمس.
ويمكن القول أنَّ تقنية (MFC) فريدةٌ من نوعها بفضل تطبيقاتها متعدِّدة الوظائف، فعلى سبيل المثال:
يمكننا استخدام مياه الصرف والحمأة* المتجمِّعة في محطَّات معالجة مياه الصرف كطعام للبكتيريا (كركيزة عضويَّة)، وبذلك فإنَّ إدخال خلايا (MFC) في نظام معالجة مياه الصرف الصحِّيِّ سيقلِّلُ استخدامَ الطاقة الكهربائية تقليلاً ملحوظاً، وسيحوِّلُ المحطَّةَ إلى نظامٍ بيئيٍّ مغلق.
وعلى الرغم من طرح فكرة توليد الكهرباء عن طريق الكائنات الحيَّة المجهرية لأوِّل مرَّة عام 1911؛ لكنْ بدأ نشاطُ الأبحاث المرتبطة بهذا المجال في القرن الحادي والعشرين.
تعملُ مجموعاتٌ كثيرة من الباحثين حول العالم بتقنية (MFC) في محاولاتٍ لتحسين فعاليَّة هذه الخلايا، فقد اختبر باحثو (KTU: Kaunas University of Technology) جودة أقطاب هذه الخلايا وتوافقها البيولوجيّ؛ إذ تعتمد فعاليَّتها كثيراً عليهم.
وفي إطار عمل مشروع البحث "خلايا الدعم الميكروبية المُبتكرة لإنتاجٍ مستمرٍّ من الكهرباء" طوَّر باحثو (KTU) نموذجاً أوَّليَّاً من (MFC) يستخدم لباداً** غرافيتيَّاً مُعدَّلاً كقطب، وقد سمح تعديل القطب بزيادة التيَّار الكهربائيِّ الناتج عن الخلايا؛ إذ إنَّ التيَّار الكهربائيَّ الناتج عن الخلايا المُعدَّلة أعلى بـ 20% من التيَّار الناتج عن خلايا (MFC) ذات الأقطاب العاديّة.
وعلى الرغم من أنَّ هذه التقنية لن تحلَّ محلَّ مصادر أُخرى من الطاقة المتجددة، لكنَّها مفيدة في محطَّات معالجة مياه الصرف الصغيرة أو في المناطق البعيدة حيث يكون مخزون الطاقة الكهربائية محدوداً.
تعدُّ هذه التقنية مبشِّرة في مجال توليد الكهرباء، فهل ستلقى الانتباه والاهتمام الكافِيَين لتطويرها وتطبيقها؟ وهل ستصبح إحدى المصادر الأساسية لتوليد الكهرباء في الدول النامية في المستقبل؟
هامش:
*الحمأة: هي إحدى نواتج عملية معالجة مياه الصرف الصحِّيّ، وتتكوَّن من موادَّ عضوية وغير عضوية إضافة إلى تراكيز عالية من المغذٍّيات وتراكيز قليلة جدَّاً من المعادن الثقيلة وبعض المركّبات الكيميائية العضوية وبعض مسبّبات الأمراض.
**اللُّبَاد: هو نوع من النسيج المُصنَّع بتطبيق حرارة ورطوبة عليه ويمتازُ بمرونته العالية، وقد تكون ألياف هذا النسيج مصنوعة من موادَّ طبيعية مثل الصوف أو الفرو، أو من موادَّ صناعية مثل الـ acrylonitrile أو الأكريليك ذو الأساس النفطيّ وغيرها.
المصادر:
هنا
هنا