الكروس-أوڤر الكلاسيكي: تحديث الموسيقا الكلاسيكية
الموسيقا >>>> متفرقات
اكتسبت بعض الأعمال الكلاسيكية عبر التاريخ شعبية كبيرة بين محبي موسيقا البوب؛ لتحقق بذلك مكانةً عبورية. من أهم تلك المقطوعات الكلاسيكية: السيمفونية الثالثة لهينريك غوريكي، وCanon in D ليوهان باشيلبيل، والجزء الرئيسي لكونشيرتو موزارت البيانو No. 21 K. 467 بعد استخدامها في الفيلم Elvira Madigan عام 1967. تطور لاحقًا مفهوم الكروس-أوڤر الكلاسيكي ليشمل التعاون المشترك بين فناني البوب والموسيقيين الكلاسيكيين، وتشمل بعض الأمثلة ألبوم Concerto for Group and Orchestra لفرقة الروك البريطانية ديب بيربل عام 1969، وألبوم S&M لفرقة الميتال الأمريكية ميتاليكا عام 1999، وألبوم Songs from the Labyrinth من أداء الفنان البريطاني ستينغ والعازف البوسني إدين كارامازوڤ عام 2006.
أكثر فناني الكروس-أوڤر الكلاسيكي الغنائي شعبيةً هو التينور ونجم السينما الأمريكي ماريو لانزا الذي اشتُهر في عقد الخمسينيات، ولفت بصوته المميز انتباه الكثير من المستمعين. أحد أبرز مشاركاته الموسيقية هي أغنية Be My Love من فيلمه الثاني The Toast of New Orleans، إذ إن الأغنية حازت على المرتبة الأولى في قوائم بيلبورد في شباط عام 1951، وبِيع أكثر من مليوني نسخة منها، وحتى يومنا هذا لم يقدر أي فنان كلاسيكي على تحقيق إنجاز مماثل. ومع ذلك فإن بداية الكروس-أوڤر الحقيقية تُنسب في الواقع إلى مغني الأوبرا الشهيرِين: الإيطالي لوتشيانو باڤاروتي والإسبانيَين خوسيه كاريراس وبالاسيدو دومينغو. وفي بداية التسعينيات قدم هؤلاء المغنون الثلاثة الأوائل معاً خلال جولاتهم الغنائية مزيجاً من الأغاني الأوبرالية والشعبية لأفواج من الجماهير؛ ممَّا أدى لإنتاجهم ألبومات موسيقية حققت نجاحاً باهرا.
تحددت هوية الكروس-أوڤر الكلاسيكي على نحوٍ أوضح مع بداية القرن الحالي نظراً للنجاحات التجارية لفنانين مثل يو-يو ما وجوش غروبان. وقد جلب هذا النوع من الموسيقيين بعداً جديداً للموسيقا الكلاسيكية عبر صبِّ عناصر من موسيقا البوب والروك مع تأثيرات مثل الهتافات الأفريقية، وأغاني الصيد الإسكندناڤية، وألحان موسيقا الفولك الأبالاشية. يشكل فريق إل-ديڤو مثالاً آخر لنجاح الكروس-أوڤر الكلاسيكي في عصرنا الحالي؛ ويعود ذلك لقوة أسلوب غنائهم الأوبرالي الخاص لأغاني البوب. من الملفت أن الألبوم الأول للفريق باع ما يقارب خمسة ملايين نسخة حول العالم، بينما يقدم بعض المغنين الآخرين نسخاً معدلة من الأعمال الكلاسيكية مثل السوبرانو الإنكليزية سارة برايتمان، والسوبرانو الويلزية شارلوت تشيرتش والتينور العصامي الإيطالي أندريا بوتشيللي. وساهم بذلك كل هؤلاء الفنانين الشهيرين بتحويل نمط الكروس-أوڤر الكلاسيكي إلى نوع موسيقي مستقل ذي شعبية مميزة خاصة به.
وتستقطب اليوم موسيقا الكروس-أوڤر الكلاسيكي شريحة أكبر من الجماهير، على الرغم من أن الأصوليين ينتقدونها بأنها نسخة مخففة من الموسيقا الكلاسيكية الحقيقية. ومع ذلك، أدى تزايد شعبية هذا النوع إلى زيادة اهتمام الأجيال الشابة بالموسيقا الكلاسيكية بما فيه الكفاية لتلقي دروس عزف الكمان أو حتى دروساً في غناء الأوبرا. وكان هذا أيضاً أحد نتائج التسويق اللامع والمثير لأغلب الفنانين الناجحين في مجال الكروس-أوڤر الكلاسيكي الذي حولهم إلى نجوم في الموسيقا الحديثة. على الرغم من أن الكروس-أوڤر الكلاسيكي أصبح موجوداً لسنوات عديدة، لكنه قد عُرِّفَ مؤخراً بأنه أكثر من مجرد عبور في بعض الأحيان، ويكرس المؤدون في هذا النوع وقتاً ممتعاً لإنشاء موسيقا تتميز بشخصية مميزة على الرغم من أنها مستوحاة من بعض جوانب الموسيقا الكلاسيكية.
إن قوة هذا النوع تكمن في حريته في التعبير الفني. يتخذ العديد من فناني الكروس-أوڤر الكلاسيكي أسلوباً تقليدياً لتغطية المعايير المحبوبة عند الجمهور، بينما يختار آخرون أساليبَ مبتكرةً أو ينتجون موسيقا أصلية تماماً. لا توجد قيود على ذخيرة فنان الكروس-أوڤر الكلاسيكي، إذ يمكن القول إنه يمكن إضافة طابع الكروس-أوڤر الكلاسيكي إلى أي أغنية على الإطلاق. فنانو هذا النمط هم بمثابة سفراء للموسيقا الكلاسيكية التقليدية، يقدمون للمستمع جمال الآلات الموسيقية والتقاليد الموسيقية. وهم يجعلون الموسيقا الكلاسيكية أكثر إثارة وسهولة لآذان الجماهير؛ حتى يتمكنوا حقًا من تقدير صوت الموسيقا في حياتهم.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا