محلول سكري فموي؛ أملٌ جديد في علاج السرطان
الكيمياء والصيدلة >>>> علاجات صيدلانية جديدة
تعتمدُ الخلايا السرطانية في نموّها وتطورها اعتمادًا كبيرًا على سكر الغلوكوز، وهو أمر يحاول العلماء جاهدين استهدافه بأبحاثهم، لكن وفقًا لدراسة حديثة فقد يكون لمقولة الشاعر أبي نواس "وداوني بالتي كانت هي الداء" تمثّلٌ آخر، فهل يعقل أن يُعالج السرطان بأحد المحاليل السكرية فقط؟!
تستهلك النسج الورمية كمّياتٍ أكبر من سكر الغلوكوز مقارنةً بالأنسجة السليمة المحيطة، علمًا أنّه من غير الممكن التحكم بكمية الغلوكوز في جسم الكائن الحي عن طريق الحمية فقط. ومن جهة أخرى؛ يُحتمل أن يؤدي المانوز -وهو سكر أحادي يُستخدم بصفته متمماً غذائيًّا وعلاجًا لإنتانات السبيل البولي على المدى القصير- دوراً في محاربة الأورام الخبيثة. إذ أجرى معهد الأبحاث السرطانية في المملكة المتحدة مؤخرًا بحثًا جديدًا بقيادة البروفيسور Kevin Ryan عن سكر المانوز واستخدامه متممًّا غذائيًّا وعلاقته في خلل نمو الأورام الخبيثة. وكشف الباحثون أنَّ المانوز يتداخل مع الغلوكوز ويؤدّي إلى تقليل كمية السكر التي تستهلكها الخلايا الورمية (يُنقل المانوز إلى داخل الخلية بنواقل الغلوكوز نفسها) لذا يتأخّرُ نموُّها. وبذلك؛ فإنّ التحكُّمَ بكميات الغلوكوز التي تستهلكها الخلايا السرطانية عن طريق استخدام المانوز يفتح آفاقًا علاجية جديدة.
ماذا فعل فريق البحث للتوصُّل إلى هذه النتائج؟
في بداية البحث؛ دُرِست استجابةُ الفئران المصابة بأحد أنواع السرطانات الآتية: سرطان البنكرياس أو الرئتين أو البشرة، وذلك بعد إضافة المانوز إلى ماء شربِ تلك الفئران، فوجد الباحثون أنّ إضافة سكر المانوز قد أبطأت نموَّ الأورام السرطانية الخبيثة على نحو مذهل دون أن تُسجَّل أيُّ أعراض جانبية.
ولكن؛ ماذا عن إعطاء محلول المانوز الفموي بالمشاركة مع العلاجات الكيميائية الأخرى؟
لاختبار كفاءة تأثير المانوز في علاج السرطان؛ عولجت الفئران بـ cisplatin وdoxorubicin، اثنان من أكثر العلاجات الكيميائية المُستخدَمة انتشارًا، وقد لاحظَ الباحثون أنَّ المانوز يحسّن تأثيرات العلاج الكيميائي عن طريق إبطاء نمو الورم وتقليل حجمه، حتى إنّه أطال حياةَ بعض الفئران.
وأُجري الاختبار على أنواع أخرى من الأورام أيضًا؛ مثلَ سرطان الدم وسرطان العظام وسرطان المبيض والأمعاء، فقد أُنشِئَت مزارع خلوية من خلايا هذه الأورام وعولِجت بـالمانوز فوجد العلماء اختلافًا في الاستجابة؛ إذ استجابت بعض الخلايا جيّدًا على عكس الخلايا الأخرى، فكيف فُسِّر ذلك؟
تعتمد حساسية الخلايا تجاه المانوز على مستويات أنزيم فوسفومانوز ايزوميراز (phosphomannose isomerase (PMI)، وهو الأنزيم المسؤول عن تدرُّك المانوز في الجسم. وقد لاحظ العلماء أن المحتوى العالي من هذا الأنزيم في بعض الخلايا كان سببًا في مقاومتها، في حين كانت الخلايا ذات المستوى المنخفض منه حساسة جيّدًا، ولهذا يمكن استخدام قيم هذا الأنزيم مؤشرًا على مدى قابلية الاستفادة من العلاج مستقبلًا.
تُعدّ هذه الدراسة المخبرية الخطوةَ الأولى لفهم استخدام المانوز مساعدًا في علاج السرطان، ويحظى اختبار هذه الدراسة على الإنسان باهتمام الباحثين في المرحلة المقبلة، فلا يمكن اعتماد النتائج المخبرية في الزجاج سريريًّا على الرغم من كونها واعدةً في مستقبل بعض علاجات السرطان.
وأخيراً؛ يوصي الباحثون بعدم الاجتهاد في وصف المانوز لأنّه قد يحتوي آثارًا جانبية سلبية خطيرة لم تُكتشَف بعد، ومن المهمّ مناقشةُ الطبيب قبل تغيير الحمية أو تناول متممات غذائية جديدة.
ومن واجبنا باسم (الباحثون السوريون) التنبيه لعدم إضافة أيَّ متمم إلى غذائك اليومي أو استعمال أي علاج دون استشارة طبيب.
المصادر:
1- هنا
2- هنا