أول دواء إسكات جيني سيبصر النور.
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة جينية
تحققت أخيرًا الوعودُ الطبية للاكتشاف الحائز جائزةَ نوبل؛ وهي إمكانيةُ جزيئات الرنا RNA مزدوجة الشريط الصغيرة إسكات الجينات silence genes عبر قطع تعليمات الترجمة الصادرة عن الدنا DNA لإنتاج البروتينات.
فقد وافقت منظمة الصحة والدواء الأمريكية على Patisiran، وهو أوّلُ دواء يستغلّ هذه العملية البيولوجية الطبيعية؛ وهي تداخل الحمض النووي الريبوزي RNA interference، لعلاج مرضٍ وراثي نادر يُدعى "الداء النشواني ترانستيريتين Transthyretin Amyloidosis أو ATTR" الذي يسبب ترسُّبَ بروتينات مشوَّهة في الأعصاب والأنسجة والأعضاء، مسببًا فقدان الإحساس وفشل الأعضاء أو حتى الوفاة.
يَستخدم هذا الدواء قِطَعًا من الرنا مصممةً خصّيصًا لإسكات الجين المتحوّر mutated gene المسؤول عن ظهور الأعراض لدى المريض عندما يُنشَّط في الكبد؛ إذ تحسنت على نحو طفيف -في التجربة السريرية- أعراضُ المرضى الذين تلقوا حقن Patisiran كلَّ ثلاثة أسابيع، وساءت حالة المرضى الذين تلقوا الدواء الوهمي Placebo، ولا يُعدّ هذا الدواء علاجًا؛ إنّما وسيلةٌ لتخفيف الأعراض ومنع تطور المرض، فالطفرة الجنينية مازالت موجودة.
يستخدم Patisiran والعلاجات الأخرى -التي تُطوَّر بالاعتماد على تداخل الحمض النووي الريبي (RNAi)- قصاصاتٍ مصنعةً خصيصًا من الحمض النووي الريبوزي الصناعي synthetic RNA لمعالجة نشاط الجينات صناعيًّا.
إنّ تداخلَ الحمض النووي الريبوزي عملية خلوية طبيعية، فعندما يُنشَّط الجين تُنقَل المعلومات إلى الرنا الرسول messenger RNA أحادي الشريط (mRNA) الذي بدوره يترجم معلومات الحمض النووي لإنتاج البروتينات، ويمكن لقطع صغيرة من الحمض النووي الريبوزي مزدوج الشريط التي لا تحمل تعليمات صنعُ البروتين أن تستهدف جزيئاتٍ معينة في الرنا الرسول وترتبط بها فتميّزها لتُدمَّر هذه الجزيئاتُ؛ أي تُستبعَد قبل صنع البروتينات، علمًا أنه في الكائنات الحية ابتداءً من النباتات والديدان وصولًا إلى البشر، تساعد هذه العملية على التحكم بتوقيت الجينات النشطة ومكانها.
وقد استغرق الأمر عدة عقود لاكتشاف الطريقة المناسبة لإيصال هذا النوع من الأدوية إلى المكان المحدد في الجسم للحد من الآثار الجانبية الضارة وتصميم جزيئات RNA اصطناعية لا تتحلل قبل تأدية عملها. وبمجرد اكتشاف الطريقة المناسبة لإيصال القطعة الصغيرة من الحمض النووي الريبوزي RNA بأمان إلى العضو المستهدف، فسيصبح من السهل تبديل جزيء الرنا لاستهداف جين مختلف في العضو نفسه. يُتوقَع أن تتوافر قريبًا مجموعة من العقاقير المشابهة التي تعتمد على الـ RNAi، وعلى وجه الخصوص تلك التي تستهدف جينات الكبد مثل Patisiran.
المصدر:
هنا