لماذا نحلم؟!
منوعات علمية >>>> ما بين العلم والخيال
استيقظت البارحة متعرقاً، لقد راودني حلمٌ غريب:
" كان والدي يقود سيارته بنا إلى جسر بعيد، يقع أعلى نهر… "
سرعان ما تذكَّرت صديقتي المنجذبة لأمور تفسير الأحلام والفلك والأبراج، وعندما قصصت عليها حلمي أخبرتني أنَّني أخاف من الغرق، لكني شعرت أنَّها إجابةٌ عامةٌ جدًا. ومن الذي لا يخاف من الغرق؟!
لذلك بدأتُ أتساءَل إن كان هناك تفسير علمي لذلك.. فلماذا نحلم؟
التجارب والفرضيات في وجه تفسير الأحلام:
سابقًا كان يُعتقد بأنَّ الأحلام ترتبط بموجات الدماغ و"حركة العين السريعة REM"، فتتحرك عينا الشخص يُمنةً ويُسرةً في أثناء دورة النوم، ولكن لاحقًا اتضحَ أنَّ أمواج الدماغ لا تؤثر في الأحلام، فجرَّب العالمان الدكتور كريك Crick والدكتور ميتشون Mitchison تجارب تؤكد أنَّ الأحلام هي مجرد اتصالات بالدماغ، وتَحدُثُ لأي شخصٍ بوصفه أَمراً روتينياً في نهاية اليوم، وبذلك فإنَّ الدافع الأساسي للحلم ليست الرغبة النفسية وإنَّما التكوين العصبي، ولكن ما يحدث في الأحلام يرتبط ارتباطًا كليًا بالحالة النفسية.
لذلك أُجرِيت التجاربُ العلمية لدراسة هذه الظاهرة، فتطوعَ أشخاصٌ لأداءِ هذه المهمة، واختبر العلماء ال REM في أثناءَ نومهم، وسرعان ما يدخل الشخص في حالة ال REM، فيوقظهم الباحثون ويتضحُ لهم أنَّ 80% من المتطوعين ذَكروا أنَّهم كانوا يحلمون في اللحظة التي أُوقِظوا بها، وذلك يؤكد أنَّ الREM هي النقطة التي تبدأ عندها الأحلام. وعن مضمون الحلم، اعتقد المحللون النفسيون أنَّ ما يجري في أثناء الحلم هي حالات لا شعورية ناتجة عن العقل الباطني، وتعكس ما بداخل العقل الباطني لكل شخص، وبذلك فإنَّ تحليل مضمون الحلم يساعد الفرد على التخلص من الصراعات الداخلية التي يتعرض لها.
من ناحية أخرى كان للطبيب ألان هوبسون Allan Hobson- الحاصل على دكتوراه في الطب، وهو طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد، ومدير مختبر الفيزيولوجيا العصبية في مركز ماساتشوستس للصحة العقلية- رأيٌ مختلف عن ارتباط الأحلام بالحالة النفسية، وأكد على أنَّ الأحلام هي ردود فعل ناتجة عن تحفيز النظام العصبي، يفسرها الدماغ على أنَّها صور غريبة وغيرها من الهلوسة الحسية، ويضيف هوبسون: "المحللون النفسيون يريدون أن يعتقد الناس أنَّ بإمكانهم تفسير الأحلام واكتشاف المعاني العميقة التي هي في صميم عملية الحلم، أنا فقط لا اعتقد أنَّ هناك أي سبب علمي للاعتقاد بذلك".
دعونا نناقش الآن كيف أدى التطور التكنولوجي إلى نظريات أكثر ارتباطًا:
"نظرية التفعيل التوليفي The activation-synthesis hypothesis":
لنفترض أنَّ الأحلام ليس لها أي معنى جوهري، وإنَّما تحدث بسبب النشاط العشوائي للدماغ الذي يختبر تجارب الحياة العشوائية، وينقلها صورًا أو مشاهدة، ونحن نريد أن نفهم هذه الصور لذلك نحاول تحويلها إلى سرد.
نظرية محاكاة التهديد"threat simulation theory":
والتي تفترض أنَّ الأحلام تضعنا في حالات تجعلنا جاهزين لمواجهة مواقف الحياة الحقيقية، وتُعدُّ نوعًا من الأداة التطورية لإعدادنا للوقوف أمام التهديدات.
لا توجد إجابة نهائية إلى الآن:
لم تعطِ التجارب أيَّة دلائل أو علامات كافية، فقد أجرت جامعة روما (كما ذكرت مجلة العلوم العصبية) تجربةً تضمنت 65 طالبًا متطوعًا، وطُلِب منهم النوم على فترات، وبكل فترة يستيقظون بها يسجلون أحلامهم في مذكرة ما.
انتهت التجربة بنتائج تُوضح أنَّ استيقاظ الطلاب في أثناء مرحلة الريم تساعدهم على تذكر أحلامهم على نحوٍ أكبر، وأثبتت أنَّ الأحلام مرتبطة تمامًا بالذكريات ويعود السبب إلى نشاط الفص الجبهي لبناء الذكريات واسترجاعها في أثناء الحلم.
ولأنَّ دراسة واحدة لا تكفي؛ نظرَ الفريق ذاته من الباحثين في الأحلام العاطفية على وجهٍ مكثف، وباستخدام آلة التصوير بالرنين المغناطيسي، وجدوا أن اللوزة (متصلة بالعاطفة والذاكرة) والحصين (متصل الذاكرة) كانا يعملان بنشاط في أثناء الأحلام، وهذا يبشر بالخير في الإيحاء بأنَّ أحلامنا في الواقع لديها ما يربطها مع تجارب حياتنا.
مرةً أخرى، دراستان لا تثبت بالضرورة أي شيء، ولكن يبدو أنَّ العلماء يقتربون قليلًا من الإجابة عن هذا السؤال الذي طال انتظار الإجابة عنه.
وأنت عزيزي القارئ ما هي أغرب الأحلام التي راودتك وشعرت أنَّها مرتبطة بواقعك؟
المصادر:
1. هنا
2. هنا