مشاركات سوريا والدول العربية على محرّك البحث العلميّ الأوّل في العالم Pubmed
منوعات علمية >>>> منوعات
يُعدّ Pubmed خزّان علومٍ كبير مؤلّف من أكثر من 19 مليون مقالٍ علميٍّ، يُراقب من قبل علماءٍ مختصّين وتُقبل إليه المقالاتُ والبحوث المنشورةُ في مجلّاتٍ عالمية بمستوياتٍ محدّدة. تمّ إطلاقه عام 1996 ولكنّه يحوي مقالات تعودُ إلى عام 1879.
المساهمةُعلى Pubmed تكادُ تتناسبُ طرداً مع مدى اهتمام الدول والمجتمعات بالبحوث العلميّة. يقدّم الموقعُ خدمة البحثِ عن عدد المقالات المقدّمة من دولة معيّنة عن طريق البحث عن اسم دولة المؤلّفين أو العلماء المساهمين في المقالات العلميّة.
في مقالنا هذا، تمّ البحث عن مساهمات سوريا والدول العربيّة وبعض الدول الأخرى. والهدفُ من ذلك توعيةُ التجمّعات العلميّة العربيّة لموقعها الحالي من منظارٍ عالميٍّ. مثال: لمعرفة عدد المساهمات من سوريا، استُخدِمَ الأمر التالي: Syria [affiliation] و Syrian Arab Republic [Affiliation].
مساهمات الدول العربية مرتّبة من الأكثر إلى الأقل:
33641 مصر
33468 السعودية
14017 لبنان
9239 تونس
7925 الأردن
6116 الكويت
4901 المغرب
4406 الإمارات
3521 عمان
2303 العراق
2109 الجزائر
1060 سوريا
1051 البحرين
846 ليبيا
814 فلسطين
696 اليمن
51 الصومال
41 موريتانيا
مساهمات بعض الدول الأخرى:
6896251 الولايات المتّحدة الأمريكيّة
937675 اليابان
816486 الصين
771345 بريطانيا
685910 ألمانيا
523686 فرنسا
502801 كندا
305453 إسبانيا
290798 الهند
185120 البرازيل
154900 تركيا
51517 روسيا
6204 كوبا
2739 زمبابوي
- سوريا على Pubmed:
تعودُ المشاركةُ السوريّة الأولى لعام 1933 ببحثين علميّين من الجامعة الأمريكية في بيروت، وتمّ استخدام سوريا كبلدٍ للمؤلّفين الأمريكيين تورنر و دينس، وكان بحثُ تورنر بالمشاركة مع جامعة كولومبيا الشهيرة في نيويورك. فيما كانت المشاركةُ السوريّة الأولى كبلدٍ لمؤلّف سوريّ عام 1988 للدكتور سامي قباني، بشّور والياس حنّا بالتعاون مع مشفى سانت ماري في كاليفورنيا، الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وتمّ نشرها في مجلة معهد تكساس القلبي (صورة 1):
Image: Pubmed
Image: Pubmed
أمّا سوريا كبلدٍ، فتمّ ذكرها أوّل مرّةٍ في عام 1892 بورقةٍ بحثيّةٍ نُشرت في المجلّة البريطانيّة الطبّيّة عن انتشار الكوليرا في سوريا، وذلك بمساهمةِ الدكتور بشارة مناسة أحدُ عمالقةِ الطبّ في جبل لبنان في ذلك الوقت. (صورة 2):
Image: Pubmed
كما ذُكرِت سوريا في مقال "الجراحة في سوريا" عام 1934 والذي نُشِرَ في مجلّة Annals of Surgery الشهيرة، وكتبهُ الدكتور أمين خير الله من لبنان أيضاً. حيث وثّق خير الله حالاتٍ جراحيّة تُعالج في مشفى الجامعة الأمريكيّة في بيروت، وشكر كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة على تقديم المعدّات الطبّيّة الحديثة وتوفير المختبرات. وذكر خير الله في مقاله: "الأطبّاء السّوريون اليومَ يمكنهن السفر والتعرّف على أكثرِ المراكزِ الطبّيّة تقدّماً في العالم، وانتقلوا من مجرّد ناسخين للعلم إلى موثّقين لحالاتهم الطبّيّة الخاصّة ومنتجين للبحوث العلميّة".
Image: Pubmed
- عبر السنين:
بلغت مساهماتُ سوريا حتّى عام 2000 أقل من 100 مقالٍ علميٍ. تلى ذلك حوالي 900 مقالٍ حتّى عام 2015. بينما بلغ عددُ مساهماتِ لبنان حتّى عام 2000 أكثر من 4500 مقال. حالياً، يقدّم لبنان للعلم 14 ضعف عدد المقالات المقدّمة من سوريا، ويحتلّ المرتبة الثالثة بعد مصر والسعودية. يُشار إلى أنّ الدول العربية أجمعها تقدّم أقل من المحصولِ العلميّ التركي، الذي بدورهِ يبلغُ نصفَ المحصول العلميّ الهندي، ويبلغ الأخير نصف المحصول العلميّ الألماني وربع المحصول الياباني. فيما تأتي الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالمرتبة الأولى عالميّاً ببحوثٍ علميّة تبلغ بمجموعها أكثر من 6 ملايين و800 ألف مقالٍ علميّ.
في النهايةِ، تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ هذه الإحصائيّة لا تأخذُ بالحسبان الأطبّاء العرب المقيمين خارج دولهم، ممن يقومون بالأبحاث العلميّة مستخدمين دول إقامتهم الجديدة وجامعاتهم أو معاهدهم الأجنبيّة لتوثيق مقالاتهم.
- البحثُ العلميُّ في سوريا والعالم العربي في مراتب متأخّرة عالميّاً. فما العمل؟
على مرّ العصور، اشتُهرَ العربُ بترجمةِ البحوثِ العلميّةِ من حضاراتٍ أخرى أكثر من اشتهارهم ببحوثهم العلميّة الخاصّة. شخصياً، أعتقدُ أنّه أمرٌ مهمٌ للغايةِ لنشر آخرِ اكتشافات الحضارات الأخرى واختراعاتها. ولكن يبقى الطرفُ الآخرُ في المعادلة ضعيفاً: ما حاجةُ الحضارات الأخرى لنا؟
قد تكون دراسةُ الطبّ باللّغة العربيّة أمراً مميزاً وجيّداً، ولكنّه يحدّ من تواصلنا مع الباحثين والأطبّاء في أنحاء العالم. نعلمُ أنّ اللّغة الإنكليزيّة هي لغةُ العلم، والعديد من البلدانِ تدرّس الطبّ والعلوم باللّغة المحلّيّة، ولكنّها إن أرادت تعريف بقية أنحاءِ العالم بعلومها فالترجمة إلى الإنكليزيّة لا مفرّ منها. لماذا إذاً لا تُترجم البحوثُ العلميّة السوريّة -على قلّتها- إلى اللّغة الإنكليزية وتُنشر في مجلّاتٍ محكّمةٍ عالميّاً؟
- من منّا يملكُ الإجابةَ على الأسئلة التالية:
كم تبلغ نسبةُ المدخّنين في سوريا؟ هل تغيّرت في السنوات العشرة الأخيرة؟ نسبة السكان الذين يعانون من آلام الظهر؟ الذين يمارسون الرياضة يوميّاً؟ ما هو معدّل البدانة في سوريا؟ ما تأثيرها على آلام الظهر؟ كم كيلو غرام يجب أن نخسر للتخلّص من ألم ظهر ناجم عن البدانة؟ عشراتُ الأسئلة وآلافُ المعلومات تحتاجُ إلى بحوثٍ علميّة لتوثّق بأُسسٍ علميّة وإحصائيّة صحيحة.
كم عدد طلّاب الماجستير والدكتوراه الذين يهمّون بالبدءِ ببحوثهم ورسالاتهم، ويتفاجؤون بعدم وجود قواعد بيانات لبحوثهم؟
أبسط من ذلك؛ عندما نكتبُ مقالاً علميّاً باللّغة العربيّة، هل نضع فاصلة مباشرةً بعد الكلمة، أو نترك فراغاً ،؟ ماذا عن النقطة.؟ هل يجب وضعها قبل الاستفهام أم بعدها؟. وهل نضع فراغاً بعد حرف العطف؟
لا تزال العديد من التفاصيل العلميّة والأدبيّة البسيطة غير متفقٍ عليها وبدونها لا نستطيعُ البدءَ ببحوثِ علميّة منسّقة.
- إذاً، من أين نبدأ؟
من المعهد، الجامعة، أو المشفى. صمّم دراستكَ وبحثكَ الخاص، ابدأ بطرحِ سؤالٍ معيّنٍ وحاول الإجابة عليه بتجميع البيانات والمعلومات المناسبة. اضغط على أساتذتك والمشرفين عليك، اطلب من رؤساء الأقسام والوكلاء العلميين المساعدة. اطلب التواصل مع جامعات ومراكز علميّة أجنبيّة للقيام بدراساتٍ مشتركة.
- أخيراً، هل تساءلت يوماً ما لماذا يتحرّك العالم ويتأثّر لكارثةٍ تحدثُ في الغرب، بينما تحدثُ ذاتُها في مكانٍ آخرَ من العالمِ دون أن تستحوذَ على ذاتِ الاهتمام الإعلاميّ والاجتماعيّ؟
ببساطةٍ، لأنني أكتبُ على كومبيوترٍ أمريكيّ! وأنت تقرأُ من هاتفٍ صُنع في أوروبا بعد بحوثٍ علميّةٍ مكثّفة لفريقٍ يحوي على مهندسٍ فرنسيٍّ وعالمٍ صيني ومديرٍ بريطاني! إذا توقّفت البورصةُ في شارعٍ من شوارع نيويورك لعدّة أيّام قد يصبح آلافُ البشرِ في العالم بلا عملٍ بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر. إذا توقّفت إحدى الشركات الطبّيّة الألمانيّة عن العمل لشهرٍ قد يصبح مئات آلاف الأطفال في إفريقيا بلا دواءٍ.
ألقي نظرةً من فضلكَ على الجدول الثاني في الأعلى، تخيّل توقّف اليابان عن العمل، هذا يعني أنّ الكرة الأرضيّة ستخسرُ قرابةَ المليون بحثٍ علميٍّ في السنواتِ المئة القادمة، ماذا قد تحوي هذهِ البحوث؟ الجواب: تصميمُ سفينةٍ فضائيّة، دواءٌ جديدٌ للسرطان، القضاءُ على السّكّريّ، طائرةٌ شخصيّةٌ صغيرة تركنها في كراج منزلك. ببساطةٍ أكثر، عندما تحدثُ كارثةٌ معيّنة في أي جزءٍ من العالم، توقّف للحظة واستعرض ماذا يقدّمُ الجزءُ المنكوبُ من العالم للكرة الأرضيّة اليوم علميّاً، صناعيّاً أو مادياًّ. بمقدار ما يقدّم، سيحصلُ على اهتمام.
أعتقد أنّك تملكُ الآن جوابَ السؤال: لماذا مأساةُ البلد الذي قدّم 1060 بحثٍ علميٍّ في المئة سنة الأخيرة لا يستهوي حلّها أحد.