ما هو الكوكايين؟ - الجزء الأول
الكيمياء والصيدلة >>>> سلسلة المواد المخدرة
الكوكايين هو عقار قديم وجديد بنفس الوقت، فهو كان معروف عند الناس يللي عاشوا بالحضارات المغرقة في القِدم بأميركا الجنوبيّة، وكانوا يمضغوا أوراق نبات الكوكا ذات الخواصّ المنبّهة للجملة العصبية بشكل روتيني سواء أثناء قيامون بنشاطاتون اليوميّة، او بالاحتفالات والطقوس الدينيّة.
أمّا بالولايات المتّحدة فكان الظهور الأوّل للكوكايين بالمجتمع في ثمانينات القرن التاسع عشر (1880s) باعتباره مخدّر موضعي، وبعد مدّة قصيرة صاروا الناس يستخدموه كدواء بالبيوت، وكانت تتمّ إضافته لمشروب الكوكا كولا (ومن هون اشتقّ المقطع الأول من اسمه) وللعديد من أنواع النبيذ.
لمحة تاريخيّة:
جرى استخلاص الكوكايين النقيّ للمرّة الأولى من أوراق شجيرة الكوكا Erythroxylon coca، التي تنمو بشكل رئيسي في البيرو وبوليفيا، في منتصف القرن 19.
في بدايات القرن العشرين، أصبح الكوكايين الدواء المنبّه stimulant الرئيسي المستخدم في معظم الأكاسير والمشروبات المقوّية tonics لمعالجة مجموعة متنوّعة من الأسقام. واليوم يصنّف ضمن أدوية الجدول الثاني Schedule II drug، نظراً لامتلاكه قابليّة عالية للإدمان أو إساءة الاستخدام abuse، ولكن يُسمَح بإعطائه من قبل الأطبّاء للاستخدامات الطبّيّة المشروعة، مثل التخدير الموضعيّ لبعض الجراحات العينيّة والأذنيّة وفي الحنجزة (وهي استخدامات نادرة، وتعتمد على الأشكال التخليقيّة من الكوكايين، مثل دواء Novocain).
أشكال الكوكايين وطرق تعاطيه routes of administration:
يوجد شكلان أساسيّان للكوكايين: المسحوق وصخر الكوكايين.
أ) مسحوق الكوكايين cocaine powder: عموماً يُباع الكوكايين في الشارع على شكل مسحوق بللوري أبيض ناعم. يقوم التجّار عادةً بتخفيفه (كطريقة لزيادة أرباحهم بتقليل تركيز المادّة النقيّة في الكمّية المباعة) بخلطه بموادّ غير فعّالة، مثل نشاء الذرة ومسحوق التالك talcum والسكّر والمانيتول، أو مع أدوية فعّالة مثل البروكين procaine (وهو مبنّج موضعيّ قريب من الكوكايين من الناحية الكيميائيّة) أو مع مبنّج موضعي آخر هو lignocaine (له تأثيرات قلبيّة)، أو مسكّن ألم يدعى phenacetin (لم يعد متوافراً للاستخدام البشريّ بسبب الضرر الذي يُلحقه بالكليتين)، أو يُخلَط مع موادّ أخرى ذات خواصّ منبّهة كالكافيين والأمفيتامين.
وجدير بالذّكر أنّ درجة نقاء مسحوق الكوكايين المُباع في الشارع لا تتعدّى غالباً 25%، كما أنّ إضافة الموادّ أو الأدوية الفعّالة له يكون بهدف خداع المستخدم وإيهامه بأنّ درجة النقاء أعلى ممّا هي في الحقيقة (الأثر المبنّج الموضعيّ للأدوية والأثر المنبّه الشبيهَين بتأثيرات الكوكايين).
ب) صخر الكوكايين Cocaine Crack:
هو اسم الشارع (الاسم الشائع) الذي يشير إلى الأساس الحرّ freebase للكوكايين الناتج عن معاملة الشكل المسحوق (هيدروكلوريد الكوكايين) إلى مادّة قابلة للتدخين.
- يقوم الأشخاص غالباً بتعاطي الكوكايين بإحدى الطرق التالية: فمويّاً، بالحقن الوريدي، بالاستنشاق (تدخين)، عن طريق الأنف intranasal (بالشمّ sniffing).
يعتمد بدء تأثير العقار ومدّة دوام مفعوله duration of action على طريق الإعطاء. فتدخين المادّة مثلاً يسمح لها بالوصول إلى الدماغ بسرعة أكبر من الطّرق الأخرى. لذلك يعطي تدخين الأساس الحرّ من الكوكايين (الصخر) نشوة high قويّة وآنيّة (حوالي 10-15 ثانية)، ممّا يزيد من قابليّة هذا الشكل للإدمان بدرجة كبيرة مقارنةً بالمسحوق، حيث تكون المدّة اللازمة لبدء التاثير بطيئة نسبيّاً بعد شمّه، ويمكن أن يدوم أثره بين 15 و 30 دقيقة، في حين يدوم أثر الكوكايين عند تدخينه (الصخر) من 5 إلى 10 دقائق فقط، وهذا عامل آخر يزيد من قابليّته للإدمان، فكلّما انخفضت مدّة دوام التأثير أو المفعول للمادّة زادت قابليّة الشخص ليطلبها بتواتر أسرع ويشعر بحاجته إليها، أي بداية الطريق نحو الإدمان (وهذا شبيه إلى حدّ ما بمشكلة إدمان أدوية البنزوديازبينات- ذات التأثير المهدّئ- قصيرة المفعول بسرعة وسهولة أكبر من البنزوديازبينات متوسّطة أو مديدة المفعول).
كيف ولماذا يؤثّر الكوكايين على الدماغ؟
الكوكايين هو منبّه قويّ للجملة العصبيّة المركزيّة CNS stimulant، يسبّب إفراز كمّيّات زائدة من الدوبامين dopamine في الدماغ. هناك علاقة تربط بين الدوبامين (الناقل العصبيّ ذي الصّلة بالسعادة والحركة والنّشاط) وبين نظام المكافأة reward system في الدماغ........تعود قابليّة الإدمان للكوكايين بوجه خاصّ إلى قدرته على تبديل إحساس الدّماغ بالمكافأة والعقاب (المقصود بنظام المكافأة: مجموعة من البُنى العصبيّة الموجودة في الدماغ، التي تتواسط تعزيز سلوك ما أو تشجيعه. ويكون هذا المعزّز للسلوك- أي المكافأة- هو شيء أو شعور ما، عندما يتمّ تقديمه بعد القيام بالسلوك فإنّه يسبّب زيادة احتماليّة تكرار هذا السلوك. ومن الأمثلة على هذه المعزّزات: الطعام والمخدّرات، ومنها الكوكايين، وكذلك الموسيقا الجميلة والمال...وغيرها، وهي تثير مركز المتعة في الدماغ وتزيد إفراز الدوبامين)
- يؤدّي تراكم الدوبامين في الدماغ إلى التحفيز المستمرّ لإحساس المكافأة في الدماغ، إلى أن تزول تأثيرات العقار. وهذا يفسّر لنا لماذا يختبر متعاطوا الكوكايين مشاعر النشوة والبهجة طالما كانوا تحت تأثير المخدّر، ومن ثَمَّ تجتاحهم الرّغبة الشديدة بتناوله مجدّداً حال زوال مفعوله من الجسم.
تابعونا كل تلاتا وخميس على الهاشتاغ
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا