أن نتنبأ بحدوث السرطان وبنقائله قبل ظهورها! ربما أصبح ذلك واقعًا
الطب >>>> مقالات طبية
وقد أنتجت مشاريع جينومية كبيرة توصيفاتٍ جزيئية لآلاف الأورام، جاعلةً التصنيف الجهازي للسرطان المعتمد على الجزيئات ممكنًا.
يتضمن التحليل الجينومي تسلسلًا لمتواليات الـ DNA الكامل الجينوم، وتحليل تعبير الـ RNA، وتنميط تعديل الـ DNA التي تدعى المثيلة، وهي التي من الممكن أن تؤثر في التعبير الجيني.
ومن المتوقع أن تُسهم عملية مثيلة الـ DNA في المساعدة في تشخيص عدد كبير من السرطانات؛ إذ وصلت قدرتها على التنبؤ بالنسيج السرطاني بما يقدر ٩٥٪، ثم إنها تساعد على تحديد نوع السرطان، خاصة في الحالات المترافقة مع عدم كفاية كمية وجودة الأنسجة من أجل التشخيص النسيجي؛ إذ إن عملية مثيلة الـ DNA تتطلب كمية قليلة من النسيج لأجل الحصول على الـ DNA المطلوب، وهذا يسمح باستخدام عينات من خزعات قليلة الجودة.
ومن أجل اكتشاف فائدة مثيلة الـ DNA في تشخيص السرطان؛ قُيِّم استخدام مثيلة الـ DNA للتمييز بين الأورام والنسج السليمة المطابقة، وذلك من أجل أربع سرطانات شائعة (الثدي، والقولون، والكبد، والرئة).
لُوحظَت اضطرابات كبيرة في مثيلة الـ DNA في السرطان، وأيضًا رُبطَت نماذج مثيلة محددة مع التعبير الجيني في جينات معروفة بأهميتها في بيولوجيا السرطان، وملاحظة قدرتها على إحداث تغيرات في التنظيم الجيني؛ مما يؤدي إلى تعزيز التنشؤ الورمي.
وفي إحدى الدراسات التي كانت على نمط السرطان غير الغازي؛ إذ يدعى السرطانة في الموقع (CIS) الذي يصيب الرئة؛ كانت بعض حالات CIS قابلةً لأن تترقى لتصبح نمطًا غازيًّا من سرطان يُدعى (سرطانة حرشفية الخلايا الرئوية) أو LUSC .
حلَّلَ العلماء عينات من CIS وحددوا مجموعة من التغيرات الجينومية التي يمكن استخدامها للتنبؤ إذا كان من المحتمل أن يترقى CIS ليصبح ورمًا غازيًّا؛ إذ لُوحِظَ مجموعة جزئية من نمو CIS، إما تطورت لـLUSCوإما تراجعت إلى مظهر طبيعي. وترافق ذلك مع وجود طفرات وتعديلات في عدد نسخ بعض الجينات لدى العينات المترقية أكثر من العينات المتراجعة.
وعلى عكس العينات المتراجعة؛ كانت تقريبًا كل العينات المترقية تحتوي طفرات في الجين (TP53)، وهو جين كابح للورم.
إضافةً إلى أن العينات المترقية كانت تحتوي نمطًا واضحًا من التضخيم الصبغي والحذوفات من تسلسل المتواليات التي كانت موجودة في السرطانة الحرشفية الخلايا بكثرة أيضًا، في حين كانت العينات المتراجعة تفتقر إلى هذه الشذوذات الصبغية كثيرًا، ثم إن نماذج مثيلة الـ DNA في أغلب عينات CIS المتراجعة تشبه النماذج في الخلايا الرئوية الطبيعية، أكثر من النماذج في الأورام المترقية.
ولم تقتصر هذه الدراسة على سرطانات الرئة؛ بل امتدت لتشمل إمكانية تطور CIS لسرطانة غازية في سرطان الثدي أيضًا؛ إذ كانت حالات نمو CIS في المنطقة القنوية للثدي تمتلك أنماط التغيرات المماثلة للأنماط الموجودة في أورام الثدي الغازية.
إضافةً إلى هذه الدراسات؛ حُددت الطفرات المعروفة بتعزيزها لتطور سرطان الجلد (الميلانوما) وسرطان المريء في عينات من الجلد والمريء الطبيعي أيضًا.
وتمتلك هذه الدراسات فائدة واضحة في التشخيص؛ وذلك بواسطة تحليل المناطق المصابة بالنقائل، خاصة عندما يكون الورم من نمط سرطان أولي غير معروف؛ مما يُساعد على تحديد العلاج واختياره؛ إذ تحققت إحدى الدراسات من فائدة استخدام مثيلة الـ DNA؛ من أجل تشخيص النقائل السرطانية إلى الكبد والرئة؛ وذلك بواسطة تحليل ٣٠ نقيلة من سرطان القولون إلى الكبد و٣٤ نقيلة من سرطان القولون إلى الرئة.
والنتيجة كانت بأن عملية المثيلة قادرة على تشخيص ٢٩ نقيلة من القولون إلى الكبد من أصل ٣٠ بطريقة صحيحة، وتشخيص ٣٢ نقيلة من القولون إلى الرئة من أصل ٣٤ بطريقة صحيحة أيضًا، وتدعم هذه الموجودات احتمالية استخدام مثيلة الـ DNA في تطوير عملية تشخيص النقائل الورمية، إضافةً إلى السرطانات البدئية.
فضلًا عن استخدامات عملية المثيلة الآنفة الذكر؛ تمتلك عملية مثيلة الـ DNA احتمالية في تحسين النتائج؛ لأن تقديم تشخيص دقيق هو أمر أساسيٌّ في اختيار العلاج.
يُعدُّ التشخيص الدقيق للسرطان بناءً على تحت أنماط نسيجية إضافةً إلى الواسمات المحددة نسيجيًّا والكيمياء النسيجية المناعية؛ من العوامل الأساسية لتحديد العلاج الأمثل وللتنبؤ بالبقيا.
أظهر تطبيق عملية المثيلة في تحديد الإنذار قدرةً على تحديد مجموعات فرعية للمرضى ذوي الإنذار السلبي والإيجابي، وفي تفريق المجموعات المنخفضة الخطورة عن المجموعات العالية الخطورة.
ويعتمد إنذار الورم على الواسمات الحيوية الجينومية التي تقيس التغيرات الجينية والتعبير الجيني وتعديلات التخلق المتوالي، ويبقى علم الأنسجة أداة مهمة في تنبؤ مرحلة المرض المستقبلية.
وقد عكست المعلومات المرتبطة بالنمط الظاهري في علم الأنسجة تأثيرًا في التغيرات الجزيئية في سلوك الخلية السرطانية، وتعطي معلومات واضحة عن عدوانية المرض.
وأيضًا بُحِثَ عن ماهية التغيرات الجزيئية التي تُشارك بواسطة السرطانات التي تنشأ من أنسجة مختلفة، وفيما إذا كانت أنواع المرض الفرعية المعروفة سابقًا ذات أنسجة متعددة المنشأ.
وتزودنا هذه الأبحاث بمعلومات إنذارية سريرية مستقلة مرتبطة بمرحلة الورم ونسيج المنشأ البدئي.
كل هذا يثبت أن تراكم التغيرات الجينومية يتطلب وقتًا من أجل تطور السرطان إلى الشكل الغازي. وتقترح هذه الدراسات أنه من المحتمل أن نحمل جميعنا الطفرات المساهمة بالسرطان في النسج المتظاهرة طبيعيًّا.
ومُستقبلًا، فإن الحالات محتملة التسرطن، وهي التي تبدو متشابهة تحت المجهر، ومن الممكن أن تُقيَّم في مرحلة جزيئية لتُقدَّر احتمالية ترقيها لسرطان غاز بأسلوب دقيق.
(DNA methylation) أومَثيلة الـ DNA؛ هي عملية تضاف فيها مجموعات الميتيل إلى جزيء الـ DNA، وتتمكن هذه العملية من تغيير نشاط قطعة الـ DNA دون تغيرٍ في تسلسل المتواليات.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا