التنجيم محكوم عليه بالعلم الزائف
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
- تاريخ التنجيم
ظهر التنجيم منذ القِدَم مع نشوء حضارة بابل القديمة؛ إذ اعتمد على مشاهدة الكواكب ومراقبة حركاتها. ووُجِدت الأبراجُ الاثنا عشر التي كانت جميعها على طول مسار الشمس السنوي، وسُمِّيت نسبة إلى موقعها من الشمس.
لاحظ العالم الفلكي الإغريقي هيبارشوس Hipparchus في القرن الثاني قبل الميلاد تغيرًا بسيطًا جدًّا في الفضاء؛ وذلك نتيجةَ الحركة المُتذبذبة لِمحور الأرض التي تُسببها جاذبية القمر غالبًا. وسُمِّيت هذه الحركة بالاستباقية، وتستغرق 26000 سنة لانحراف محور دوران الأرض تدريجيًّا؛ لتغير موقع النجم الشمالي (لا نلاحظ هذا التغير لأنه صغير جدًّا، فتكتمل الحركة كل 26،000 سنة دورةً كاملةً)، فقد كان النجم ثعبان Thuban من مجموعة دراكو Draco قبل 4800 سنة هو النجم الشمالي. أما الآن فالنجم بولاريس Polaris هو الذي يقطن بالقرب من الشمال، ولكن نتيجة الحركة البطيئة لمحور دوران الأرض سيكون القطب الشمالي بعد مرور 2000 سنة بعيدًا عن بولاريس أيضًا. كما هو موضح:
Image: SYR-RES
وبحلول القرن الميلادي الأول أصبح التنجيم إغريقيًّا وأخذ الشكل المُتعارف عليه في يومنا هذا، ودرس اليونانيون مواقع الشمس والقمر والكواكب، ووضعوا عدة مجموعات من الفرضيات المُعقَّدة التي ترتبط بمسارات الكواكب وتأثيراتها فينا وبالظواهر الأرضية. ولكن لم يكونوا على علم بكوكب أورانوس ونبتون وبلوتو، فاكتُشف أورانوس عام 1781م، ونبتون عام 1846م، وبلوتو عام 1930م. ومع ذلك؛ بقيت الأبراج الفلكية كما وجدها الإغريق دون أية تغييرات على الرغم من انتماء كواكب جديدة إلى المجموعة الشمسية.
- افتراق علم الفلك عن التنجيم
يعود علم الفلك والتنجيم إلى الأصول القديمة نفسها؛ فقد جذبت حركة الكواكب والنجوم اهتمام الكثيرين منذ الأزل. ولكن مع تطورالوسائل العلمية؛ اتَّخذ علم الفلك مسارًا مُغايرًا عندما بدأ بالبحث عن الدلائل العلمية الواقعية لتفسير ما يحدث في الفضاء (الفلك)؛ فقد اعتُقد سابقًا أن الأرض هي مركز الكواكب. ومع تطور علم الفلك حُدِّدت مركزية الشمس وقِيست المسافات جميعها من كوكبنا إلى النجوم القريبة والبعيدة، وانفجرت الثورة الفلكية في النصف الثاني من القرن العشرين، وأحرزت تقدُّمًا هائلًا في مختلف المجالات العلمية.
أما التنجيم فلم يتغير منذ ظهوره ولا يزال يتحدث عن الأبراج ويحاول التنبؤ بالأحداث والمستقبل دون تحقيق أي تقدم علمي واضح.
- فرضيات التنجيم الخاطئة (التنجيم غير علمي)
يواجه المنجمون مشكلات كبيرة في المصداقية، حتى إن كنت تعتقد أن مواقع النجوم هي التي تُحدِّد حياتك؛ فالطرائق المستخدمة مبنية على فرضيات خاطئة؛ أولها هي أن عدد الأبراج الفعلية ثلاثة عشر بُرجًا وليس اثنا عشر. ووُجِد البرج الثالث عشر (الحواء Ophiuchus) منذ مئات السنين، ولكنه ظلَّ بُرجًا منسيًّا عند المُنجِّمين لعدم توافقه مع رغباتهم.
المشكلة الثانية هي الحركة الاستباقية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة؛ فتأثير هذه الحركة لا يقتصر على موقع النجوم في القطب الشمالي فقط؛ بل يؤثر في مواقع الأبراج أيضًا؛ إذ إن تحديد برجك حسب تاريخ ميلادك يعتمد على مواقعهم من الشمس قبل 2000 سنة. ولكن غيرت الحركة الاستباقية من مواقع الأبراج؛ فعلى سبيل المثال: يمر مسار الشمس من خط الاستواء في نقطة وجود برج العذراء في فصل الخريف، ولكن قبل 2000 سنة كانت نقطة مرور المسار هي برج الميزان؛ أي يتغير موقع الأبراج حوالي كل (2400-2200) سنة تقريبًا.
التنجيم غير قابل للاختبار. وعلى الرغم من ذلك؛ فإن المنجمين يتوقعون بعضَ الأحداث التي يمكن اختبارها على الواقع، ليأتي علم الفلك ويُبطِل صحتها بدوره، فإن إحدى سمات العلم المميزة هي اختبار الأفكار ومقارنتها مع الأدلة المتوافرة لإجراء التغيرات اللازمة عليها لتصبح صحيحة. أما التنجيم فلا يجري أيَّ تغيير على أفكاره.
ويسعى العلماء جاهدين في البحث عن الأدلة التي تُثبت صحة أفكارهم المُقترحة، وعند توصُّلهم إلى فرضياتٍ بديلةٍ أو مُغايرة لأفكارهم؛ يتخلون عن معتقداتهم الخاطئة. أما المُنجمون فلا يختبرون أفكارهم الفلكية بدقة، ولا يُحاولون إثباتها بالأدلة والحجج المنطقية، بل يستمرون في تنبؤ الأحداث وتحديد شخصياتنا بناء على فرضيات قديمة وخاطئة.
- أكثر الأسئلة الموجهة إلى المنجمين
لماذا لا يتفق المنجمون في توقعاتهم؟
انظر إلى صحيفتين مختلفين أو أيِّ موقع تنجيم إلكتروني؛ ستلاحظ اختلاف التنبؤات وتداخلها مع بعضها على نحو كبير.
هل يمكن أن يعمل المنجمون بطريقة معاكسة (العودة إلى ماضيك من معرفة حاضرك الحالي)؟ أي معرفة برجك وتاريخ ولادتك نسبة إلى حياتك الحالية وأحداثها التي يُفترض أنهم يتنبؤون بها حسب تاريخ ولادتك!
ماذا عن التوائم؟ في كثيرٍ من الأحيان تختلف حياتهم عن بعضها؛ فما سبب العشوائية هذه؟
ما التأثير الذي تؤديه الأبراج لتؤثر في حياتنا؟ هل هي الجاذبية؟ أم القوى الكهرومغناطيسية؟ أم قوى جديدة؟
إنَّ تأثير الطبيب الذي (أشرف على ولادتنا) أكبر من تأثير كوكب المريخ بنا؛ فالإشعاع الضوئي الصادر من المريخ يتلاشى قبل وصوله إلينا، والقوى النووية الضعيفة والقوية هي قوى قصيرة المدى. إذًا؛ ما هذه القوى المؤثرة؟ ولم لا يمكن اكتشافها؟
هل ينخفض تأثير الأبراج مع بعد المسافة؟ إن لم يكن كذلك؛ فماذا عن الكواكب الشمسية غير المُكتشفة؟ وماذا عن الكواكب الشمسية الإضافية؟ والكويكبات؟ والمذنَّبات؟
وهنالك مزيدٌ من الأسئلة والثغرات التي لا يمكن للمنجمين إيجاد أجوبة علمية عنها.
وأنتم أصدقائي؛ ما أكثر الأسئلة التي تراودكم عن المنجمين وتنبؤاتهم الوهمية؟ وهل تعتقدون أننا نستطيع الوصول يومًا ما إلى مجتمع خالٍ من الجهل وخرافات المنجمين التي يدَّعون بأنها علم الفلك؟
المصادر:
هنا
هنا
هنا